معطيات تستدعي اليقظة ! د. حازم قشوع
الشعب نيوز:-
بعد انعقاد مؤتمر البحر الميت الذي قاده الاردن بفاصلة انتهاء المشهد الأول من الحرب الإقليمية التي بدأت بغزة، برزت معطيات عديدة على الساحة الإقليمية وعلى الساحة الدولية لكنها جميعها مرتبطة بشكل مباشر أو غير مباشر في طبيعة سير الأحداث بعدما تم تقييم الأمور أمنيا وإنسانيا بهذا المؤتمر الذي عقد بالأردن تحت عنوان الاستجابة الاغاثية، وهي المعطيات التي أخذت تبرز على سطح الأحداث بطريقة متسارعة، الأمر الذي استوقف الكثير من المتابعين من متواليه هذه الأحداث.
ولعل أول هذه المعطيات جاء فى مؤتمر نادى البحرين العسكري الذي قاد فيما بعد لاتخاذ قرارات امريكيه اسرائيليه ميدانية بمنئ عن القيادة السياسية في اسرائيل، وهو ما أدى في المحصلة إلى إنهاء أو إلغاء مجلس الحرب بالحكومة الاسرائيلية اضافة الى استقالة غانتس وازنكورت والاستعاضة عنه بالمجلس السياسي، وهو متغير وازن التقدير وإن كان قد تبعه إعلان صفقة الأسلحة f15 الامريكية لاسرائيل.
واما المعطى الثانى فلقد برز فى قمة G7 التي عقدت في إيطاليا، والتي أكد مضمونها على الالتفاف لدعم انتخاب الرئيس جو بايدن، كما أكدت على الشكوك التي تناقلتها بعض وسائل الإعلام ازاء ازمة البترودولار الحاصلة بين واشنطن والرياض مع غياب ولى العهد السعودى عن هذه القمة الهامة كما يصف ذلك سياسيين.
أما المعطى الثالث فلقد بينه إعلان الصين لاستضافة الفصائل الفلسطينية فى بكين من أجل إيجاد ارضية عمل موحدة تعزز الذاتية الفلسطينية وتقوم لإطلاق مؤتمر دولى للسلام بعد الانتهاء من الانتخابات الأمريكية كما يصف ذلك متابعين، وهو ما يعنى دخول الصين على خط التسوية وبالتالي على مسرح الأحداث السياسية فى المنطقة كما العسكريه والامنيه منها فى مواقع خليجيه مؤثره.
أما المعطى الرابع هو ما يشكله تصاعد وتيرة وصول اليمين القومي في الانتخابات إلى دول الاتحاد الأوروبي سيما الفرنسية، الأمر الذي ينذر انكفاء دول الاتحاد على الهوية الوطنية ويهدد وجود الدول المنضوية تحت راية “الشنغن” وما يخفف بالمحصلة من دور الاتحاد الأوروبي على الصعيد الجيوسياسي كما على وزن الاتحاد الأوروبي في المحافل الدولية إذا ما استمر تقدم هذا التيار القومي اليميني في المجتمعات الأوروبية، الأمر الذي ينتظر أن يؤثر على سياسة الاتحاد الأوروبي ودوره بالقضايا المطروحة في الخاصرة الأوروبية الشرقية حيث أوكرانيا كما بالضفة الجنوبية للبحر المتوسط حيث منطقة الشرق الأوسط.
أما المعطى الخامس فلقد بينه إعلان واشنطن تحديد المناظرة الرئاسية الأولى بين الرئيس جو بايدن والرئيس السابق دونالد ترامب فى يوم 27 من الشهر الجاري والتي يسبقها خطاب نتنياهو فى الكونجرس يوم 24 الجاري، والذى سيكون فى مضمونه جزء من حمى الانتخابات الدائره والذى كان من المفترض للكونجرس اتخاذه هو توجيه ذات الدعوة للملك عبدالله الثاني حتى يستقيم حال المكيال في الناتج العام حتى لا تقود نتائج خضم الأحداث الدائرة للكيل من زاوية نظر واحدة على حد تعبير السيناتور ساندرز، وان كانت عملية تحديد مناظرة بايدن ترامب على قناة cnn حصريا تعنى ترجيح كفة بايدن كونها لجمهوره وليست المناظرة من نافذة fox news الأقرب للجمهوريين !.
وإن كان قد اعتبر البعض مسألة تحديد موعد المناظرة بحد ذاتها هو انتصارا للحملة الانتخابية لدونالد ترامب كونه يواجه محاكم في اغلب الولايات المتحدة حيث تم احتسابها من باب الاعتراف بأهلية بطاقة الترشح للمرشح دونالد ترامب.
الأمر الذي يضع علامة داعمة لامكانية اعادة انتخابه من جديد، وهذا ما يشكل معطى سنتحدث عنه كثيرا فى قادم الأيام مع دخول الانتخابات الأمريكية لمفاصل مهمة بدأت تعطي مؤشرات بائنة على نتائج الولايات المتأرجحة التي أخذت أقرب ما تكون للحمراء فى ظل عدم حسم القضايا العالقة فى مسرح الأحداث الدولية مع اقتراب انعقاد مؤتمر الحزب الجمهوري في الشهر القادم للإعلان الرسمي لمرشحه الرئاسي والحزب الديمقراطي الذى ينعقد فى شهر آب الذي يليه.
مما تقدم نستطيع القول إن المنطقة تتصاعد فيها وتيرة الحرب بعد عملية طائرة “الهدهد” الاستخبارية لكن ضمن نقاط اشتباك معلومة الاحداثيات بعد ان استنفرت واشنطن كل قواها لضمان عدم انكسار الجيش الاسرائيلي امام تدخل إيراني وشيك فى بعد انتقال الحرب الإقليمية للمشهد الثاني من خاصرة غزة الى الجنوب اللبناني ليكون الجيش الاسرائيلي فى مواجهة حزب الله والفصائل الفلسطينية وجبهات أخرى متنامية فى العراق وسوريا واليمن.
لكن مسألة توسيع شبكة النيران من المتوقع أن تبقى ضمن مستويات محدودة ومعلومة الدرجة على الرغم من الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها دمشق والتي تنذر باشتداد حمى التصاعد الإقليمي بعدما قامت باتخاذ خطوات احترازية استدراكية اثر قيامها بتسليح العشائر على طول الخط الحدودي الأردني السوري ودخول القوات الروسية فى مجال تأمين الخط الحدودي الأردني السوري كما يصف ذلك متابعين.
وأما الاستخلاص من جملة المعطيات هذه فانه يؤكد أن الصين اخذت تلعب دور الاتحاد الأوروبي في رعاية قضايا الشرق الأوسط وأن مسألة إنهاء أزمة الحرب في المنطقة قد تم إرجاءها إلى ما بعد انتهاء الانتخابات الأمريكية، وهذا ما يعني بالمحصلة أن قرار المنطقة قد ذهب تجاه عدم اعطاء ورقة “التسوية الاقليمية” الداعمة لاعادة انتخاب الرئيس جو بايدن بارجاءها الى ما بعد الانتخابات بعدما تم التوافق الضمني من قبل الأطراف المتشابكة على ذلك في أوكرانيا كما فى المنطقة، وهو ما يرفع من فرص ترامب على حساب بايدن في محصلة نتائج مواقع الاشتباك الدائره.
وأما الاستخلاص الاخر يشكله الوضع الاقتصادي العام فى ظل حالة التصعيد الدائرة التى تطيل مدة الحرب ضمن المعطيات السائدة، وهذا ما يجعل المناخات السائدة تشكل أداة ضاغطة على حركة الاستثمارات والاقتصاد كما على حركة المشاريع الاستراتيجية في المنطقة هذا إضافة إلى تبعات مسألة البترودولار وانعكاساتها في ظل البحث عن خيارات أخرى ضامنه.
وهي المعطيات التي أخذت تستدعى بيان الحال بإطلاق برنامج وقائي احترازي من اجل احقاق حالة منعه مجتمعية، على أن يطال هذا البرنامج بعناوين تسهم بتحصين الجبهة الداخلية الاردنية من جهة وتوفير دعائم لادامة المعيشة من جهة، وهو ما ذهب إليه في رؤيته الملك عبدالله الثاني بمناسبة اليوبيل أثناء العرض العسكرى بخطابه الذي حمل مضمون تعزيز الروح الوطنية، على أن يأتي هذا البرنامج بشمولية تحت عنوان “ضرورات تستدعي اليقظة”!