العمد يكتب: كلام في المحظور .. حديث عن الحكومة
الشعب نيوز:-
اللواء المتقاعد مروان العمد
قبل ان استكمل حديثي عن مخرجات لجنة تحديث المنظومة السياسية ، فلدي ما اريد ان اقوله عن الحكومة الحالية حتى لا يكون حديثي هذا متأخراً كثيرا .
وفي البداية انا لست ممن اعتادوا الحديث عن الحكومات سلباً او ايجاباً، احتراماً لارادة جلالة الملك الذي عينهم في مناصبهم، وان كان هذا لايعفيهم من نتائج اعمالهم في حال لم يجيدوا العمل ومحاسبتهم عليها. ورغم ذلك فقد كان في الحكومات السابقة ايجابيات لم يكن بامكاني الا الاشادة بها، وسلبيات لم يكن بامكاني السكوت عنها. وبينهما كان الكثير من التجني عليها لم يكن بامكاني التصدي له والدفاع عنها في حينها، وان حدث ذلك فبعد رحيلها حتى لا اظهر بمظهر شعراء السلاطين.
الا الحكومة الحالية فلها قصة اخرى، فأنني لم اجد ايجابيات لها اشيد بها، ولم اكن ارغب بالتحدث عن سلبياتها تقديراً مني للظروف التي اتت بها.
الا انه يمكني القول الآن بأنني لم اعد اشعر بوجود حكومة لدينا حتى اتحدث عنها سلباً او ايجاباً. بل انني لم اعد اشعر انه يوجد لدينا رئيس حكومة او وزراء حكومة يتصدون للقيام بمهامهم التي اناطها بهم جلالة الملك المعظم، الا من رحم ربي.
وكيف استطيع ان ادافع عنها، وهي حسب تقرير راصد لم تحقق سوى 14% من التزاماتها خلال السنة الاولى من عمرها، والذي شهد اربع تعديلات على تشكيلتها، الا اذا كانت هذه الالتزامات متمثلة بتمكنها من تعيين 65 شخصاً في المراكز القيادية والعليا. منهم فقط 13 شخصاً من خلال المسابقات التي نصت عليها القوانين والانظمة لاشغال هذه الوظائف. و52 عن طريق التعيين المباشر بموجب التعديل الذي ادخلته هذه الحكومة وجعلت من صلاحيات مجلس الوزراء تعيين شاغلي هذه المناصب بشكل مباشر من قبلها بالرغم من عدم توفر اي شرط من شروط اشغال هذه الوظائف لدى بعضهم، بل اكاد اجزم ان تقرير راصد غير دقيق، وان عشرة على الاقل من الثلاثة عشرة الذين عينوا عن طريق المسابقات كان قد تم تعيينهم قبل الاعلان عن خلو هذه المناصب، وقبل ان يتقدموا بطلبات لاشغالها. وكل ذلك من اجل تعيين المحاسيب والاقارب، ولاسكات بعض الاصوات المعارضة وعلى حساب اصحاب الاختصاص والكفاءات واصحاب الولاء الحقيقي والمجاني.
وكيف استطيع ان احكم عليها ورئيسها لا يظهر امام الناس حتى في اشد الملمات واقساها والتي تتطلب منه ان يتصدر المشهد وان يقود الدفة من وسط الميدان ليشعر المواطن بأن هناك من يتصدى للمخاطر التي يواجهها ليشعر بالامن والامان، وان هناك من يقوم بواجبات وظيفته الى جوار جلالة الملك.
يقول البعض إن رئيس الحكومة لا تستهويه الاضواء؟ وان كان الامر كذلك فلماذا لم يبقى في بيته بعيداً عن الاضواء وعن الاعين ايضاً. وهل يٌقبل ان يكون دولة الرئيس محكوماً لانفعالاته وعصبيته في حين انه يجب ان يكون الوعاء الذي يستوعب جميع ابناء الشعب ويتحمل حتى اخطائهم؟ الم يقتدي من جلالة الملك المعظم والهواشم في تصرفاتهم وحلمهم وعفوهم وتواضعهم؟
ولذا فسوف احصر حديثي عن هذه الحكومة من خلال ما قامت به، وما لم تقم به في مواجهة وباء كورونا فقط. لاني لا ارى ما يستحق الحديث عنه حولها غير هذا الموضوع الذي يمس حياة كل مواطن اردني. وخاصة على ضوء الزيادات المتصاعدة في اعداد الاصابات اليومية به حالياً.
وبداية اود ان اقول انني من انصار التشدد بالإجراءات لمواجهة هذا الوباء. ومن انصار التوسع بعمليات التطعيم لمعظم ابناء الشعب الاردني بهدف تحقيق المناعة الجماعية. ولكن على ان يكون تطبيق ذلك بمنتهى الشفافية والعدالة والوضوح. واعرف ان هذه الحكومة قد ورثت قانون الدفاع واوامره من الحكومة السابقة، وانها وجدت نفسها ملزمة للسير على نفس النهج. وبنفس الوقت فأنها وجدت نفسها ملزمة بالتخفيف من آثار اوامر الدفاع على المواطنين بالرغم من استمرار تواجد الوباء وواجبها في التصدي له. ولكن وللاسف الشديد فهي قد فشلت في إجراءات التخفيف، كما فشلت في الحد من انتشار هذا الوباء. وكان ذلك من خلال التعديلات المتناقضة على اوامر الدفاع وفشلها في تطبيقها على جميع القطاعات، الا على من لا يستطيعون الهروب من قبضتها.
كما وقعت هذه الحكومة بالكثير من حالات التخبط في التعليمات والتصريحات. ويكفي اننا في اليوم الواحد كنا نسمع الكثير من التصريحات المتناقضة من قبل اعضاء لجنة الاوبئة والتي من المفترض انها تجتمع معاً وتتخذ قراراتها معاً، وتعلن قراراتها بلسان واحد. وان لا يذهب بعد ذلك كل عضو من اعضائها الى وسيلة اعلامية ليصرح بتصريحات تخالف ما اعلن من قرارات، وحتى تخالف تصريحات زملائه الآخرين في هذه اللجنة.
اتفهم ان تحاول الحكومة التخفيف من الاضرار التي سببتها جائحة كورونا على المواطنين، بل ان واجبها ان تفعل ذلك ولكن بالعقل . واعرف واتفهم ان قطاع الفنادق والسياحة والترفيه هي اكثر القطاعات تضررًا من اوامر الدفاع . وان اي تخفيف من هذه الاوامر لم يطالها . واعرف وافهم ان اقامة نشاطات فنية وسياحية من شأنه التخفيف على العاملين في هذه القطاعات والترفيه على المواطنين الذين يرتادون هذه الاماكن بعد حرمان طويل . واعرف واتفهم ان هذا الامر كان مطلب الغالبية العظمى من المواطنين . واعرف واتفهم انه من هذا المنطلق وافقت الحكومة على اقامة مهرجان جرش وعلى الحفلات الفنية والغنائية التي اقيمت بعد ذلك والتي سوف يتم اقامتها مستقبلاً . واعرف ان الحكومة قد وضعت اشتراطات خاصة لكي تضمن سلامة من يحضر هذه الحفلات من المواطنين ومن احتمال اصابتهم بوباء كورونا وذلك من خلال اشتراط ان يبرزوا ما يثبت حصولهم على جرعتي لقاح ، او احضار فحص خلو من الكورونا لم يمضي عليه اثنان وسبعون ساعة . ولكن هل كان ذلك مطبقاً بحذافيره وعلى الجميع ؟ و هل كان ذلك كافياً للحيلولة دون احتمالية ان يتسبب ذلك في زيادة انتشار الوباء ؟ واين شرط التباعد ووضع الكمامات في التجمعات ؟ اين الابحاث الطبية التي تثبت ان متلقي اللقاحات عرضة للاصابة به مجدداً ، وان بعض الحاضرين من الممكن ان يكونوا حاملين للوباء وانه يمكن ان ينقلوه لغيرهم ممن حضروا هذه التجمعات ، والذين من الممكن ان ينقلوه لمن لم يحضروها ، ولم يتلقوا اللقاحات بعد ، ومن الممكن ان يؤدي ذلك الى اصابة بعضهم باعراض شديدة وقد تؤدي للموت . فهل اعتقد من وافق على اقامة هذه الفعاليات ان المشرفين عليها سيكونون قادرين على تطبيق شروط الوقاية على جميع الحضور والذين تفاعلوا مع هذه الفعاليات وكما شاهدنا جميعاً من خلال اشرطة الفيديو التي انتشرت ؟ . ثم اين دور الاجهزة الامنية في التواجد في هذه الاماكن والاشراف على تطبيق إجراءات الوقاية اللازمة ؟ وماذا عن الحفلات القادمة والمعلن عنها والتي لا زالت الحكومة مصرة على السماح باقامتها .
كيف سوف تقنع الحكومة المواطنين الغير ملتزمين بالاجراءات الوقائية والذين عادوا لاقامة تجمعاتهم ومناسباتهم كما كانت قبل الكورونا ، للعودة للالتزام بالتعليمات ؟
وكيف سوف تتمكن الحكومة من اقناع من ظلوا محافظين على الاجراءات الوقائية ان يستمروا على ذلك ، وهم يشاهدون ما يحصل في التجمعات التي سمحت الحكومة باقامتها .
ولنفترض ان ما تقوله الحكومة ان المهرجانات والاحتفالات التي سمحت باقامتها ليست مسؤولة عن زيادة عدد الاصابات ، اليس اعطاء المواطنين قدوة لعدم الالتزام بالاجراءات الوقائية نتيجة لما شاهدوه في هذه الاحتفالات ، سبباً في زيادة اعداد الاصابات بين المواطنين ؟
وكيف سوف تعالج الحكومة هذه الحالة ؟ وكيف سوف تستطيع اعادة اقناع المواطنين باتباع وسائل الوقاية الصحية وتطبيق سند اخضر والالتزام به ، هذا اذا عرف الجميع كيفية استخدامه ؟ . هل سيتم ذلك بزيادة قيمة الغرامات على المواطنين على ابواب رزقهم ، بحيث اصبحت غرامة سائق التكسي الذي لا يلتزم بالتعليمات مائة دينار ، وهو مبلغ يفوق ما قد يحصل عليه من دخل خلال عمل اسبوع على الاقل ومن اجل اطعام اطفاله ؟ فيما الذين شاركوا في المهرجانات والحفلات وخالفوا التعليمات لم يتم تغريمهم ولا محاسبتهم . كما لم يتم تغريم من اقاموا الاحتفالات واشرفوا عليها وتعهدوا بمراعاة جميع المتطلبات الصحية ولم يفعلوا ذلك .
اعود واكرر انني لست من انصار تخفيف إجراءات الوقاية من الوباء ، ولا حتى التهاون في تطبيقها . ولكني ضد الكيل بمكيالين وضد ان تقدم الحكومة نماذج متعارضة بحيث تتجاهل هي هذه الإجراءات في اماكن وتعمل على تشديدها في اخرى . الامر الذي يدفعني للتساؤل ، هل تسعى الحكومة الى ارضاء الشعب وخدمته والمحافظة على النظام ، ام زيادة حالة عدم الرضا بين المواطنين ؟
جميعنا نتحدث عن الاخطار التي تواجه الوطن والنظام . ولكن الخطر الحقيقي هو من انعكاسات مثل هذه التصرفات.