الرداد يكتب: ما الرسالة في بيان الخارجية السورية تجاه الأردن

189
الشعب نيوز:-

عمر الرداد

ربما كان من الأنسب لوزارة الخارجية السورية لو لم تصدر بيانا حول الجهود الأردنية لمواجهة عمليات تهريب المخدرات والأسلحة التي تقف وراءها مليشيات متعددة المرجعيات من داخل سوريا وخارجها، على الأقل بدون هذا الرد ، كانت مساحة من تقديرات تشير الى ان اوساطا سورية غير راضية عن تهديد الامن الوطني الأردني، ورغم ان بيان الخارجية السورية جاء معتدلا وغلبت عليه مفردات العتب والتذكير بمد الإرهابيين في سوريا بالمال والسلاح خلال سنوات الازمة السورية، الا انه ارسل رسالة جوهرها ان القيادة السورية ملتزمة وبحرفية عالية بمقاربات “تصدير الازمة” واسبابها للخارج، بدلا من الاعتراف بمواجهتها وتحمل المسؤولية، والاعتراف بان حماية الحدود من الجانب السوري هي مسؤولية الحكومة والجيش السوري، وهو ما يعني ان وحدات الجيش العربي السوري هي التي يجب ان تنتشر على الحدود وليس مليشيات إيرانية.

مؤكد ان الحكومة السورية ليست بحاجة للملاومة لا مع الأردن ولا مع غيره، والقاء التهم وتحميل الاخرين مسؤولية تقصيرها، سوريا بحاجة لإنقاذ وهذا شان السوريين، الذين يعيشون تهجيرا غير مسبوق وفقدان سيادة على أراضي دولتهم واختراقات من مليشيات لا تتحدث بلغة السوريين ولا تكل في استهدافهم بعقيدتهم وتاريخهم وانتمائهم العروبي، واذا كانت القضية فتح ملفات استهداف فان لدى الأردن ملفاته منذ سبعينات القرن الماضي، وهي معروفة للأجهزة الأمنية في البلدين، بإدخال أسلحة ومتفجرات ومخططات لاغتيال رؤساء حكومات وشخصيات اردنية، ومؤكد انه لا مصلحة لسوريا بان يكون فتح هذه الملفات مرجعية لعلاقات احترام متبادل ومصالح مشتركة بين البلدين.

لا شك ان القضية الخلافية المتمثلة بتهريب المخدرات والسلاح من سوريا الى الأردن، وازدياد عمليات التهريب كميا ونوعيا، تتطلب إجابات سورية تتجاوز وعودا لطالما تم تقديمها للجانب الأردني، وليس تقديم مقاربات يمكن تفسيرها ليس بالدفاع عن القصور السوري ،بل وربما الدفاع عن هذه المليشيات عبر لغة “مطاطية ومعلبة” فصناعة المخدرات ومصانعها في لبنان وسوريا وخطوط التهريب باتجاه الأردن والعراق وسوريا وتركيا معروفة، والجهات الراعية والداعمة لمليشيات التهريب معروفة وبتفاصيل تم اطلاع الجهات السورية المختصة عليها غير مرة، وربما تم استثمار ما تم تمريره من معلومات لتحذير المليشيات من نقاط الضعف لديها.

ليس ببيانات معتدلة او متشددة ولا ب”بالردح” تعالج قضية بهذا المستوى بما تشكله من تهديد للامن الوطني الأردني، فقضية استهداف الأردن انطلاقا من الأراضي السورية قضية تعالج بالغرف المغلقة، وإخلاص بالنوايا وعدم التعامل معها واستخدامها ورقة ضغط على الأردن من قبل أوساط ربما لا تشارك في اجتماعات الغرف المغلقة، ولا تلتزم بما يتم الاتفاق عليه، ولها مرجعيات أخرى غير المرجعيات الأمنية والعسكرية التي يجتمع معها الأردنيون، فالاردن لا يخفي نواياه بمواجهة هذا التهديد مهما كانت الاثمان، مدركا ان المخطط الذي ينفذ ضده اكبر واعمق من عصابات مخدرات اعتاد على مواجهتها على مدى سنوات كثيرة.

وخلاصة القول ان بيان الخارجية السورية بالإضافة الى انه يؤشر الى سيناريوهات تشي باستمرار وتزايد عمليات الاستهداف، وان القيادة السورية ليست بوارد التعاون لمواجهة هذا التهديد، فانه يقدم دليلا لقوى إقليمية ما زالت تشكك فيما انجزه الأردن بإعادة النظام السوري للجامعة العربية، بالتوافق مع الدول العربية وفقا  لمقاربة الخطوة مقابل خطوة، والتي أصبحت موضع  تساؤلات لدى كثير من الأوساط، وربما يامل الأردنيون ببيان من الخارجية السورية يؤكد وقوف سوريا مع الأردن امام تهديدات اليمين الإسرائيلي، وان تعلن استعداد سوريا لتزويد الأردن بما ينقصه من مياه يهدد اليمين الإسرائيلي بقطعها عنه، يذهب الكثير منها للاجئين السوريين في الأردن.

قد يعجبك ايضا