الاحزاب السياسية .. عبور مستقبلي للحكومة الحزبية
الشعب نيوز:-
د.حسين العموش
انتهت يوم امس الاحد المده القانونيه لتصويب الوضع القائم للأحزاب السياسية .
بحسب معلومات الهيئة المستقلة للانتخاب فان عدد الاحزاب التي صوبت وضعها واعلنت حضورها السياسي بموجب القانون النافذ وصل الى ٢٦ حزبا اتخذت الهيئة قرارا بتصويب اوضاعهم ، وبموجب ذلك ايضا فان هنالك ١٩ حزبا اصبحت بحكم المنحله او فاقدة لترخيصها السابق .
مجموع الاحزاب بموجب القانون النافذ هو ٢٦ حزبا سياسيا مرخصا .
العدد ليس قليلا ويخالف كل التوقعات التي كانت تتحدث عن عشرة احزاب فقط ستتمكن من تصويب اوضاعها وفق القانون النافذ .
السؤال دائم الطرح من قبل النخب السياسية والمهتمين ،كم ستكون حصة كل حزب من عدد النواب في المجلس النيابي القادم .
اعتقد ان قوة وتأثير الاحزاب السياسية في الشارع ليست قوية ولا يعول عليها دون وجود عوامل مساعده اخرى ليحصد الحزب اعلى عدد ممكن من المقاعد ، وهذه العوامل يمكن اجمالها بالنقاط التالية:
اولا : العشائرية ، وهي العباءة التي يصعب خلعها والتخلي عنها في الانتخابات بدءا من انتخابات جمعية خيرية وليس انتهاءً بالانتخابات النيابية.
ثانيا : الحضور النقابي الذي بات خطاً متأصلاً ومتقاطعاً بقوه مع الحضور السياسي .
ثالثا: الحضور الاجتماعي والجمعيات والخيريه وهي اداة جاذبة ومهمه لحشد الاصوات ،ليس فقط بسبب المساعدات والطرود التي تقدمها للمنتفعين ،بل بسبب قربها من الناس في المجتمعات المحليه خارج العاصمة .
رابعا : الاندية الرياضية والشبابية ،وهي الحاضنة الاكبر والاوسع التي يعول عليها لتقديم شباب واعي سياسيا سيخضع لمحاكمة مجتمعية وسياسية بعد وصوله للبرلمان.
خامسا : الانديه الثقافية والمثقفون والاعلاميين ونشطاء السوشال ميديا والذين يشكلون حاضنة الوعي الثقافي والسياسي لكن برأيي ان هذه الحاضنة لا تزال تتأثر او قريبة من الفكر اليساري
سادسا : نشطاء المخيمات والقيادات الفاعلة فيها ،وهي حاضنة كبيرة وفاعلة ومتماهية تماما مع فكرة الاحزاب السياسية باعتبارها صاحبة تجربة سياسية بحكم التاريخ والجغرافيا.
سابعا : عامة الناس البسطاء والعمال والذين لم يشكلون رأيا بعد ، الخطير في هذه الحاضنة هو اتساع مساحتها الى ما يعادل ٥٠٪ من الفئات السابقه ، اي ان الفئات الست السابقه تمثل نصف الناخبين والحاضنة الاخيره تمثل النصف .
وهنا ستتسابق الاحزاب لاستمالة هذه الفئة ، خط الاستمالة سهل وميسر وهو اللعب على وتر العدالة الاجتماعية ومبدأ تكافؤ الفرص ،ولذلك سيكون هذا الشعار هو الشعار الرئيس لكافة الحملات الانتخابية لقوائم الاحزاب.
وجهة نظر تحليلية اخرى تتحدث عن ان الستة والعشرين حزبا لا يمكن ان ينظر الى تأثيرها بنفس القوة ،ولذلك يمكن تصنيفها الى فئتين بالاستناد الى عدد حضور مؤتمراتها التأسيسية ، وهذه عددها ما بين ٤ الى ٦ احزاب ، وباقي الاحزاب وعددها ما بين ١٨ الى ٢٠ حزبا متقاربه بالاستناد الى اداة قياس وحشد عكسها حضور اعضائها في المؤتمر التأسيسي ،وهي أداة القياس الفاعلة التي يعتد بها حتى المؤتمر التأسيسي .
بموجب ذلك وبالاستناد الى تجارب وقوائم سابقه فان الوصول الى العتبه سيكون شاقا لقوائم الاحزاب والتي ستخفض بنسب متفاوته ، هذا ايضا معناه على الارض ان اربعة احزاب الى ستة احزاب ستحصد من ٣٠ الى ٣٥ مقعدا ، ليبقى سبعة مقاعد ستتنافس عليها ٢٠ حزبا .
الحقيقة الماثلة للعيان ان حزبين اسلاميين لن يتفقان على الإتلاف الحكومي بحكم الظروف الموضوعية والجيوسياسية التي احاطت بهما ، والحزبين الاخرين سيدخلان في صراع قوي على رئاسة الحكومة ،فضلا عن حزبين اخرين سيراوحين مكانهما بين الإسلاميين والليبراليين اذا جاز لنا التعبير ، وسيجذبهما عامل المكاسب .
الخلاصة : ليس هناك تعويل كبير على حكومة حزبية في البرلمان القادم لسببين .
الاول: انها تجربة جديدة بقواعد لعبة سياسية جديدة على المملكة.
والثاني : ان الشروط والمتطلبات السياسية والشعبية والموضوعية غير متوفره ، ومن هنا نقول ان ما سيجري من قوائم وانتخابات ما هو الا تمرين سياسي بالذخيرة الحية قبل ان يصيب اهدافه بتشكيل الحكومة الحزبيه الذي قد يحتاج الى تمرين اخر وربما تمرين اخير .
هذا واقع يجب ان نؤمن به بحكم تطور النظم الديمقراطية في اعتى واكبر الديمقراطيات العالمية ، فالنضوج والتجارب تحتاج الى قواعد وارقام وحقائق وتأثير وهذا الامر سيحتاج الى ثلاث دورات نيابية يصل فيه عدد الحزبيين في البرلمان الى ما يزيد عن ثمانين بالمئة.
في الختام ، ان نبدأ المسير باتجاه الهدف خير من ان ننتظر على قارعة الطريق .
المستقبل السياسي في كل الانظمة السياسية العالميه للأحزاب ، وهي أداة فاعلة للعمل السياسي والتنموي والاقتصادي .
هذا بالضبط ما عبر عنه جلالة الملك عبدالله الثاني في غير لقاء او مقابلة ،لان جلالته يعي تماما ان الحضور الحزبي والسياسي والشبابي هو العمود الذي سيحمل القوة الفاعلة في المجتمع الاردني لعبور المئوية الثانية للمملكة الاردنية الهاشمية ،بكل تفصيلاتها ومفاصلها العميقة متمثلا تجارب الدول الديمقراطية وخصوصية البيئة الاجتماعية الحاضنة .