الجهد الأردني المكثف والمتقدم في وقف الحرب على غزة وتقديم المساعدات الانسانية والاغاثية
الشعب نيوز:-
زياد الرفاتي
تم في الخامس عشر من الشهر الجاري الاعلان الرسمي من قبل الوسيط القطري عن اتفاق وقف اطلاق النار في غزة والتوقيع عليه بالمجمل وعلى المرحلة الأولى منه ومدتها ستة أسابيع ، ليبدأ تطبيقه في التاسع عشر من الشهر وعلى ثلاث مراحل زمنية محددة وبضمانة قطرية ومصرية وأميركية في التنفيذ ، وليتم التفاوض على المرحلتين الثانية التي تتضمن استكمال تنفيذ بنود الاتفاق والثالثة بالبدء باعادة الاعمار .
وقد جاء الوقف بعد مرور خمسة عشر شهرا على الحرب والكلف البشرية المروعة والانسانية الباهظة والدمار في الممتلكات والبنى التحتية ، بفقدان أكثر من 47 ألف حياتهم يشكل النساء والأطفال 75% من الضحايا و110 ألف مصاب و10 الاف مفقود تحت الانقاض ، وتدمير 245 ألف وحدة سكنية وحاجة 1،8 مليون شخص الى مأوى ويفتقرون لأبسط مقومات الحياة والخدمات الأساسية ، واستهداف القطاع الصحي والمستشفيات وخروجها عن الخدمة ، ودمار ما نسبته 80% من القطاع والحاجة الى اعادة الاعمار .
وقد أعلن الاتحاد الأوروبي الجمعة عن استعداده لاعادة اعمار غزة خاصة اقامة مستشفيات جاهزة وقراره بتقديم دعما للحاجات الانسانية للقطاع بقيمة 120 مليون يورو ، واطلاق حزمة مساعدات الى سوريا بقيمة 250 مليون يورو لتخفيف المعاناة ، واعلان الرئيس الفرنسي خلال زيارته للبنان أن باريس ستستضيف مؤتمرا دوليا لاعادة اعمار لبنان .
وحسب التقديرات ، تجاوزت الخسائر الأولية المباشرة على القطاع 35 مليار دولار عدا عن الخسائر غير المباشرة وتمثل أكبر دمار شهده العالم منذ الحرب العالمية الثانية ، وتقدر تكلفة اعادة البناء والاعمار نحو 40 مليار دولار
وحسب منظمة الصحة العالمية فان اعادة بناء القطاع الصحي بغزة يحتاج الى 10 مليارات دولار .
وأهل غزة مصرون على استمرار الحياة في القطاع رغم الدمار وألم الفقد ، وعدم تبقي أهداف اسرائيلية حقيقية على الأرض لقصفها سوى مساكن المواطنين .
أما خسائر اسرائيل فقدرت بنحو 67 مليار دولار تمثل 8% من الناتج المحلي الاجمالي لها ، وتراجع التصنيفات الائتمانية من جميع وكالات التصنيف الدولية مع توقعاتها بنظرة مستقبلية سلبية
وبدأت شركات طيران باستئناف رحلاتها الجوية الى تل أبيب مع الاعلان عن اتفاق وقف اطلاق النار .
وحسب خبراء سياسيون في مراكز الدراسات والأبحاث ، فان كلا من طرفي حرب غزة حققا مكاسب نسبية وخسائر نسبية ولا منتصر فيها وفي الحروب لا رابح ولا خاسر .
فمن مكاسب حركة حماس منع الجيش الاسرائيلي من القضاء عليها والذي كان هدفه الرئيسي من الحرب ، والافراج ضمن اطار الاتفاق عن 1650 أسيرا فلسطينيا في السجون الاسرائيلية منهم 600 مدة محكوميتهم تتجاوز 15 عاما و290 محكوم عليهم بالمؤبد والمتبقي ممن تم اعتقالهم بعد السابع من أكتوبر ، واعادة القضية االفلسطينية الى الواجهة .
ويبلغ اجمالي أعداد الأسرى الفلسطينيين في السجون الاسرائيلية 10400 أسيرا باستثناء معتقلي غزة ، منهم 600 بالحكم المؤبد .
فيما خسرت جزءا كبيرا من قوتها العسكرية وقدراتها الصاروخية وقادتها حتى الصف الثالث منهم ودمار القطاع وقامت بتجنيد ما خسرته من المقاتلين .
وهناك شروط لم تحققها في مسار التفاوض وتشمل اعلانها السابق عزمها ” تبييض ” السجون الاسرائيلية من الأسرى الفلسطينيين ، والوقف التام للحرب كشرط أساس لأي صفقة مع اسرائيل ، واشتراط ضمانات بعدم ملاحقة قادتها وعناصرها ، والتمسك بضمانات للبقاء في السلطة يقطاع غزة .
أما مكاسب الجيش فتتركز في تدمير القطاع من خلال القصف الجوي والقضاء على القادة البارزين ..
وخسر أهدافه المعلنة بالقضاء على حركة حماس وعدم اعادة النازحين الى الشمال والافراج عن المحتجزين بالقوة دون شروط مسبقة أو تقديم تنازلات وعجز عن تحقيق ذلك خلال 467 يوما من الحرب . .
وقد أسفرت الجهود القطرية والمصرية والأميركية وهم الوسطاء بالتوصل الى الاتفاق ، رغم ما واجهوه أثناء فترة الحرب من عقبات وطريق مسدود وانسحابات من المفاوضات والعودة اليها ، وأثمرت تلك الجهود في الثلاثة أسابيع الأخيرة بعد تعيين وارسال المبعوث الخاص لترمب الى المنطقة وزيارته الى اسرائيل ومصر وقطر ..
وقد أوردت التقارير الاعلامية في زيارته لاسرائيل ، أن نتنياهو حاول تأجيل لقاء المبعوث الأميركي عدة أيام عند وصوله تل أبيب الا أن المبعوث أصر على اللقاء الفوري ولبى طلبه وتحدث معه بطريقة فظة حاملا معه رسالة شديدة اللهجة من ترمب وطلبه انهاء الحرب فورا وقبل موعد تنصيبه في العشرين من الشهر الجاري ولا يريد رؤية حروبا في المنطقة .
وتضيف التقارير أن نتنياهو أذعن وأجبر على الاتفاق وفق تفاهمات أميركية اسرائيلية لحاجته الى ترمب بالمرحلة المقبلة في مواجهة الملف الايراني وابرام اتفاقيات سلام مع دول عربية أخرى ، وأن ما تحقق أثناء اللقاء من نتائج وخلال فترة قصيرة ما عجزت عنه ادارة بايدن وجولات وزير حارجيته ا الى المنطقة التي بلغت 11 زيارة منذ السابع من أكتوبر 2023 ولم تستخدم نفوذها وقدرتها بالزام أو اجبار اسرائيل على وقف النار .
ووفق صحف اسرائيلية ، فقد وجه ترمب تحذيرات شديدة لاسرائيل من أي انهيار لوقف اطلاق النار في لبنان حيث يرغب مسؤولون اسرائيليون بابقاء الجيش الاسرائيلي في جنوب لبنان وأن حزب الله حذر من العودة للتحرك في الجنوب اذا لم تنسحب اسرائيل .
وحسب مصادر أميركية فقد اطلعت ادارة ترمب على خطة لاصلاح السلطة الفلسطينية ، و تركز الادارة الأميركية الجديدة على تمكين السلطة القلسطينية من أداء مهامها بكفاءة في جميع الجوانب .
ووفقا لخبراء سياسيين ، فان واشنطن أمام نهاية عهد وبداية عهد جديد وأن نتنياهو يخشى ترمب وقد حسم وفرض الاتفاق عليه وحدد موعدا نهائيا لتنفيذه قبل تنصيبه ويجير له ، و يريد اغلاق ملف منطقة الشرق الأوسط والتفرغ للقضايا الداخلية التي تواجهه من الهجرة غير الشرعية والاقتصاد والقرارات الحاسمة التي سيتخذها وتطبيق سياسات فرض الرسوم الجمركية الاضافية على واردات الصين وكندا والمكسيك والاتحاد الأوروبي وقد يلجأ الى تجزئتها بفرضها بشكل تدريجي على أساس شهري للتقليل من أثرها واستيعابها عوضا عن دفعة واحدة ، وما قد تسببه تلك الرسوم من تداعيات وحروب اقتصادية وتجارية وارتفاع الأسعار بشكل واسع وعودة التضخم للصعود مع تحذيرات البنك الدولي من أن الرسوم الجمركية قد تقلل النمو العالمي وأن الرد المقابل من الدول الأخرى قد تفاقم الضرر على النمو .
وان واشنطن اقتنعت بالنتائج العسكرية في المنطقة وتقلص نفوذ ايران ، وانقاذ اسرائيل من الوضع السياسي والاقتصادي الذي وصلت اليه ،ومنع اندلاع حروب جديدة في المنطقة وهذا لا يكون الا بوقف الحرب في لبنان وغزة وعدم اندلاعها ، وقد أفرزت حرب غزة تغيرات جيوسياسية وتوازنات جديدة في المنطقة .
ويريد تأسيس ارث سياسي جديد له في المنطقة يؤدي به الى منحه جائزة نوبل للسلام ، كما أن عودته للمنطقة ستكون مرتيطة بمدى تحقيقه لمكاسب مالية منها باعتباره اقتصادي ورجل صفقات وستكون الجهود فيها من خلال مبعوثه دون تدخل مباشر منه .
و رحب جلالة الملك باعلان وقف اطلاق النار في غزة ودعا العالم لمضاعفة الجهود للتخفيف من المأساة التي خلفتها الحرب بتعزيز الاستجابة الانسانية ، وقدر دور مصر وقطر والولايات المتحدة ، وأن الأردن مستمر مع الأهل في فلسطين وادامة المساعدات والعمل لتحقيق السلام .
وقد أسهمت الجهود الملكية والدبلوماسية الأردنية في حشد الدعم والتأييد للأشقاء في غزة من خلال اللقاءات مع الوفود العربية والأجنبية والأممية التي زارت المملكة أو من خلال اللقاءات الخارجية مع قادة دول عربية وصديقة وفي مؤتمرات القمم العربية والاسلامية واجتماعات الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي والمطالعات القانونية في المحكمة الجنائية الدولية التي نظرت في الدعوى التي اقيمت على اسرائيل وأصدرت قرارا حولها واجراء اتصالات والقاء خطابات وكلمات في المحافل الدولية عدة تمحورت حول ضرورة وقف الحرب على غزة وفتح المعابر وادخال المساعدات الانسانية .
وبهذا الاتفاق وعودة النازحين الى مناطق سكناهم وثمرة الجهد الأردني السياسي والدبلوماسي والاعلامي والانساني المكثف والمتقدم ، فقد أفشل ذلك خطة التهجير القسري من القطاع والضفة الغربية التي كانت تسعى لها الحكومة الاسرائيلية المتطرفة وحذر منها الأردن باعتبارها خط أحمر ونكبة جديدة وتتماشى مع الأطماع التوسعية الاسرائيلية وضم الأراضي الفلسطينية ومنها خطة ضم الضفة الغربية والتي تمثل اعلان حرب ، وأعاد صياغة الموقف الدولي من جديد تجاه العدوان على غزة بعد أن كان منحازا في البداية لصالحه بفعل الرواية الاسرائيلية الزائفة والمضللة للحقائق والوقائع .للرأي العام العالمي .
وفي مجال المساعدات الانسانية والاغاثية ، فقد كسر الأردن الحصار على غزة منذ بدء الحرب وسير شاحنات وقوافل محملة بالمواد الغذائية والمستلزمات الطبية والايوائية من خلال الهيئة الخيرية الهاشمية وانزالات جوية بفكرة جلالة الملك لايصال المساعدات وتلبية الاحتياجات الانسانية العاجلة بواسطة طائرات سلاح الجو الملكي شارك جلالته وسمو ولي العهد ببعض منها بالرغم من المخاطر ، وقد نفذت بمفردها 125 انزالا جويا أردنيا و266 انزالا بالتشارك مع دول شقيقة وصديقة .
واقامة المستشفيات الميدانية الأردنية التي راجعها أكثر من نصف مليون مراجع في القطاع واجراء عمليات جراحية كبرى وصغرى ، وتركيب أطراف صناعية علوية وسفلية عوضا عن المبتورة أعادت الأمل لأصحابها للاستمرار بممارسة حياتهم .
و أسهمت تلك الجهود جميعها في تخفيف المعاناة عن أهالي قطاع غزة ، ولا ينتظر الأردن الشكر والتقدير من أحد ويقوم بما يمليه عليه الواجب الانساني تجاه الأهل والأشقاء وهذا ديدن الأردنيين .
.
.
–