التداعيات الاقتصادية الاستثنائية لفوز ترمب  وتحركات الأسواق ما بعد الانتخابات

5٬721
الشعب نيوز:-

 

 

  زياد الرفاتي

 حسم السباق الرئاسي نحو البيت الأبيض بفوز مرشح الحزب الجمهوري دونالد ترمب رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية لأربع سنوات قادمة وهو الرئيس السابع والأربعين والوحيد الذي حاول ثلاث مرات في أعوام 2016 و2020 و2024 وأول رئيس لولايتين غير متتاليتين في تاريخ أميركا ، بعد أن حصل على 70 مليون صوتا  في التصويت الشعبي  و277 صوتا في المجمع الانتخابي  الكافية وأكثر من اللازم  المقرر  بعدد 270 للفوز بالرئاسة حيث لكل ولاية أصواتا في المجمع ومن يحصل على أغلبية الأصوات يحصل على  كامل نقاط الولاية  وهو الأهم في الحسم أكثر من التصويت الشعبي ، مقابل 65 مليونا  لمنافسته مرشحة الحزب الديمقراطي كامالا هاريس و224 في المجمع الانتخابي .

 وقد ساهمت ولايات ميشيغان التي تسكنها الجالية العربية والمسلمة وأريزونا ونيفادا وألاسكا بشكل كبير في الحسم  لصالح ترمب حسب قوله .

وقد هنأ العديد من قادة وزعماء دول العالم ودول الخليج ومصر ترمب بالفوز ، وكذلك جلالة الملك عبدالله الثاني في اتصال هاتفي  حيث أشار جلالته الى التطلع للعمل مع ترمب مرة أخرى على تعزيز السلام والاستقرار الاقليمي والعالمي للجميع وضرورة تكثيف الجهود الدولية  للحفاظ على أمن المنطقة وحماية السلم والأمن الدوليين .

وقد صرح ترمب بعد اعلان الفوز أنه سيجعل الجيش الأميركي قويا وسيوقف الحروب ، وسيقلب الأمور في أميركا     ” رأسا على عقب ” وسنفعل ذلك بسرعة  ويعد ” بعصر ذهبي ” للولايات المتحدة  في الرئاسة المقبلة ، و بتخفيض الضرائب على الشعب الأميركي والمديونية  والاستفادة من مخزون النفط الأمريكي الهائل التي  تصدر أربعة ملايين يرميل يوميا  .

وحسب  وسائل اعلام أميركية ومحللون سياسيون  فان هاريس خسرت الانتخابات لأسباب عديدة ، أبرزها  ارتباط  سياستها بالرئيس  بايدن  ولم تثبت للأميركيين أن أجندتها مختلفة وفشلت في ايجاد طريقة تبعدها عنه  وقالت أن ادارتها لن تكون استمرارا لادارة بايدن لكن بعد فوات الأمان وكان هو نقطة ضعف هاريس خلال حملتها الانتخابية .  كما أنها  دخلت الانتخابات مرشحة بالصدفة وقبل أربعة أشهر فقط بعد انسحاب بايدن من الترشح  وكان لديها 16 موقف مبهم  خلال الحملة والتركيز  في خطاباتها الانتخابية على الحالة المعادية لترمب وتوجيه  الانتقادات ، واعتمادها على  استطلاعات الرأي التي أجرتها  وسائل اعلام وصفت بأنها مسيسة وموجهة وذات أجندات معادية لترمب تظهر تفوقها أو تقارب الحظوظ بشدة وصعوبة الحسم  الا أن النتائج  جاءت عكس ذلك وبفارق كبير لصالح ترمب ، واعتمادها أيضا على الصوت النسائي رغم كبر عدده الا أنه  لم يستطع أن يجاري أصوات  ترمب من الرجال السود  من أصول لاتينية وأفريقية وريفية ، وتركيزها على  تأييد الاجهاض بالرغم من  أن كثيرا من النساء يؤيدن الاجهاض وصوتوا  لترمب ،  وحركة التململ الشعبي الداخلي  من المواقف الأميركية تجاه الحرب على غزة والحرب في أوكرانيا ، والوضع الاقتصادي الأميركي  بارتفاع الغلاء والتضخم والفائدة وتباطؤ سوق العمل ،  ولا  تملك خطة اقتصادية قوية ومقنعة  وتتسم بالضبابية  ، وأن منافسها فاز بالأصوات الشعبية والمجمع الرئاسي معا . 

 وقد رحبت أسواق الأسهم وتفاعلت ايجابا بعودة ترمب للبيت الأبيض مؤشرة على مكاسب قوية مطلع تعاملات  الأربعاء  وافتتاح ايجابي  ومكاسب قوية للأسواق الأميركية وارتفاعات جماعية  للأسواق الأوروبية والخليجية والاسيوية باستثناء الصين  التي تأمل بالتعايش السلمي مع أميركا حسب اعلانها  مترافقا ذلك الارتفاع  مع صعود الأسواق الأميركية ، وارتفعت  أسهم شركات ادارة الأصول الأميركية ، وسهم شركة ترمب ميديا بنسبة 50% بتداولات الأربعاء  وسهم شركة سيارات تسلا الكهربائية بنسبة 13% التي يملكها الملياردير ايلون ماسك مع مراهنة المستثمرين على استفادتها من فوز ترمب  وقد دعم حملة ترمب الانتخابية بمبلغ 130 مليون دولار  وسيقود لجنة الكفاءة الحكومية ، أما  مؤشر السوق السعودي  فقد ارتفع بنسبة 0،65% وسط تداول 7 مليارات ريال عند الاغلاق .

 كما ارتفعت  عوائد سندات الخزانة الأميركية لسنتين الى 4،2% ولعشر سنوات الى 4،4% ولثلاثين سنة الى 4،6% ، وارتفاع قوي للدولار أمام سلة من العملات حيث ارتفع مؤشره  بأكثر من 1% الذي ضغط على أسعار الذهب بجلسة الأربعاء وفقدت عقود الذهب أكثر من 35 دولارا مخفضا اياه الى 2700 دولار للأونصة .

ويرى المحللون ، أن ارتفاع الدولار مؤقت في المدى القصير  نتيجة لرد الفعل على الفوز وسيتراجع  في المديين المتوسط والبعيد للتخفيف  التدريجي للسياسة  النقدية بخفض أسعار الفائدة والمحاذير من  دخول الاقتصاد الأميركي في ركود بالربع الأول 2025، بعكس الأسهم التي قد تشهد استدامة في الارتفاع .

أما مؤشر عملات الأسواق الناشئة في  أسيا وأمريكا اللاتينية وأوروبا الشرقية ، فقد سجل  بعد الفوز أسوأ أداء يومي منذ شباط 2023 .

 وسجل البيتكوين مستوى قياسيا جديدا ترحيبا بعودة ترمب  للبيت الأبيض  ومع سياساته  الداعمة لسوق العملات المشفرة ، وصل الى 75 ألف دولار الأربعاء  وأضافت  القيمة السوقية للعملات  المشفرة 180 مليار دولار في  10ساعات .

 وفي قطاع الطاقة  والمعادن ، فقد بدأ متداولو النفط باللجوء لخيارات الشراء تحسبا لارتفاع الأسعار وتم تداول سعر البرميل بحدود 75 دولارا  وستستفيد شركات الطاقة من دعم ترمب للتنقيب عن النفط ، وارتفعت أسهم قطاع الحديد والفولاذ مع دعم ترمب للصناعة المحلية .

وكذلك  ستستفيد  أسهم  الشركات المشغلة للسجون وذلك مع توجهات ترمب لتشديد الهجرة غير الشرعية  .

وتتوقع بنوك استثمارية أمريكية ارتفاع أسهم قطاعي الطاقة والدفاع اللذان سيقودان الارتفاعات التي ستشهدها الأسواق  ،  وأن الاقتصاد الأميركي يتمتع بقوة كافية لمواصلة دعم أسواق الأسهم  والبيئة الاقتصادية لا تزال مواتية للاستثمار رغم بعض المؤشرات الأخيرة على التباطؤ ومن المتوقع أن تشهد أسواق الأسهم تقلبات عقب الانتخابات ، واستعداد بنك الشعب الصيني لاتخاذ الاجراءات اللازمة لاعادة استقرار اليوان بعد الضربة التي سيتلقاها جراء فوز ترمب ، وفد تدخل المكسيك في ركود في حال تنفيذ ترمب لتهديده فرض رسوم جمركية على الواردات منها بنسبة 25% والرسوم  على السيارات التي تستوردها من المكسيك ستعيق تسليم ألاف السيارات  واغلاق الحدود معها للحد من الهجرة غير الشرعية .

وأن فوز ترمب قد يعزز المخاوف بشأن الانفاق الحكومي الأمريكي المفرط مما يدفع نسبة الدين الى الناتج المحلي للارتفاع .

ولدى  دول الاتحاد الأوروبي  مخاوف من فوز ترمب  ، تكمن فيما يلي :-

  • زيادة الموازنات الدفاعية لها حيث يطلب ترمب نسبة 2% من حجم تلك الموازنات مقابل الحماية الأمريكية مما سبشكل ضغطا على الموازنات وزيادة العجز فيها .
  • التوجه لفرض رسوم جمركية بنسبة 10% على  حجم الواردات الأوروبية للولايات المتحدة  التي تبلغ 500 مليار يورو وتعادل  20% من الصادرات الأوروبية الى العالم  الخارجي ، مما سيخفض  الاتحاد الأوروبي لصادراته اليها  بقيمة 150 مليار يورو .
  • وقف الدعم  المالي والعسكري عن أوكرانيا ، وفي هذا الصدد فقد هنأ الرئيس الأوكراني ترمب على الانتصار ” المذهل ” في الانتخابات الأمريكية ، وارتفعت أسعار السندات الأوكرانية بعد فوز ترمب ووعده بانهاء الحرب الروسية الأوكرانية .

 

أما مخاوف الصين من الفوز فتتلخص في توجه ترمب لفرض رسوم جمركية على السلع  الصينية تصل   الى 60% والسيارات الكهربائية بنسبة 100% ، واذا تم ذلك فان الصين حسب قولها ستعمل في  التركيز على الطلب المحلي في أسواقها .

وتقدر صادرات الصين الى الولايات المتحدة بنحو  400 مليار دولار سنويا .

 

وحسب  خبراء ، فان  فرض رسوم جمركية  سيرفع التضخم في الولايات المتحدة نتيجة الحاجة لزيادة أسعار السلع المستوردة لتغطية الكلفة الاضافية عن الرسوم ويقلل  فرص خفض الفائدة  التي من المتوقع  أن تبقى ضمن نطاق 4% حتى أيار 2025، وأن الوعود  والشعارات الانتخابية والشعبوية تهدف لكسب الأصوات  وتختلف عند التطبيق  والتغيير يتم تدريجيا  وهناك  حدود  دستورية .

 

 

 

قد يعجبك ايضا