“أَبو مَرْوان الأُرْدُني”هَكَذا كانَ لَقَبُه بقلم/د.ريتا عيسى الأيوب

714
الشعب نيوز:-

أَبو مَرْوان الأُرْدُني”..هَكَذا كانَ لَقَبُه…
كَبُرْنا يا والِدي… وَما عادَت الحَياةُ كَما كانَتْ عَلَيْهِ… عِنْدَما كُنْتَ أَنْتَ فيها وَوالِدَتي…
كَبُرْنا… وَما عادَت رائِحَةُ ياسَمينَةِ الدّارِ تُدَغْدِغُ أَنْفي… كُلَّما هَمَمْتُ بِدُخولِ بَوّابَةِ بَيْتِنا في رام الله…
تِلْكَ الرّائِحَةُ التي كانَتْ تَمْلأُ صَدْري بِعَبَقِها الجَميلِ… عِنْدَما كُنْتُ أَنا صَغيرَتُكَ المُدَلَّلَة…
رائِحَةٌ… لا تُماثِلُها كُلُّ العُطورِ الباريسِيَّة… وَلا حَتّى أَعْوادُ البُخورِ الهِنْدِيَّة…
أَحاوِلُ أَنْ أَسْتَذْكِرَها الآنَ… وَأَنا في غُرْبَتي… إِلاَّ أَنَّها كُلَّ نِداءاتي تَأْبى…
فَهَلْ تُساعِدُني أَنْتَ بِاللهِ عَلَيْكَ… كَما كُنْتَ تَأْخُذُ بِيَدي دائِماً… بَلْ كُنْتَ تَأْخُذُني كُلّي بِنَجْدَتِكَ عَلى حينِ غِرَّة…
أَذْكُرُ كَلِماتِكَ الآنَ… أَنْتَ وَوالِدَتي… عِنْدَما كُنْتُما تُرَدِّدانِ… بِأَنَّ العِزَّ مِنْ بَعْدِ ذِهابِ الوالِدَيْنِ مَذَلَّة…
كَما وَأَذْكُرُكُما في غُرْفَةِ الجُلوسِ… تَتَصَفَّحا جَرائِدَ وَطَنِكُما الثاني فِلِسْطين… مِنْ بَعْدِ شَمالِ الأُرْدُنِّ… وَالذي مُنْذُ زَمَنٍ طَويلٍ… كُنْتُما قَدْ غادَرْتُما…
أَكْتُبُ إِلَيْكَ الآنَ يا والِدي… لِأَنَّني أَفْتَقِدُكَ كَثيراً… كَما وَأَنَّني أَرَدْتُ أَنْ تَذْكُرَكَ رام الله…
رام الله… والتي أَبَيْتَ أَنْتَ مُغادَرَتِها… عِنْدَ انْدِلاعِ حَربِ الأَيّامِ السِّتَة…
كَما وَأَنَّكَ قَدْ أَوْصَيْتَ بِأَنْ تُدْفَنَ بِها… مَعْ أَنَّكَ كُنْتَ مِمَّنْ يُحَبِّذونَ بِأَنْ يُدْفَنَ العُظَماءُ… بَلْ وَعامَّةُ النّاسِ… كُلٌّ في مَسْقَطِ رَأْسِه…
فَهَلْ تَذْكُرينَهُ… أَنْتِ يا رام الله؟ ذاكَ الذي كانَ يَجوبُ شَوارِعَ مَنارَتِكِ… بِحَطَّتِهِ العَرَفاتِيَّة…
هَلْ تَذْكُرينَ ذاكَ الجَميلَ بِمُحَيَّاهُ… وَالذي كانَ يُحيّي مُبْتَسِماً كُلَّ مَنْ عَلى شَوارِعِكِ قابَلَه…
قَدْ أَصْبَحَ لَكِ إِبْناً بارّاً… عَلى مَرِّ السّنينِ العَديدَةِ… التي عاشَها هُوَ بِكِ… كَيْ يُسانِدَ كُلَّ مَنْ طَرَقَ بابَه…
“أَبو مَرْوان الأُرْدُني”… هَكَذا كانَ لَقَبُه…

فيسبوك: ريتا عيسى الأيوب

قد يعجبك ايضا