
الإعلام وفن التهويل!أسامة الرنتيسي
الشعب نيوز:-
أصبح معروفا لدى العامة ما أن تُقسِّم قناة “الجزيرة” شاشتها بين أربعة مراسلين وكاميرات وتبدأ بالنقل المباشر من مكان الحدث فاعلم أن هناك كارثة.
طبعا؛ كارثة عن كارثة تفرق، فالزلزال أبو 7,8 على ريختر غير أبو 6,4 ، فالأول مدمر وخلف وراءه 50 ألف قتيل، والثاني مجرد هدم بنايات آيلة للسقوط من أثر الزلزال الأول، فلا يحتاج الأمر إلى كل هذا التهويل.
أن تترك فضائية من وزن “الجزيرة” ساعات بثها عدة أيام وأسابيع لحدث معين قد لا يستحق كل هذا الاهتمام والمتابعة، فهذا خطر كبير في تشكيل الوعي العام بالحدث، إلا إذا كانت هناك أجندة معينة لقضية معينة (أشير هنا للتذكير في قضية جمال خاشقجي وكيف تفرغت الجزيرة لأشهر في متابعتها وفي لحظة إنتهى الموضوع).
خطورة التهويل في الإعلام أنه ينشر الرعب في كل مكان، والجمهور عادة يميل إلى تصديق التهويل أكثر من الواقع.
التهويل في الإعلام إنتقل إلى كل حدث، ونحن في الأردن أصبحنا مولعين بالمبالغة حتى في مواجهة الأحوال الجوية.
فإذا إقترب منخفض جوي، خاصة إذا كان قطبيا، تبدأ الأسئلة على شاشات الفضائيات “في ثلج وإلا ما فيش…؟”
نُبالغ كثيرا في قضايا أصبحت طبيعية مع التَغيُّرات المناخية التي أصابت العالم.
شعور بعض المواطنين في الأردن بالهزة التي ضربت تركيا وإنطاكية تحديدا طبيعي، لكن لا يحتاج الأمر إلى كل هذه المبالغات ولا حالة الهلع التي تحدث عنها بعض الإعلام.
يوم الاثنين دخلت قضية الكلاب الضالة في الأردن إلى قبة البرلمان، فالتفت الإعلام إلى قضية الكلاب الضالة وغطى الحدث على قانونين بارزين كان مجلس النواب يناقشهما، حتى وصل عنوان “لعين حرسي” في موقع “عمون” “الكلاب الضالة” تحت قبة البرلمان إلى أن يتصدر الترنيد في الاردن.
الحكومات عادة هي الطرف المبدع في المبالغات، وإذا أرادت أن تمرر قضية معينة تذهب إلى قضية ساذجة وتنفخ فيها وتصبح الشغل المواطنين الشاغل، فيتناسون القضية الأساس التي مررتها الحكومة.
كل هذا نتيجة فن التهويل والمبالغات، ومرة أخرى إن التهويل في الإعلام هو الوصفة الأخطر لتمرير أي شيء بعد أن تكون قد أخذت الجمهور إلى ملعب آخر.
الدايم الله…..