كيف نُقنع “فرح” يا وزير الصحة؟

1٬280
الشعب نيوز:-
أسامة الرنتيسي

 “فرح” مهندسة فهيمة، صاحبة حجة ومنطق، وعقلية منفتحة، لا تشكك أبدًا بوجود وباء كورونا، لكن الغيظ يخنقها من سياسة التعامل مع الجائحة وتداعياتها.
تقول “فرح”: مثلما رسموا وخططوا ونفذوا في السنة الأولى لكورونا، ها هم ينفذون السياسة والمنهج ذاتهما في كل عام جديد.
الأسطوانة ذاتها، تبدأ برفع مستوى التحذير والتخويف من موجة جديدة، وما أن نصل إلى بدء العام الدراسي إلا والقرار بإبقاء التعليم عن بعد، خوفا من التعليم الوجاهي، ويتحمل الأهالي والطلبة كارثة هذا التعليم الذي حرم الطلاب من نعمة الحياة المدرسية.
“فرح” ام لثلاثة أبناء، تؤكد أن تبعات نفسانية وعصبية أصباتها وأصابت أبناءها من أثار التعليم عن بعد، وتتأمل أن ينتهي هذا الكابوس بخير.
ما يغيظ “فرح” أكثر أن المخطط ما أن يبدأ في دولة إلا وينسحب رويدًا رويدًا على باقي الدول، وكأن من يخطط لهذه السيناريوهات جهة واحدة وطرف مستفيد من تداعيات الجائحة.
وتتساءل “فرح” بحرقة: متى سينتهي هذا الكابوس الذي عكر حياتنا، وخربط ميزان عقولنا، عن الصح والأصح، وشجع عقليات المؤامرة على الانتشار أكثر وأكثر.
طبعا؛ “فرح” معذورة جدًا لأن ما مارسناه من سياسات متخبطة في جائحة كورونا لا يُعفينا من أن الجائحة برمتها ظاهرة جديدة، ولا يوجد سياقات وتجارب سابقة يمكن الاستعانة بها، لكن ما عشناه في الفترة الأولى، خاصة حركات التمثيل وحكاية “بِنشف وبِموت..” وغيرها من الأفلام التي مرت علينا، لا تجعل المرء الذي يستخدم عقله يشعر بالاطمئنان لكل توجه أو قرار رسمي متعلق بالجائحة وتداعياتها.
لكن لا نستطيع أن نغفل تماما التطور والتحسن الذي طرأ في التعامل مع الجائحة إن كان في طريقة اتخاذ القرار الحكومي والدور الهادىء لوزير الصحة الحالي الدكتور فراس الهواري وسلفه الذي خسرناه الدكتور نذير عبيدات، والنضج في المهنية لمركز الأزمات، والبعد عن الشعبويات عند بعض أعضاء لجنة الأوبئة.
في هذه الأيام هناك خطاب تخويفي تهديدي يتعرض له المواطن الأردني من الجهات الحكومية ومن الإعلام أيضًا، والتهديد بخطورة موجة ثالثة جديدة، ويضربون لنا مثال تونس التي انهار نظامها الصحي بشكل دراماتيكي بفعل موجة دلتا المتحور.
جيد أن نرفع مستوى وعي المواطن في مواجهة الأزمة الصحية التي نمر بها، وهذا واجب الجميع، والإعلام في المقدمة، أما أن نرفع درجات الرعب والتوتر فهذا الأمر غير مطلوب في هذه المرحلة.
صحيح أن كل جيوش الدنيا الصحية والعسكرية لن تقف أمام هذا الفيروس اللعين إذا تفشى فعلا، لهذا نحتاج إلى “سيستم” جديد لحياتنا وساعاتنا وعملنا وراحتنا، وهذه تطورات اجتماعية وثقافية تحتاجها الشعوب وتعمل على تغييرها سنوات طوال، لكن بفضل هذا الفيروس اللعين الذي غير من أنماط حياتنا كثيرا نستطيع أن نعزز الإيجابيات ونقلص السلبيات التي شكونا منها كثيرا، ووضعنا لبعضها مواثيق شرف ووثائق شعبية لكن لم نفلح في تطبيقها لأن فعل التغيير يحتاج إلى إرادة قوية أو فعل أمر ليس برضانا مثلما فعل فينا الكورونا.
ومَن يُصِرُّ على أن نبقى نجلد أنفسنا كلما وقعت مشكلة جديدة تعيدنا للمربع الأول في أزمة الكورونا، فسوف نُجلد كثيرا، لأن الوعي الجمعي مهما اشتغلنا عليه، فإنه يبقى ناقصا، إذا لم يُرافق ذلك قوانين صارمة، يعرف الناس عواقبها جيدا، ويقتنعون أن العقوبة لن ترفع عنهم مهما كان الخطأ الذي يرتكبونه صغيرا أم كبيرا، ولا توجد وسائل حماية ووساطات تعفي المخطئ وتطبطب عليه، وتضيع الحقوق مقابل فنجان قهوة ووجه الجاهة الكريمة.
الدايم الله….

قد يعجبك ايضا