
سلطة الممثل الميداني.. كيف تدار المناطق اليمنية من خلف الستار؟” محسن الشوبكي خبير امني واستراتيجي
الشعب نيوز:-
بينما تتوجه الأنظار نحو الجبهات العسكرية، يبرز تساؤل أعمق حول السر الكامن خلف قدرة جماعة الحوثي على ضبط وإدارة المناطق الشاسعة الخاضعة لسيطرتها لسنوات طويلة. الحقيقة تكمن في وجود نظام إداري صارم يعيد للأذهان تجربة “حزب الله” في الجنوب اللبناني، ولكن بصورة أكثر شمولاً وتغلغلاً في مفاصل الدولة.
لقد نجحت الجماعة في وضع “ممثل ميداني” في كل مدينة وناحية، يمتلك وحده صلاحية اتخاذ القرار النهائي والبت في كافة القضايا. هذا النظام لم يأتِ من فراغ، بل استثمر بذكاء في حالة الضعف والفساد الإداري الذي عانت منه البلاد لعقود في عهد النظام السابق. لقد وجد المواطن نفسه أمام سلطة جديدة تدعي تقديم حلول لمطالب العيش الأساسية التي افتقدها طويلاً، مستغلةً فهماً دقيقاً للطبيعة القبلية والاجتماعية لليمنيين.
إن القوة الحقيقية اليوم تتركز في يد “المسؤول الأمني” وممثلي القيادة الذين يديرون الموارد ويجلبون الولاء والجبايات، في ظل غياب أي صوت معارض. هذا الواقع يشير إلى أن ما يحدث ليس مجرد سيطرة عسكرية مؤقتة، بل هو بناء نظام إداري موازٍ ابتلع مؤسسات الدولة التقليدية وجعل القرار السياسي والمالي والأمني مرتهناً بيد شبكة خفية من المشرفين، مما يضع مستقبل البلاد أمام واقع معقد يتجاوز الحلول السياسية البسيطة.