ما هو أبعد من الرؤية الاقتصادية وتتجاوز ظاهرتي الفقر والبطالة وتحسين الرواتب
الشعب نيوز:-
زياد الرفاتي
أظهرت عينة المواطنين في استطلاع مركز الدراسات الاستراتيجية التابع للجامعة الأردنية التي نشرت نتائجه الخميس الماضي بعد مرور 100 يوما على تشكيل الحكومة الجديدة ، أن الفقر والبطالة وارتفاع الأسعار أهم مشاكل الأردنيين ، و يريدون من الحكومة التركيز على الوضع المعيشي والرواتب .
وهذه النتائج تخص العينة الوطنية المكونة من 1608 شخصا مناصفة بين الذكور والأناث وتم اختيارهم عشوائيا من 200 موقع تغطي المملكة .
ان المواطن بطبعه نظرته أنية تهدف الى تحسين راتبه ووضعه المعيشي بسرعة وباجراءات فورية والخلاص من الفقر والبطالة وهذا هدف يسعى اليه وحق له ، ومع كل تلك النتائج فقد كان تقييم المواطنين وقادة الرأي للحكومة الجديدة أعلى من باقي الحكومات السابقة .
ان التخطيط الاستراتيجي بمفهومه الاقتصادي والاداري الشامل لكافة قطاعات الاقتصاد الوطني هو طويل الأمد ، ويتمثل في الرؤية الاقتصادية للمملكة للعشر سنوات القادمة ويمتد انجاز استراتيجياتها وخططها وبرامجها ومبادراتها المنبثقة عنها على مدى تلك السنوات .
ليبدأ ظهور نتائج الرؤية وتلمسها والحكم عليها بتحقيق الأهداف المنشودة بشكل واضح وجلي خلال مراحل التنفيذ والانجاز ، وتمتد لما أبعد من عشرة سنوات في مسيرة المملكة وحياة المواطنين .
ولتحسين جودة الحياة المستمرة من خلال تسريع وتيرة النمو الاقتصادي والانتاجية وتدشين المشاريع الكبرى والبنى التحتية وبناء الشراكات الاستراتيجية وتمكين القطاع الخاص وتطوير وحفز بيئة الأعمال .
والاعتماد على الاستثمارات بدلا من المساعدات ، حيث ارتكز تمويل الرؤية على ما نسبته 70% من الاستثمارات ، والتقليل من البيروقراطية وتخفيض كلف الطاقة والانتاج والتمويل والعمالة .
وتنويع الاقتصاد وموارده وزيادة مساهمات القطاعات الاقتصادية في الناتج المحلي الاجمالي والايرادات غير الضريبية في الموازنة العامة والارتقاء بأداء المالية العامة وتخفيض مستويات الدين العام والتخلص من العجز بحلول 2028 .
و الاعتماد على الذات والاستفادة القصوى من الموارد الطبيعية في المملكة وتوجيه الاستثمارات اليها وجعل المملكة مركزا جاذبا للاستثمارات العربية والأجتبية واقليميا للطاقة النظيفة والتكنولوجيا والاتصالات .
ولهذا يولي جلالة الملك الرؤية الاقتصادية الحرص والأولوية القصوى في الاهتمام والمتابعة والتقييم الدوري لدورها المأمول منها .
وأهمية التفاعل مع أهداف خطة التحديث الاقتصادي التي تشكل نهج العمل الاقتصادي للسنوات القادمة في تنفيذ المشاريع التنموية والخدمية وهي التي تساهم وتسبب في رفع مستوى المعيشة ومكافحة الفقر والبطالة وتوسيع شبكة الحماية الاجتماعية .
وقد سبق وأن أشار سمو ولي العهد , أن الحل الجذري لمشاكلنا وقوتنا هو الاقتصاد وتنويع قطاعاته المساهمة في الناتج المحلي الاجمالي .
ان الفقر والبطالة ظواهر دولية واقليمية متنامية وموجودة حتى في الدول المتقدمة والغنية بالثروات الطبيعية في مختلف القارات .
وقد نشأت في السنوات الماضية تحديات وظروف جيوسياسية وأزمات اقتصادية واضطرابات مصرفية عالمية غير متوقعة وانتشار الأوبئة التي اجتازت الحدود لم يعتاد عليها العالم من قبل ، وأبرزها التضخم وارتفاع أسعار الفائدة وجائحة كورونا والحروب العسكرية والتجارية واللجوء والتغير المناخي ومحدودية الموارد والتنافس عليها وضعف النمو وتراجع النشاطات الاقتصادية الى مستويات غير مسبوقة عن ذي قبل وتبدل أولويات الانفاق والحاجة الى موارد مالية اضافية بالاستدانة وتقلبات حادة في أسواق الطاقة العالمية ، أثرت سلبا على اقتصادات الدول الكبرى والناشئة والنامية على حد سواء وأفرز ذلك ارتفاع مستويات الفقر والبطالة و تعالج من الناحيتين الاقتصادية والاجتماعية من خلال السياسات والاجراءات قصيرة المدى على مستوى المؤسسات بمشاركة وتعاون القطاعين الحكومي والخاص أكثر من الاستراتيجيات طويلة المدى على مستوى الدول .
أما محليا فان المشكلة الحقيقية تكمن في عدم قدرة الاقتصاد على خلق فرص عمل تستوعب الداخلين الجدد الى سوق العمل ، وعدم موائمة مخرجات التعليم الجامعي مع احتياجات السوق .
لقد تم وضع رؤية التحديث الاقتصادي لتحفيز النمو من خلال اطلاق المبادرات والمشاريع الاستراتيجية بالشراكة مع القطاع الخاص وتستهدف خلق مليون فرصة عمل خلال العشرة سنوات المقبلة .
وتظهر الأحصائيات أن أكثر من نصف عدد العاطلين عن العمل هم دون الثانوية العامة وغير مهرة ، والفرص متاحة لهم للالتحاق بمعاهد التعليم والتدريب المهني ثم العمل لتوفير مصدر دخل .
ورغم اطلاق الاستراتيجية الوطنية للتشغيل ، الا أن الخريجين الجدد ما زالوا يواجهون صعوبات في سبيل الحصول على التمويل اللازم من البنوك والمؤسسات المالية لاقامة مشاريع صغيرة أو متناهية الصغر خاصة بهم بعيدا عن انتظار الوظبفة .
ولا سيما فئات الشباب والمرأة والأقل حظا غير المشمولين في النظام المالي الرسمي وبما يسهم في التخفيف من أعداد العاطلين عن العمل وايجاد مصادر دخل لهم ، وهذه الصعوبات تتركز في شروط منح الائتمان التي لا تتوفر لدى الباحثين عن العمل لا سيما حديثي التخرج .
أما رفع المستوى المعيشي فان سياسات الأجور والحماية الاجتماعية يجب أن يكون لها دور في ذلك ، ومعظم مؤسسات القطاع الخاص ولا سيما البنوك والشركات تقوم بربط الزيادات السنوية على رواتب الموظفين بنسبة التضخم المحلية السنوية وتقييم الأداء السنوي وترصد تخصيصات مالية لها في موازناتها التقديرية السنوية .
ويفترض على مؤسسات الأعمال الأخرى الخاصة والحكومية أن تحذو حذو ذلك الاجراء وتحل هذا الموضوع جذريا .
وفيما يتعلق بالفقر فان صندوق المعونة الوطنية يتكفل بتقديم معونات شهرية الى 235 ألف أسرة حاليا ومعظمهم غير قادرين على العمل ، لأسباب مختلفة يقتنع بها الصندوق ويبني عليها قراره وفق المسح الميداني الدوري الذي يجريه للأسر المنتفعة .
ان أهداف الرؤية الاقتصادية للدولة الأردنية استراتيجية وبعيدة المدى بتعميق نمو الاقتصاد الوطني وتطويره وتنويعه وتعزيز منعته في مواجهة الصدمات والتحديات وتمكين المملكة من الدخول الى الألفية الثانية وتحقيق الاستدامة المالية وجودة الحياة ، و أبعد من الظواهر الانية ولا تختزل فيها .
.