إعلام الغرب وازدواجية المعايير
الشعب نيوز:-
بقلم : مناور الراجحي – كاتب كويتي
مع وقوع هجمات السابع من أكتوبر، سارعت المنصات الإعلامية التقليدية الغربية في وصف العمل بالإرهابي، مع إدانة كاملة وواضحة لهجمات حماس ووصفها بالهجمات البربرية. في المقابل تغافلت هذه المنصات عن إدانة الهجوم الإسرائيلي الوحشي على الشعب الفلسطيني بدءا من القصف الجوي ووصولا إلى التوغل البري للقوات الإسرائيلية. هنا وجدت وسائل الإعلام الغربية التقليدية نفسها أمام معضلة كبيرة في مواجهة الأحداث، ففي الوقت الذي تستهدف إدانة حماس وتحميلها المسؤولية عن كل الأحداث، تغض الطرف في الوقت ذاته عن جرائم الحرب الإسرائيلية (قتل للمدنيين – التطهير العرقي – قصف للمستشفيات – قصف لدور العبادة – تدمير المباني السكنية)، في وضع يمكن وصفه بالتعبير الإعلامي «التغطية مستمرة»، ولكن هذه التغطية لا تعني التغطية الإخبارية واستمرارها ومتابعتها للأحداث، وإنما التغطية على جرائم الحرب الإسرائيلية والترويج لأكاذيبها وادعاءاتها، وفي الوقت ذاته حجب السردية الأخرى، أو تعمد وضعها في موقف الإدانة، أو الضغط على ممثليها لإدانة حماس.
في الجهة المقابلة، كانت بعض وسائل التواصل الاجتماعي توفر نافذة للتعبير عن الاتجاه المقابل، وعن المذبحة البشعة التي يتعرض لها الفلسطينيون في الأراضي المحتلة. عدد من حسابات المشاهير على وسائل التواصل الاجتماعي قامت بدور كبير في طرح وجهة نظر الجانب الفلسطيني، واستطاعت نقل المعاناة التي يعيشها الشعب الفلسطيني تحت الحصار والغزو البربري الذي لا يترك أخضر ولا يابسا. لقد كشفت مقاطع الفيديو والصور التي تم بثها عبر وسائل التواصل الاجتماعي ازدواجية معايير الإمبراطوريات الإعلامية الغربية الكبرى، وجردتها بشكل شبه كامل من مساحيق الموضوعية المصطنعة، ومن شعارات الانتصار للحرية والكرامة الإنسانية، ومن ادعاءات الانتصار للعدالة.
بطبيعة الحال، لم تكن جميع وسائل التواصل الاجتماعي خارجة عن السيطرة الغربية، فخوارزميات الفيسبوك كانت حاضرة بقوة في الحجب والتضييق على المحتوى المؤيد لفلسطين والفاضح لإسرائيل، وهو ما حدا الكثير من المدونين الى إيجاد طرق للالتفاف على هذه الخوارزميات ونشر المحتوى الداعم للقضية الفلسطينية. وهي نقطة مهمة وفارقة في وسائل الإعلام الجديد، حيث إنها – خلافا لوسائل الإعلام التقليدية – لم تقع تحت السيطرة الغربية الكاملة، ولم تصبح أجندتها مجدولة بشكل كامل وفق توجهات العدسة الأوروبية. لكن مما لا شك فيه أن التناقض الكبير في تغطية الوسائل الإعلامية التقليدية لأحداث الحرب على غزة الذي كشفته وسائل التواصل الاجتماعي، قد دق ناقوس الخطر في الجانب الغربي، بضرورة السيطرة الكاملة على وسائل الإعلام الجديد، منعا للوقوع مستقبلا في حرج مماثل، وهو ما ستكشف عنه الأيام والأحداث القادمة، ولكن قبل أن نستبق الأحداث فإنه لا بد من التوقف عند عدد من ملامح الحرب الإعلامية بين وسائل الإعلام التقليدية والمنصات الإعلامية على وسائل التواصل الاجتماعي وتأثيرها على أرض المعركة في الميدان.
بطبيعة الحال يمكن القول إن أحداث السابع من أكتوبر وما بعدها كانت وسيكون لها تأثير كبير على كلا مساري الإعلام (التقليدي – الجديد)، في رسم الخريطة الإعلامية وإعادة هيكلة الأجندة الإعلامية لوسائل الإعلام في المستقبل.