أولاد حارتنا.. سعيد ذياب سليم
الشعب نيوز:-
في الوقت الذي قامت فيه الدنيا و لم تقعد في غزة ، و في الوقت الذي تباينت فيه المواقف بين الشقيق و الصديق ،في ذلك الوقت الذي تحزّم فيه رجال يرقصون و رجال تحزّموا بأشرطة الذخيرة و والقنابل، في نفس الوقت الذي لبس فيه النشامى زي مظلاتهم وتسللوا إلى ليل المعركة، في ذلك العالم المجنون الذي اختلطت فيه القيم وأصبح الواحد منا كالقابض على جمر وجدتني أفكر في “أولاد حارتنا”!
الرواية التي كتبها نجيب محفوظ في العام ١٩٥٩ عندما وجد أن ثورة يوليو قد انحرفت عن مسارها- كما قال، اعتمد فيها على الحكايات الكبرى من تاريخ الإنسانية و قراءة اللحظة السياسية والاجتماعية لمصر ما بعد الثورة، ونقد النظام السائد آنذاك، داسّا تساؤلاته وشكوكه بين أسطرها حول العدل والمطالبة بالحق و الظلم الذي يصيب البشرية، و فكرة الإله وهو الذي درس الفلسفة قبل اهتمامه بالأدب، ولقد أُوّلت على غير ما أراد !
أُخِذ عليه قتل عرفة للجبلاوي حيث قرنت بفكرة قتل الإله عند نيتشه.
لماذا أعادني الواقع إلى أحداث تلك الرواية و ما فيها من صراع بين الخير و الشر و العدل و الباطل و الأصالة و الزيف ؟
هل هو سماعي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يذكر “نبوءة إشعياء” خلال حديث تلفزيوني يوم الأربعاء 25أكتوبر الماضِ، قال فيه “نحن أبناء النور بينما هم أبناء
الظلام، وسينتصر النور على الظلام” استفزني وجعلني أبحث عن أبناء النور وأبناء الظلام في الكتب الموضوعة و المقدسة !
إن رؤية السفّاح في صورة إحدى شخصيات “قراصنة الكاريبي” يستند على سلاحه و يقلب باليد الأخرى كتابا اصفرّت أوراقه يبحث عن رواية تبني ثقته لَصُورَة سخيفة ترفضها الذائقة الإنسانية.
وأن يتناول في بحثه سفر إشعياء الذي يجد فيه المختصون في دراسة الكتاب المقدس صعوبة في تأويل نبوءاته خارج السياق التاريخي تحد يفشل فيه، هذا و أن الذين كانوا يسيرون في الظلمة هم الشعب اليهودي !
في خضم هذه الفوضى الفكرية يرى بعض المحللين أنه قصد معركة هرمجدون التي ستقع على تل مجيدو شمال الجليل ، المعركة التي سيلتقي فيها جيش الظلام بقيادة “المسيح الدجال” و جيش النور يقوده “السيد المسيح” قبيل نهاية العالم ،تُرى ألهذا السبب اجتمعت حاملات الطائرات الأمريكية ترافقها الغواصات النووية و الفرقاطات البحرية الأوروبية شرق المتوسط؟
تل مجيدو يقع على الطريق التجاري الذي كان يصل مصر بالإمبراطوريات الشمالية في سوريا و الأناضول حدثت فيه معارك كبرى في التاريخ القديم وما زالت هذه الأرض تشكل الجوهرة التي يطمع باقتنائها العالم أجمع. غير بعيد عن هذا الموقع وفي جنوب الجليل تقع حطين الموقعة التي قررت مصير القدس بقيادة صلاح الدين الأيوبي يوما ما.
دعونا نترك الروايات و الأساطير جانبا و ننظر فيما فعله الرجل و جيشه وكيف يقتل “غير اليهود” ويعتبرهم “حيوانات بشرية” كما قال وزير دفاعه يوآف غالانت عن الفلسطينيين بطريقة عنصرية فاقت نازية هتلر! فهم يمنعون الماء و الدواء و يقتلون الرجال و نساءهم و أطفالهم و حيواناتهم أبضا.
رغم أساطيرهم لن يقتلوا الإنسان الفلسطيني ولن تقترب أحلامهم من ذلك.
هل رأيتم كيف يودع الفلسطينيين شهداءهم في غزة ؟ يقبلون عيونهم يداعبون وجناتهم ويحضنون الأطفال في وداع أخير؟
هل رأيتموهم يجلسون على أنقاض بيوتهم تحيط بهم أرواح الشهداء الذين ما زالت جثامينهم تحت الركام؟
هل رأيتموهم كيف يستقبلون أسراهم المحررين ؟ هل وجدتم فرقا كبيرا بين ذلك و وداعهم للشهداء!
دعونا نقول للرجل ورحى الحرب دائرة : نحن أيضا ننتظر معركة كبيرة يواجه الحق فيها الباطل (فَإِذا جاءَ وَعدُ الآخِرَةِ لِيَسوءوا وُجوهَكُم وَلِيَدخُلُوا المَسجِدَ كَما دَخَلوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّروا ما عَلَوا تَتبيرًا) ٧الإسراء.
ألا إن نصر الله قريب .
سعيد ذياب سليم