سِفرُ الأنا شعر/عبد العزيز خوجة
الشعب نيوز:-
[١٥:١٨، ٢٠٢٤/٣/١٦] أبو حكم: مُت يا أنا .. أو كُفَّ عنّي للأبدْ
نفِدَ الجلَدْ !
إمّا على جمرِ اللّظى
قدمايَ، أو فوقَ البَرَدْ
اُتركْ يَدي
لا تُعطني يدكَ المُنى وعدًا يُقيّدُني
بأغلالٍ من الماضي
وأغلالٍ من الآتي
وحبلٍ مِن مَسَدْ
اُتركْ يدي
لا تعطني وهمًا
لأُعطي من بقايا الزّهرِ نَرجِسةً
أعلّقُها على أعطافِ حُلمٍ
من خبايا العُمر في دربٍ شرَدْ
اُترُك يدي
فيدايَ أجنحةٌ
تُطارد حبَّها المفقودَ
في أُفقٍ تناءى وابتعدْ
اُترك يَدي .. أحيا رغَدْ
اُترك يدي لي .. فُكَّها ..
وخُذِ الشَّهَدْ
اُترك أصابعَها
مراسمَها، فحبري من دمي
أمّا خباياي
فأنهَلُها مدَدْ
أمّا خباياي
فتكفيني
وفيها العالَمُ السِّحريُّ والعُلويُّ والسُّفلِيُّ
والأزليُّ والأبديُّ
والرُّؤيا على طُولِ الأمَدْ ..
لا.. لستُ قِدّيسًا
ولا إبليسُ ضلّلني بألغازِ ال…
[١٥:١٨، ٢٠٢٤/٣/١٦] أبو حكم: بيروت كانت الغيمة في حلكة الليالي
شعر/سيف الرحبي
أمام بحركِ يا بيروت
إزاءَ أُفق المتوسِّط
والجبال المحيطة ترسل غيومَها وأشجارَها
هدايا لعيد ميلادٍ قادم.
ثمة امرأة جميلة تتنّزه بحزن على الشاطئ
صيّاد يصلّي
أمام بحرك يا بيروت
الذي اكتنز القرونَ، الحروبَ والحضارات
بكيتُ
أنا الذي لم تحفرْ خدّي دمعةٌ
شريدة منذ سنين
لكني بكيتُ اللحظةَ
ولمستُ الموجَ المالح ينساب
على الرصيف
لمستُ الغياب المنقضّ على رأسي
كنسرٍ هائجٍ في بيداء الربع الخالي.
ورأيتُ وجوه الغائبين
أطيافها تتقاطر، دخان قطار يتلاشى
في أنفاق الجحيم والغيوب.
أولئك الذين رحلوا عبر سنواتِ
العمر الفائضِ
رحلوا من غير عودة ولا أحلام
إزاءَ بحركِ الجامح بالرغبةِ والخراب
أتذكرّ
ماذا يتذكّر الجريح يرفسُ في قلب المتاه
ماذا يتذكر الأمواتُ
في ظلمة الأجداث؟
وجهك البهيّ الذي تغنى به
شعراء مجيدون
أخذ في الأفولِ والمحاق
لكنّ ورودكِ الجبليّةَ
تلثم الغيم الطالعَ من ذؤابات الجبال.
لماذا توغلين في مستنقع البغضاء الذي صنعه بشرٌ متوحشون؟
كنتِ الشعر والحكمةَ والجنون
إشراقة الصباح الأول على الخليقة
(الخليقة وقد غرقت في محيط من العَدم والدم)
من ذُرى فاريّا حتى مرجعيون
وكنت الغيمة، في حلكةِ الليالي
المدلهمّة، تمطر الحنانَ على أرامل البلاد المنكوبةِ
وكنتِ الصخرة والملاذ.
هذيان سقراط في أعماق البركان
*
حيث أقف اللحظةَ
أنادي
إزاء صخرةِ الروشة
في ليل الموت الجماعي
من غير عشّاقٍ هي ولا منتحرين
ومقهى المنارة القريب
إزاء البحر
في الأفق المتوسطيّ الجريح
صخرة تنطح بحراً وبحراً يمتطي حصاناً يسافر في البعيد
طفلة تحدّق في الموج الهادرِ
أنادي جثّةَ الذاكرة
يا ذاكرة الأجيال
شعراء ومقاتلين
من أجل الحريّة
نساءً ورجالاً ووعولاً
تسرح في المراعي الخضراء
حيث استلّ شوقي أبي شقرا
لغته المنهوبةَ بعصافير زمنهِ الأول
زمن الطفولات والطوفان.
محمود شريح يتذكر لقاءَه الغاربَ بمعين بسيسو
«… خربانه خربانه» يا محمود.
اتسع الخرق على الراقعِ، وتشظت الأحوال…
وينفث دخانه ورؤاه باتجاه البحر.
ما لهذه الطيور تنظر إلى البحر برِيبةٍ وذعر
ما لهؤلاء الأطفال يتيهون شعوباً في الصحارى والمحيطات
ما لهذه البلاد يدحرجها
القتلة في غروب الآفاق…؟
ألا ينامون قليلاً
عن سورية وطن العالم
كانتْ
لتستعيد بهاءَ روحها المفقود
بهاءَ أطفالها المقتولين
صراخ استغاثاتهم
ما يفتئ يرجّ القارات
بنحيب القيامة.
كلمات وجثث تتخبّط حيرى
في ليل بيروت
ليل البشر البهيم…