الأمل وانشراح الصدر
الشعب نيوز:-
بقلم : فاطمة المزيعل
قال الله تعالى (وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون ـ البقرة: 186)، فلا تيأس من شيء، الله الذي بيده ملكوت كل شيء قادر أن يغير حياتك بين طرفة عين وانتباهتها، الحياة مع الله تعني الراحة، اليقين، الأمل وانشراح الصدر، كن مع الله بين الحب والخوف والرجاء، فالحياة قصيرة، عشها بالأمل بالحب باليقين، اجعل الله غايتك ونصب عينيك، وأنيسك. يقول بعض السلف: «مساكين أهل الدنيا خرجوا منها وما ذاقوا أطيب ما فيها.. حلاوة الأنس بالله»، فالأنس بالله مقام عظيم من مقامات الإحسان الذي قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك».
فكلما هممت بأمر قل يا الله من لي سواك، لا تقطع الصلة به، لو تخلى عنك الجميع، وتآمر عليك القريب والبعيد، قل من حنايا قلبك ودقات روحك يا الله أنا بك أقوى، وعليك أتوكل، وبك ألوذ.
سنصبح في هذه الدنيا حيارى محزونين، وأحزاننا موجعة، وسنبقى نتخبط ونتيه في دياجر الظلام، طالما أننا بعيدون عن النور الذي يضيء أرواحنا، ويجلي أحزاننا، ويشرح صدورنا، لذلك من عرف الله حقا تغير حاله، لأن الإيمان إذا لامس شغاف القلب حوله من حال إلى حال، ومن فقد الله فقد كل شيء.
ستشعر بالغربة والوحشة ولو كنت في وسط العالم، لأن العين لا تبصر إلا ما تراه، وإذا وجدت الله وجدت كل شيء، وجدت الأنس، الطمأنينة، السكينة، والسلام سيخرق روحك، فما ظنك بربك يا أيها المريض؟ ويامن أصابته الهموم والغموم؟ ويا أيها الحزين؟ ستشعر بأجمل اللحظات وأنت واقف بين يديه تذرف الدموع وتلح عليه في الدعاء، تخيل في هذه اللحظات أن الله ينظر إليك، والله إنها لسعادة لا يعلم بها إلا من ذاقها.
قال صلى الله عليه وسلم: «ليس شيء أكرم على الله تعالى من الدعاء»، عندك رب عظيم إذا دعي أجاب، وإذا سئل أعطى، خزائنه لا تنفد بالعطاء. لن ينسى الله دعاء كنت تلحّ به، ولا دموعا ذرفت من أجله، كن على أمل أن الله يراقب حزنك، أنفاسك، خلجات قلبك، لا يريد لك إلا أن تكون مرتاح الضمير، نقي السريرة.
فالنفس البشرية بطبعها تميل إلى الدنيا وشهواتها، إلى الراحة والدعة، لا تحب الجد في الأمور، ولا تطيق التكاليف والمكابدات، وقد يبتلي الله تعالى عبده ليتضرع إليه ويلجأ إليه، ويلح عليه في الدعاء، فيسمع دعاءه وتضرعه ومناجاته. بل أن الله تعالى يحب العبد اللحوح في الدعاء، والله تعالى لا يمل من دعاء العبد له، بل يفرح برفع أكف الضراعة إليه وكثرة الدعاء وتكراره.
تيقن بأنك حينها ستشعر بالرضى ولو حزت القليل، ولن تغريك زينة الحياة الدنيا ولو أتتك راغبة، فالتعلق بالله هو الرجاء الذي لا ينقطع، والأمل الذي لا يخيب، والطمأنينة التي تؤنس القلب، قال تعالى: (ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور ـ النور: 40) يقول ابن القيم: «في القلب شعث لا يلمه إلا الإقبال على الله، وفي القلب وحشة لا يزيلها إلا الأنس بالله، وفي القلب خوف وقلق لا يذهب إلا بالفرار إلى الله، وفي القلب حسرة لا يطفئها إلا الرضا بالله».
فقد يخذلك كل الناس حتى الذين كانوا قريبين من أنفاسك، حينها لن تجد إلا الله الذي سيجبر خاطرك، ويزيل الأوجاع عن قلبك، ويذهب الهموم والأحزان عنك، فأفرغ قلبك من الخلق، واجعل الله نورا لك في حياتك، اجعل بينك وبين الله، علاقة، سريرة، لا يطلع عليها أحد.
قيل: لله نور أن أردت بلوغه.. فاسكب دموع الشوق في الخلوات
قم ناد ربك وادعوه ليثبتك.. فهو المجيب وسامع الدعوات
فاختل دائما وأبدا بروحك المبعثرة، وتعرّ من روحك، وحقيقتك؟ من حزنك وفرحك؟ وكن على سجيتك، وقل يا الله إني ضائع في بيداء الحياة، لتعيد صياغة حياتك وهندستها.