برد في عز تموز…أجبروها قبل ما تِنكسر!

الشعب نيوز:-
أسامة الرنتيسي –

 

 لا تستغربوا أن مشروع قانون الجرائم الإلكترونية سَيُقَرُّ (يُسلق) في الغرفتين التشريعيتين (النواب والأعيان) قبل نهاية شهر تموز “يوليو”.

فلا تتأملوا كثيرًا أن تنتج  اللقاءات والحوارات التي يعقدها مجلس النواب واللجنة القانونية مع الإعلام والجهات المعنية في القانون شيئًا مختلفًا ولا المطالعات التي يقدمها (خيرة الخيرة) من المختصين القانونيين من مختلف الجهات ومن أبناء الدولة تحديدا، فقد حُسم أمر القانون ولا عودة عنه.

هناك مساحة لتعديلات تجميلية عليه، لحفظ ماء وجه البرلمان وكل من دعم القانون وخالف العقوبات المغلظة و(الفلكية على رأي الصفدي). 

صحيح نحن في عز تموز ودرجات الحرارة (مليون) إلا أن المواطنين يشعرون بالبرد.

لا نجتهد حول مدى قانونية مشروع القانون وغيره من القوانين، ونترك هذا الحكم القانوني الدستوري للقانونيين والدستوريين في بلدنا، لكن ما يحركنا  بهذا الاتجاه، هو الشعور الوطني بأن الأردني فَقَدَ الطمأنينة بالمستقبل، نتيجة السياسات المترفة والمجربة، والقرارات المرتبكة.

تنص الفقرة الثالثة من المادة السادسة من الدستور الأردني “تكفل الدولة العمل والتعليم ضمن حدود إمكاناتها، وتكفل الطمأنينة وتكافؤ الفرص لجميع الأردنيين”.

لا نريد أن نحاسب الحكومة على قضية العمل والتعليم، فنحن نعرف إمكانات الدولة جيدا، لكننا لن نتنازل عن قضية الطمأنينة، وأتحدى أي مسؤول حكومي أن ينفي  تسرب عدم الطمأنينة إلى عقول وقلوب الأردنيين، وأصبح الخوف من المستقبل، وضبابية المرحلة يسيطران على الجميع.

إن عدم تمرير القانون خطوة شجاعة لمصلحة العمل الحكومي أولًا، والدولة ثانيًا، وإعادة الهيبة للعمل البرلماني الذي تهشّم كثيرا، وحفظ ماء الوجه، ونزع فتيل أزمات قد توضع بالمجان في أيدي الحراك النائم وقوى المعارضة، على هشاشتها، وإن القائد الشجاع هو الذي يقرأ نبض الشارع جيدا وينحني للعاصفة، قبل أن تقع “الفاس بالراس” فعلا، ونندم عندما لا ينفع الندم:

“قلّو أبوي بيجبر المكسورة.. قلّو أبوي بيجبرها قبل ما تِنكسر”.

الأوضاع السياسية الداخلية تحتاج إلى وقفة جادة وحقيقية من قبل الحكومة، والعمل على توحيد الناس، وتماسك الجبهة الداخلية أهم بكثير من أي حلول متسرعة.

توحيد الناس داخليا على مجمل القضايا الوطنية، وفتح حوارات جادة مع جميع قوى المجتمع، المؤيدين منهم والمعارضين، قضية في غاية الخطورة، لأن ترك التفاهم الداخلي على القضايا الوطنية والإقليمية، من الممكن أن يكون بوابة عبور لفوضى لا أحد يريدها، ونزاعات لا أحد يعلم إلى أين يصل مداها.

الحوار مع قوى المجتمع من احزاب ونقابات ومؤسسات مجتمع مدني، ليس مقتصرا،فقط، على مشروع قانون الجرائم الإلكترونية، لأننا لسنا في بحبوحة توزيع الغنائم، فالأوضاع صعبة، وأصعب مما يتخيل بعضهم، والصعوبة ليست مقتصرة على الجانب الاقتصادي والمعيشي للناس، بل تتعدّاه إلى الشعور بعدم الاطمئنان والأمان على كل شيء، والمواجهة مع مخططات الكيان الصهيوني أصبحت وشيكة مثلما يقول (بعيد النظر) الدكتور ممدوح العبادي..

هناك احتقان شعبي من ضعف مكافحة الفساد الحقيقي، ومن أخطاء لا تقل خطورتها عن إشعال النار بالقرب محطة وقود، وخيبة أمل من الأداء العام في البلاد، الذي يسير “على البركة”.

ترتفع الحرارة يوميا بشكل لافت للنظر، في مقدمة لصيف قايظ، لكن برغم ذلك يشعر المواطن ببرد شديد، تقشعر أبدانُهم منه، والله يستر.

الدايم الله…

قد يعجبك ايضا