عاجل

ماذا تفعل بنا الدراما التركية؟ رانية الجعبري

الشعب نيوز:-

أعتقد ان جيلي محظوظ لأننا تربينا على الدراما السورية في عزّ نهضتها، بل بعضنا وهو طفل ما زال يذكر المسلسل الأردني المهم “الكف والمخرز”، هذا العمل الدرامي الذي تم إنتاجه مطلع التسعينات وقدم نقداً اقتصادياً اجتماعياً للمتغيرات السياسية الاقتصادية التي كنّا على موعد معها، على طول عقد التسعينات وما بعده.
في مطلع الألفية، تابعت مع أهلي المسلسل السوري “ذكريات الزمن القادم”، وكان ثمة مشاهد في المسلسل شكلتني كلّي، رانية الصحافية والكاتبة، يوم رأيت إحدى شخصيات المسلسل وكانت كاتبة رواية وهي تائهة بين طبقتها وبين الفئة المهمشة التي يجب أن تعمل وتكتب لأجلها.
بعدها بأعوام قليلة أصبحتُ صحافية، وكانت تلك المشاهد في المسلسل تدفعني للبقاء مع الطبقة المسحوقة وأفكر فيها أثناء عملي في الصحافة وكذلك وأنا أكتب القصة القصيرة.
في مطلع الألفية أيضاً كان هنالك مسلسل “الفصول الأربعة” الذي تعلمت منه كيف يمكن قضاء الوقت مع المحيط بمتعة عالية، ومنه تعلمت كيف يتناول الكاتب القضايا البسيطة في الأسرة والتي لها أثر كبير في البلد، ببساطة تعلمتُ منه كيف يتناول الكاتب قضايا بسيطة بعمق، وتعلمتُ كيف يلوّن الكاتب لقرائه كتاباته بأجواء البلد الجميلة.
منه تعلمت أن في شامنا (سورية، الأردن، لبنان وفلسطين) سحرٌ على الكُتّاب أن يستثمروه في كتاباتهم بعيداً عن التكلف والمظاهر الكذابة التي تخدم الشركات التي تعتاش على المواطنين الذين جعلوا من السخافة دينهم الجديد.
في أواخر العقد الأول من الألفية، كان هنالك مسلسل “عصي الدمع” الذي ترجم لي بصورة درامية عذبة كتاب فاطمة المرنيسي “شهرزاد ترحل إلى الغرب”، ومنه تعلمت قيمة أن تدرك المرأة العربية أنها “حلوة وقوية وذكية”، أعادني يومها العمل الدرامي، إلى لغتي العربية عندما فرقت بين المرأة الحسناء والمرأة الجميلة.
إن الشركات العالمية تريدنا جميلات، وهذا ممكن وعلى قولة إمي “لبّس البوصة بتصير عروسة”، لكن المرأة لا يمكنها أن تصبح حسناء إلا إذا وعت تاريخها وثقافتها، لتصبح قوية عبر وعيها هذا، وإلا إذا برعت بعلم تهتم به، وكانت جميلة بالإضافة لما سبق.
تعلمتُ من الدراما السورية ما يمكن أن ينهض بدولة..
فماذا نتعلم من الدراما التركية اليوم..
من ستيليتو مثلاً!! أتعلم كيف أُبرر لنفسي أن أدمر أسرة وأسرق أب وزوج من عائلته، وكيف أقتل، يُعلمنا ستيليتو يا قوم، أن اهتمام النساء محبوس في الكيد.
وماذا تعلمنا باقي المسلسلات التركية التي تحوّل الحياة لقصص حب ويتم دس السم فيها؟
لقد كانت المرأة العربية في بلادي قبل الاحتلال العثماني؛ حلوة وقوية وذكية، وما إن وقع الاحتلال العثماني حتى أصبحنا أسيرات في الحرملك.. وفي نهضتنا العربية المؤقتة بدأت النساء تتحرر من قيود التركي.. لكنه يعود إلينا اليوم عبر الشاشة الصغيرة مُحتلاً لأحلامنا وطموحاتنا من جديد ومُشَوّهاً لصورة المرأة في المجتمع، وكأنها آلة جنس فقط!

قد يعجبك ايضا