شعبُ لبنان منقسم.. بين ساحتي الحرب والسهر
الشعب نيوز:-
في مقابل مشهدية الإنتقاد، يدافع المتعهدون عن أعمالهم، التي بحسب تعبيرهم تعتبر مصدر رزقهم الوحيد، إذ لا إمكانية للقضاء على قطاع كامل طالما أن الوضع الأمني يسمح بذلك.
بهذا السياق يقول أحد المتعهدين : أن “لبنان يُعتبر معقل الحفلات العربية، إذ بظل المنافسة القوية التي برزت مؤخرًا في الدول الخليجية، يرى الفنانون العرب في لبنان ساحة مستقلة، ومختلفة تمامًا عن أي ساحة أخرى، نظرًا إلى النجاحات الإستثنائية التي حققوها في هذا البلد، أو لناحية التنظيم، والجمهور الذي يعتبر من أوفى الجماهير للفنانين العرب”.
ويضيف:” لا نستطيع في الوقت الحاضر أن نتخذ قرارًا يقضي على أكثر من 20 ألف عائلة تعتاش من هذا القطاع، وهذا الأمر يعتبر كسلسلة مترابطة، تبدأ من الفنان، وتنتهي بأصغر عامل يكون متوجدًا على أرض الحدث ويساهم بإنجاحه.
ويشدّد المتعهد على أن الفنان يتواجد على الأرض كي ينقل الرسالة، ولا ضيم بالقول أن رسالته في العديد من الأحيان، خاصة خلال الفترة السابقة، كانت تسلط الضوء على المجازر التي ترتكب بحق أهلنا داخل فلسطين.. ومنبره قد يكون له اليد الطولى بالتأثير أكثر من أي صورة من صور التضامن الأخرى”.
ولا يخفي في الوقت نفسه خوف الفنان المستقبلي لناحية علاقته مع الشركات المنظمة، إذ يحرص على ضمان استمرار الهدوء بالعلاقة التي تجمعه بها، هذا عدا عن البنود الجزائية التي تكون مفروضة ضمن العقود، والتي تضع الفنان أمام خيار صعب في حال ازداد الضغط عليه.
من جانبها، ترى المرشدة الإجتماعية أماني ظاهر أن ما يحصل على أرض الواقع هو نتيجة طبيعية لشعوب تعيش وسط الحرب، ولشعوب أخرى لا تكترث لما يحصل، أقلّه لأنّها تحمّلت الكثير، حسب تعبيرها.
وترى ظاهر، بأنّ هؤلاء، أي الطرف الذي يؤيّد إقامة الحفلات خلال فترات الحرب، هم على الأرجح يحاولون أن يبتعدوا عن الواقع بطريقة أو بأخرى، إذ إنّهم يعمدون إلى طمس ذاكرة نهر الدماء الجارف الذي رأوا أبشع صوره خلال الأشهر الماضية، وهذا ما قد يدفعهم للإنتقال من حالة الواقعية التي يعيشونها إلى حالة إنكار الواقع، وإن لساعات قليلة تهيمن عليها الموسيقى، والضجة، والفرح..”.
وعلى خطّ الموازنة بين التضامن، وضرورة إتمام العمل، تؤكّد ظاهر أنّ هذه الإشكالية لن يتم فكّ لغزها، إذ إن الصراع بين المتضادات سيستمر، ومهما برّر الفنان موقفه، فإن حلبة الصراع هذه ستبقى مشتعلة دائمًا؛ مع العلم أن أغلب الفنانيين قدموا أرباح حفلاتهم بشكل كامل لإغاثة سكان غزة، كرسالة تضامن من رحم مهنتهم.
وعليه، ما حصل خلال الأيام الماضية في لبنان يختصر جملة الإنتقادات التي طالت الفنانين الذين أحيوا حفلاتهم في كافة البلاد العربية.. منهم من أعطى رأيه بشكل مباشر وقال “أنني مضطر”، ومنهم من وجّه رسائله بشكل غير مباشر عبر تبرّعه بأرباح الحفل، ومنهم من اكتفى بتوجيه رسالة تضامن سريعة في بداية الحفل، واستكمل ليلته بشكل عاديّ.. إلا أن السؤال الأكبر يبقى: هل يجب أن نتفهم حقوق الفنان وضرورة الحفاظ على مصدر رزقه ورزق الآلاف معه، أم يجب أن يضحي في سبيل التضامن مع الأحداث المفصلية الحاصلة.. وهل من واجب الفنان أن يتحمل وحده وزر بثّ أجواء الرفاهية وسط السوداوية التي نعيشها؟!
نعتقد أّنّه في كلّ شيء جواب إلا في هذا السؤال!