الصحفي عبدالله بني عيسى يكتب .. أزمة الصحافة الورقية في الأردن
الشعب نيوز:-
أزمة الصحافة الورقية في الأردن، أزمة مركبة، ولا يمكن اختزال أسبابها بضعف إداراتها، ولا بالحكومة وتدخلها في السياسات التحريرية فقط، على أهمية هذين البعدين طبعاً. غير أن جذور الأزمة ليست محلية تماماً.
فالصحافة “التقليدية” في العالم توشك أن تنتهي إلى ما انتهى إليه “خيل الحكومة” في التراث المصري، حيث كانت الخيول تُعدم حين تشيخ، بعد سنوات من الكد والتعب، لأنها تتحول إلى عبء.
مهنة المتاعب، التي مات دونها عظماء بجلطات قلبية، واستهلكت أعمار الصحفيين وحياتهم وأعصابهم وحياة أسرهم، وصحتهم النفسية والبدنية، تشهد نهايات حزينة قسرية. لأن البقاء صار لمن يربح المال وليس لمن يقدم منتجاً إعلامياً مهماً. فصارت المقارنة بين صحيفة، يقوم على انتاجها نخبة من الصحفيين بينهم مفكرون وكتاب واستقصائيون وفنانون، وعشرات المساندين في مجالات الإخراج والتدقيق والتصوير، يعملون وفق تقاليد راسخة لعقود طويلة، وبين فتاة “فاشينستا” لا تملك إلا شفاهاً منتفخة وجرأة في سبر أغوار الجسد من الصرة إلى الركبة، فتفوز هي بالسباق ويُهزم الصحفيون.
على الزملاء العاملين في الصحف الأردنية الذين نتعاطف معهم ونتضامن بكل قوة، أن يتوقفوا عن الرهان على بقاء الصحافة الورقية، والدعم الحكومي لهذه النوع من الصحافة، لأنه رهان خاسر. ثمة آفاق فتحتها التكنولوجيا الجديدة أيضاً، وهذه من المفارقات. لابد من إعادة توجيه الكوادر البشرية نحو فنون صحفية جديدة مختلفة، لا بد من اعتبار الصحافة صناعة متكاملة، لم تعد “الكلمة” رُكنها الأساس، إذ دخلت الصورة والفيديو والجرافيك والفيديو جراف والانيميشن والبودكاست بقوة على عمل الصحافة ولا بد من الاستثمار فيها وباحترافية أيضاً. ولا بديل عن اللحاق بهذه التكنولوجيا لإنقاذ ما يمكن إنقاذه. أرجو أن لا يطول بنا الزمن ونحن نبكي على اللبن المسكوب أو تحميل الحكومة وحدها المسؤولية أو الإدارات الصحفية. إذ لا بد من خطوات جريئة سريعة.