قنابل موقوتة في بطاريات مركبات “الهايبرد” المعدلة

الشعب نيوز:-
احترقت مركبة محمد عامر، من نوع “GMC yukon” على طريق عمان – إربد صيف 2019، بعد وقت وجيز من استبدال بطارية مركبته المصنوعة من “النيكل” بأخرى من “الليثيوم”. لم يأخذ عامر بنصيحة مهندس الميكانيك بلال جرادات بالتراجع عن التعديلات.
حالة عامر وغيرها من الحالات المشابهة وجهت الأنظار صوب مشاكل رافقت سوق صيانة المركبات الهجينة “هايبرد”، التي تشكل ما نسبته 13 في المئة من مجموع المركبات الكلي في الأردن البالغ 1.7 مليون مركبة بحسب آخر إحصائية حكومية.
مشاكل تتمثل بطرق صيانة “أقل كلفة” لبطاريات هذه السيارات لكنها مكلفة جداً على صعيد السلامة العامة، تصل في بعض الأحيان إلى احتراق المركبة كما حصل مع عامر، كما يشتكي مالكو مركبات آخرون من تعرضهم للتضليل فيما يخص استبدال بطاريات المركبات، في ظل تأخر إنفاذ قانون تنظيم العمل المهني لسنة 2019.
ممارسات أقل كلفة لكنها حارقة
“التعديل على البطارية إجراء خاطئ من بدايته وهو مرفوض بشكل تام”، يقول نقيب أصحاب المهن الميكانيكية جميل أبو رحمة. ولمحاربة ظاهرة التعديل، يوضح أبو رحمة أن النقابة قامت بالتعميم على المراكز بمنع التعديل قطعياً. وفي حال ورود شكوى لدى النقابة “يُطلب من مالك المركز إعادة كل شيء على ما كان عليه، لأن التعديل يشكل خطورة بالغة على المركبة ومن فيها”.
وتتمثل الخطورة بأن المركبة قد تتعرض للاحتراق بعد تعديل بطاريتها من “نيكل” إلى “ليثيوم”، بسبب ارتفاع درجة الحرارة في البطارية، نظراً لاختلاف طريقة التبريد، ورداءة التوصيلات التي تختلف عن جودة توصيلات الشركة الصانعة، بحسب  المهندس معتصم عقل مالك مركز “المحترفون” في منطقة القويسمة (جنوب شرقي عمان).

 

نبراس الياسوري
يضاف إلى ذلك وفق عقل، اختلاف تردد الشحن، وعدم تغيير كمبيوتر البطارية الذي يوجه عمل “الانفيرتر”، ما يؤدي إلى زيادة الشحن وارتفاع درجة الحرارة وبالتالي انفجار شرائح الليثيوم.
ويتفق معه المهندس جرادات، الذي يدير”مركز بنزين” لصيانة المركبات في محافظة إربد (شمال المملكة)، إذ يرى أن اللجوء إلى التعديل على البطاريات يشكل خطراً كبيراً “رأيناه على شكل احتراق عدد من المركبات أو أجزاء منها في السنوات القليلة السابقة ونتج عنها حالة وفاة” .
صيانة المركبات.. سوق محكومة بالفوضى
وعن الجهة الرقابية على مراكز صيانة مركبات الهايبرد أفادت وزارة العمل أنها تتولى مهمة منح شهادات تصنيف المحلات المهنية، والتفتيش على المحال للتحقق من مراعاتها معايير التصنيف وشروطه المنصوص عليها فى قانون الرقابة والتفتيش على الأنشطة الاقتصادية، في حين أكد مالكو 4 مراكز صيانة مركبات زرناها أنه لم يسبق أن خضعوا لتفتيش وزارة العمل.
وبالرغم من صدور قانون تنظيم العمل المهني رقم (11) لسنة 2019 ، وتأكيد وزارة العمل على تنفيذه باستحداث مديرية تنظيم العمل المهني، إلا أنه لم يصدر قرار من رئاسة الوزراء -حتى تاريخ نشر التقرير- يقضي بإدراجها ضمن المراكز الخاضعة لرقابة مديرية تنظيم العمل المهني في وزارة العمل، بحسب مديرها حمد الحيصة، قائلا: “لا تتمكن المديرية من الرقابة عليها قبل صدور قرار من رئاسة الوزراء”.
 بدورها، تُقر نقابة أصحاب المهن الميكانيكية من خلال رئيسها جميل أبو رحمة بحالة الفوضى في سوق الصيانة “كما هو الحال في الكثير من القطاعات”. ويرجع ذلك إلى زيادة “الدخلاء على المهنة” الناتج عن سهولة الحصول على رخصة مركز صيانة ميكانيك من وزارة الصناعة والتجارة، ورخصة مهن من أمانة عمان أو البلدية.

ويشير مدير الأكاديمية التقنية للتدريب المهني المهندس أحمد عقل، إلى ضرورة إنفاذ وزارة العمل لقانون تنظيم العمل المهني، والتشريعات المقترحة، فجميع ذلك برأيه، يضبط السوق تدريجياً وصولا إلى الحالة المرجوة.
أما جرادات، فيرى أن “أتمتة” السوق هي أولى الخطوات لتنظيمه بهدف الحفاظ على حقوق الطرفين، إذ أن توفر المعلومات لمالكي المركبات يوضح الإجراءات والأجور والكفالات وسلامة المركبة، ويرفع من درجة الحرص لدى مراكز الصيانة للحفاظ على سمعتهم في السوق، ويضيف أن “غالبية الإشكالات التي تنشأ بين الزبائن ومراكز الصيانة ناشئة عن سوء الفهم. وفي حال كانت التفاصيل واضحة للزبائن، فإن نسبة الأخطاء الفعلية التي قد تحدث في مراكز الصيانة تصبح نادرة جداً.
وعن عدد الشكاوى التي ترد للنقابة، أفاد أبو رحمة أن متوسطها اليومي بين 15 – 20 قضية أغلبها يتم حلها تحت مظلة النقابة، في حين أن حوالي ثلاث قضايا فقط يتحمل فيها مالكو مراكز الصيانة المسؤولية، والحالات التي يتم تحويلها للقضاء منها قليلة جدًا.
وتسعى النقابة العامة لأصحاب المهن الميكانيكية لإنجاز عقود مقاولة موحدة بحسب التخصصات المهنية، كما بدأت بإنجاز لائحة أسعار للخدمات التي يقدمها المهنيون ليكون المواطن على بينة، ما يسهم في ضبط السوق والتخفيف من الإشكالات الناتجة عن أسعار الخدمات، وهي بصدد أن تنشئ تطبيقاً خاصاً للتسهيل على المواطن في كل ما يتعلق بخدمات صيانة المركبات يتضمن عقود المقاولة.
 وصل عدد المنشآت العاملة في قطاع صيانة المركبات من المهن الـ 18 المنضوية تحت النقابة نحو 175 ألف منشأة (بينها ميكانيك الهايبرد)، يعمل فيها قرابة 25 ألف شخص يخضعون للنظام الداخلي للنقابة، ويمتلكون حق مزاولة مهنة، بحسب النقابة. في حين يرى مدير الأكاديمية التقنية للتدريب المهني أحمد عقل، أن من يمتلكون مزاولة المهنة لا تتعدى نسبتهم 20 في المئة فقط.

 ومع بقاء سوق البطاريات المستعملة لسيارات الهايبرد والكهرباء خارج الرقابة الفعلية وفحص معايير الجودة، سيبقى المستهلك عرضة لتكبد مزيد من التكاليف. مشهد تبقى معه بطاريات تلك المركبات بمثابة “قنابل موقوتة” لا يعلم أحد متى ستندلع فيها النيران.
قد يعجبك ايضا