الانتخابات الرئاسية الأمريكية والبرامج والتوجهات الاقتصادية للمرشحين

2٬409
الشعب نيوز:-

 

 

  زياد الرفاتي

يحتدم السباق الرئاسي نحو البيت الأبيض بين المرشح الديمقراطي كامالا هاريس والجمهوري دونالد ترمب  ويشتد في الأيام الأخيرة التي تسبق موعد الانتخابات في الخامس من تشرين الثاني الجاري التي يشارك فيها 250 مليون ناخب .

وقبل أسبوع من الموعد بدأ التصويت المبكر من الناخبين بالحضور الشخصي أو عبر البريد ووصل عدد المقترعين حتى الان 70 مليونا معظمهم من كبار السن  اذ أن 41% من الذين صوتوا مبكرا تزيد أعمارهم عن 65 عاما         أو المرضى أو القلقون من حدوث اضطرابات  يوم الانتخابات فيذهبون الى التصويت المبكر  ومطالبة المسؤولين في الحزبين بتحمل المسؤولية  واتخاذ التدابير اللازمة لمنع العنف، وقد تقاسم الحزبان نسب التصويت ، ووسط مخاوف من عدم الانتقال السلمي للسلطة  والخطابات بين ترامب وهاريس التي انحدرت خلال الأسابيع الماضية نحو الاهانات والشتائم وتحذير بايدن ما اذا كانت الانتخابات ستكون سلمية ولو أنها حرة ونزيهة والتحذير الفرنسي أيضا من عدم استبعادها للعنف، وقد اعلنت واشنطن عن تجهيزها  الحرس الوطني للتعامل مع أي عنف مرتبط  بالانتخابات ووسط مخاوف من التدخلات الخارجية . 

ويعمل المرشحان  حاليا  وبزيارات مكثفة  على استقطاب الأصوات في الولايات المتأرجحة ( ولايات الحسم ) وهي  التي يصعب التكهن بمن سيفوز فيها ولم يحسم الناخبون فيها صوتهم لأي من المرشحين بعد حتى موعد الانتخاباتو تمثل مسار الفوز وعددها سبعة ، وهي ميشيغان وكارولينا الشمالية وبنسلفانيا وجورجيا وأريزونا ونيفادا و ويسكونسن ، ويركزان على  استمالة الجالية العربية  لصالحهما في تلك الولايات وأبرزها ميشيغان التي تضم 310 ألف عربي حيث يعول ترمب على العرب كثيرا بعد وعوده لهم أنه سيوقف الحرب على غزة في حال فوزه  وفي ظل الموقف الحالي للادارة  الأميركية الديمقراطية  الداعم  للعدوان الاسرائيلي  ويوفر الدفاع والحماية السياسية والدبلوماسية والقانونية وعدم توفر الارادة لوقف اطلاق النار بعد عام من الحرب والقتل والتدمير والتحذير الأممي بان سكان شمال غزة معرضون للموت بسبب الجوع والمرض والخوف .

 كما يركزان على الأصوات المترددة في المشاركة بالانتخابات وهي التي تشارك في دورة انتخابية ولا تشارك في أخرى ويقدر عددها  بنسبة 3% من مجموع الناخبين .

 ويرى المحللون السياسيون أن المنافسة بينهما تتجه لملفات ثانوية مثل الاجهاض والهجرة غير الشرعية  الى الولايات المتحدة وحمل السلاح  بين الأميركيين بعيداعن الملفات التقليدية .

ويشير معدل استطلاعات  الرأي أن حظوظ الطرفين متقاربة  ، وبلغت 49% لترمب و48% لهاريس .

أما في الملف الاقتصادي فان مستوى الثقة للأميركيبن لدى ترمب يصل الى 47% منهم  مقابل 37% لهاريس ،   وفي التعامل مع الهجرة 48% لترمب و33% لهاريس ، وفي معالجة التطرف السياسي 40% لترمب و38% لهاريس .

في الاقتصاد ، يوعد ترمب  الناخبين بأنه سينقذ الاقتصاد وانهاء الكارثة الاقتصادية لهاريس واطلاق المعجزة الاقتصادية لترمب ، وضبط  معدلات التضخم وانهائه  وهو عدو الولايات المتحدة ويقضي على اقتصادها ،  وسيعمل على جعل أميركا ميسورة التكلفة والحد من الغلاء وتخفيض الأسعار ، وتمديد التخفيضات الضريبية ، واعفاء ضرائب الاكراميات .

كما  يعدهم بدور صغير للحكومة الأميركية لا يتعدى على حريات وحقوق الولايات والأفراد  وتدافع  عن اقتصاد  عدم التدخل  والحكومة المحدودة والأسواق والتجارة الحرة ، و المعتقد الجمهوري من دور الحكومة يكمن فيما يلي :-

  • لا تتدخل في السوق الحرة .
  • لا تفرط في فرض الضرائب .
  • لا تنفق كثيرا وخفض الانفاق الحكومي وتدعم الخصخصة .
  • لا تفرط في المعونات والحد من برامج الرعاية الاجتماعية .

وباختصار يرى الجمهوريون أنه يجب على الحكومة عدم التدخل في أي شيء يمكن للسوق ايجاد حلول له ، حيث السوق الحرة والحكومات المحلية في الولايات المنتشرة تجد حلولا مناسبة وأكثر فعالية وهي أكثر قربا للناخب ورغباته .

والخلاف القائم في أميركا حول حجم  ودور الحكومة ليس في الأمور الواضحة فقط  بل يصل عمقه الى المعتقدات الأساسية المتعلقة بالاقتصاد ، والموقف الجمهوري أن الحكومة جهاز بيروقراطي  تعمل ببطء وبتكلفة عالية ولا تحل المشاكل بفاعلية وبطبيعة الحال ستكون أساليب حلها للمشاكل بطيئة ومكلفة .

وفي ملف الضرائب والأجور ، فان الموقف الديمقراطي يكمن في ضمان حد أدنى للأجور وفرض ضرائب تصاعدية مع ضرائب اضافية على الأثرياء فوق دخل معين أو أرباح معينة وتخفيضات ضريبية للطبقة الوسطى  تشمل 100 مليون أميركي ، بينما يؤمن الجمهوريون بأنه  لا ينبغي زيادة الضرائب بما في ذلك تلك التي تستهدف الأثرياء ومعارضة رفع الضرائب على الأفراد والشركات وأن السوق الحرة تحدد نسب الأجور وسيحمي الوظائف .

وفي أزمة السكن وارتفاع أسعاره ، فان الحل الجمهوري  أن السوق والقطاع الخاص يستطيعان تقديم سكن بتكلفة منخفضة عبر المنافسة ويفضلون أن يجد القطاع الخاص حلا للمشكلة فمن خلال المنافسة يمكته توفير سكن بأسعار منخفضة ، أما الحل الديمقراطي لأزمة الاسكان يكمن في تدخل حكومي لزيادة معروض السكن  ذي التكلفة المنخفضة في السوق .

وفي التأمين الصحي  والرعاية الصحية  والاجتماعية ، سيعمل  ترمب على تحسين قانون الرعاية الصحية  الميسرة ، ونفى اتهامات هاريس بأنه يفكر بالغاء  الضمان الاجتماعي ويعتقد أن توسع الرعاية الاجتماعية عبء على الحكومة وتخلق بيئة اعتمادية تضر بالمجتمع ، وبداعي تقليص انفاق الحكومة يريد الجمهوريون تقليص الرعاية الاجتماعية .

وفي المقابل ، فان الموقف الديمقراطي في  أن الرعاية  الاجتماعية شبكة أمان تحسن  حياة  وتلبي احتياجات الفئات المهمشة  اجتماعيا واقتصاديا .

ويرى الجمهوريون ، أن القواعد التنظيمية تبطئ  وتعيق حركة الأسواق والاقتصاد والتجارة والأعمال وتزيد الأسعار ، وأن القطاع الخاص محرك الوظائف ونمو الدخل ، وتدخل الحكومة يعرقل النمو الاقتصادي  ويجب عليها أن تعمل على تعزيز الحريات الاقتصادية وليس تقييدها أو السيطرة عليها ، وأن المشاريع الخاصة هي أسس توسع الرأسمالية والتي بدورها تنتج الوظائف وترفع الدخل وتخلق النمو .

ويعمل الحزب الديمقراطي اجتماعيا ، على دعم المساواة الاجتماعية وتكافؤ الفرص ودعم فئات معينة ببرامج بداعي المساواة من خلال الدفع بقوانين وبرامج تدعم الأقليات والفئات التي تعتبر مهمشة في ظروف محددة ،  و لا ينبغي للحكومة أن تدعم  مجموعة على حساب مجموعة أخرى معينة لأن ذلك سيخلق عدم مساواة .

وقد بدأت الأسواق الأميركية باحتساب تأثيرات نتائج الانتخابات وتسعرها وتتأثر تاريخيا بموسم انتخابات الرئاسة ، حيث فوز ترمب مع بقاء سيطرة الحزب الجمهوري على الكونغرس يدعم أداء وسوق الأسهم ، أما فوز هاريس مع سيطرة الجمهوريون على مجلسي النواب والشيوخ معا  قد يؤثر سلبا في الأسهم ، وفوز أي منهما مع سيطرة منقسمة من الحزبين على المجلسين يعطي اشارات ايجابية للمستثمرين .

والتأثير في أسواق الطاقة حسب بلومبيرغ ، فوز هاريس يبقي المعروض دون مستوى الطلب  ولن يكون لها تأثير على أسعار النفط في 2025 وأكثر ميلا لتقييد صادرات الغاز الطبيعي مقارنة بترمب ، وفوز ترمب يؤثر سلبا على أسعار  النفط  في 2025 وانتاج النفط والغاز في أميركا سيرتفعان وسيعمل مع الكونغرس على تخفيف دعم الطاقة النظيفة .

 والمرشحان متفقان على رفع التعرفة الجمركية ، وخطة ترمب الجمركية قد تؤثر سلبا في الاقتصاد حيث سيفرض تعرفة تصل الى 60% على البضائع الصينية ، وفرض تعرفة على الواردات الأوروبية من 10% الى 20%  وفرض رسوم بنسبة 200% على الواردات من المكسيك .

وستحقق الخطة الجمركية عوائد متوقعة بقيمة 2،6 تريليون دولار في العشر سنوات القادمة ، وخفض مستوى الناتج المحلي الاجمالي الحقيقي بواقع 0،5% وسيواجه المستهلكون زيادات سعرية بين 12% و15%  . 

وحسب هاريس ، فان البرنامج الاقتصادي للجمهوريين  لا يحظى بأي شعبية .

وقد تراجعت قوة الدولار الأميركي في عهد بايدن بمقدار تسع مرات مما كانت عليه في عهد سلفه ترمب حسب صندوق النقد الدولي ، وتراجعت أيضا حصة العملة الأميركية في الاحتياطيات العالمية الى 58،2% وكان هذا الحد الأدنى لقيمتها  خلال الثلاثين عاما الأخيرة منذ 1995 .

و سجل مؤشر الدولار في تشرين الأول الماضي أفضل أداء شهري منذ كانون الأول 2022 مدعوما بحمى الانتخابات والاقبال على اقتنائه وفي ظل التوترات الجيوسياسية ، ويشير  بعض محللي الأسواق العالمية أن ترمب سيعمل على اضعاف الدولار في حال فوزه ولا يريد دولارا قويا .

 وفي مجال الاجهاض ، سيعمل ترمب على فرض قيود شاملة ومنح الولايات القرار ، بعكس هاريس التي ترى أن الاجهاض حق للمرأة دون تقييد .

وفي  ملف الهجرة ، يتهم ترمب هاريس باتباع سياسات ” مدمرة ” في مجال الهجرة غير الشرعية  وأن 11 مليون  مهاجر بما فيهم قاصرين  لا يحملون الثبوتيات وسيقوم يتنفيذ أكبر عملية ترحيل  في التاريخ حال استلامه مهامه الرئاسية  وسيعيد ضبط واغلاق الحدود وتأمينها وسيوقف غزو المجرمين المتدفقين حسب  وصفه بعد الانفلات على الحدود في عهد بايدن  وسيعمل على استقبال المهاجرين الشرعيين فقط ، والتنصيب الرئاسي وأداء القسم الدستوري عادة ما يكون في العشرين  من كانون  الثاني في العام الجديد ويستمر الرئيس الحالي في تصريف الأعمال حتى ذلك التاريخ .

 أما في  حمل السلاح ، يؤجج التنافس بينهما جدل  بشأن حق الأميركيين في حمل السلاح  اذ أن 60% من الأميركيين يعتبرون العنف المسلح ” مشكلة ” ستتفاقم خلال السنوات المقبلة ، وتؤيد هاريس فرض تدابير اضافية لمراقبة امتلاك الأسلحة بينما ترمب يدعم حرية حمل السلاح ويعزز ” الحق الدستوري ” لحمله .

وفي ملف القضية الفلسطينية  و حل الدولتين ، فان الموقف  ضبابي وغير واضح ولم يحظ  بالاهتمام الكافي  من قبلهما حيث التركيز  ينصب على القضايا الداخلية الأميركية .

 وأشار ترمب  في تجمعاته الانتخابية أنه سيدعو نتنياهو الى البيت الأبيض فورا في حال فوزه لايقاف الحرب على غزة ويحذر من اندلاع حرب عالمية ثالثة  مع تصاعد التوتر في الشرق الأوسط  ، وأنه سيوقف المعاناة والدمار في لبنان ومعالجة القضايا الأساسية التي أثرت سلبا عليه وفق خطابه الموجه للشعب اللبناني والجالية اللبنانية في ولاية ميشيغان ، وسيوقف أيضا الحرب الأوكرانية الروسية .

 وفي قضية المحتجزين الاسرائيليين  في غزة أكدت هاريس أنها ستبذل قصارى جهدها لاطلاق سراحهم وتأمل بانهاء الحرب على غزة في أقرب وقت ولم يتضح موقفها تجاه الشرق الأوسط ، وقد انتقدها ترمب بقوله أنها تتذمر طوال الوقت من الأزمات ولكن لا تقدم حلول .

وفي مجال القوة العسكرية الأميركية ، فيرى ترمب أن قوة أميركا في اتباع سياسات دفاعية وعسكرية قوية ، وتحديث الجيش وبناء درع صاروخي ، وبناء التحالفات وتعزيز الشراكات ، ومنع قيام حرب عالمية ثالثة ، وانهاء الحرب الروسية الأوكرانية .

وفي السياسة الخارجية ،اعادة النظر في تحالفات دولية ومنها الناتو وتعهد بوقف الدعم اللامحدود لأوكرانيا .

وتجاه الصين ، فرض قيود على أي ملكية للصين داخل أميركا وضرورة أن تدفع تايوان مقابل الحماية الأميركية .

ان الناخب الأميركي لا يتجه الى صندوق الاقتراع  لاختيار ساكن البيت الأبيض فحسب ، بل حين تتباين المبادئ حول دور الحكومة وعلاقتها بالمواطن الأميركي تمثل ورقة الاقتراع قرارا حول هوية الدولة في السنوات الأربع المقبلة .

 

 

 

قد يعجبك ايضا