مبادرة من خارج الصندوق ! د. حازم قشوع

2٬700
الشعب نيوز:-

بعد انتهاء مرحلة تدمير قطاع غزة، وتعذر ضم جغرافية القطاع للدولة الاسرائيلية على الرغم من قرار وقف حرب غزة، يأتي اليوم التالي لانتهاء حرب غزة بإعلان ولادة فكرة دونالد ترامب من ” خارج الصندوق “، ليكون قطاع غزة فيها تحت السيطرة الأمريكية مع بقاء بعض الفلسطينيين في داخل القطاع وترحيل الغالبية العظمى منهم الى خارجه، مقترحا ترامب انشاء مدن لهم في مصر والأردن، وبهذا يكون صاحب فكرة ” خارج الصندوق ” قد أنهى حرب غزة وفق ارضية عمل تقوم على ترحيل الفلسطينيين عنها والسيطرة على جغرافيتها و اقامه منطقه استثماريه في القطاع تسمح للسكان “الجدد” بخلق ظروف معيشية أفضل، تلك هي المبادرة التي يطرحها الرئيس ترامب مع استهلال مفاوضاته التي بدأها بنتنياهو قبل اللقاء الذي سيجمعه مع الرئيس السيسي والملك عبدالله في يوم الثلاثاء القادم.

وهذا ما يعني أن مبادرة الرئيس ترامب هى “فكرة قيد الصياغة، وهي ليست جملة قيد التنفيذ” الأمر الذي يجعل من قوامها مرن وغير ثابت ويمكن إعادة توظيفها بما يسمح للقوات الأمريكية من تأمين حدود القطاع، وهذا ما يحول امريكا الى طرف موجب ضامن للسلم بين الطرفين، وليس كطرف متحكم بشؤون القطاع ويدير أعماله، أما عن مسألة التذرع بذريعة “حماس المقاومة المسلحة”، فإن حماس قبلت بأن تكون السلطة الفلسطينية المسؤولة عن إدارة القطاع، وهذا ما يستدعي من الإدارة الأمريكية ضرورة دعم السلطة وتمكينها وتوقف الجيش الاسرائيلي عن الاستفزازات التي يقوم بها من اجل اشعال فتيل الضفة، وهذا ما يتوجب على صاحب مبادرة خارج الصندوق بيانه عند انتهائه من لقاءاته التفاوضية التى ستنتهى كما هو متوقع في النصف الأول من هذا العام، بإبرام صفقة سيتم التوافق حولها بالدائرة القطبية فى اللقاء الذى سيجمع ” ترامب بوتين “.

وهذا ما يعني أن عملية التهجير يجدها الجميع غير منطقية كما يعتبرها القانون الدولي الإنساني جريمة حرب ضد الإنسانية، ومن غير المقبول بقاء هذا الطلب ضمن مبادرة يريد منها الرئيس ترامب حصوله على جائزة نوبل للسلام، كما من غير المعقول الطلب من الملك عبدالله والرئيس السيسي مشاركته بارتكاب جريمة حرب ضد الانسانية، وهذا ما يعنى بالاستدلال الضمني أن هذه التصريحات تندرج ضمن الطابع الديماغوجي و الأسلوب البراغماتي العميق، الذي يقف عليه دونالد ترامب بأسلوبه التفاوضي الاستعلامي الإعلامي.

سيما ان اسلوبه اسلوب جديد بالتعاطي مع منطوق قوله كونه يصدر عن الرئيس الامريكي حتى أخذ البعض يعتبره مُسَلم به، لكن أقواله فى حقيقة البيان لا تعدو أكثر من مجسات تفاوضية والبعض منها بالونات اختبارية وان كانت تصدر عن صاحب اكبر سلطة و نفوذ في السياسة الدولية، وهذا ما يمكن مشاهدته بالتصريحات التى أدلى بها تجاه كندا وما حملته من تسوية، وتجاه بنما وما حملته من توافقات، وتجاه المكسيك وحتى تجاه الصين التي عاملته بالمثل وراحت تفرض ضريبة أسوة كتلك التى يفرضها الرئيس ترامب من ضرائب على البضائع الصينية، وهذا ما يعنى بالناتج العام أن الرئيس دونالد ترامب يمتلك مهارة تفاوضية عميقة ويعتمد على اسلوب جديد فى قيادة الأحداث، لكن هذا الأسلوب يبين أن ليس كل ما يقوله الرئيس ترامب يريد تحقيقه لكنها غايات يرغب بالتفاوض حولها.

وهو ما يعني بالمحصلة ان امريكا ستدخل كطرف شريك وليس كطرف راعي فى قطاع غزة، لأسباب ثلاث رئيسيه السبب الأول يتعلق بالمراكز العسكرية في شرق المتوسط بعد انسحاب القوات الأمريكية من سوريا الأرض والبحر، ودخول تركيا كطرف ضامن للأمن البري والجوي والبحري كونها دولة توافق امريكيه روسيه، اضافه الى مساله أخرى لها علاقة بالقناة البحرية والبديله لقناه السويس وآبار الغاز الغنية التي على مشارف غزة، وهى الأسباب الثلاثة إضافة لسبب آخر تريد منه امريكا الاستفادة من مناخات الاستثمار التى يقف عليها حاله الاعمار لقطاع غزة ضمن تصورات ترامب بالسيطرة العسكرية عبر إنشاء قاعدة عسكرية في قطاع غزة، وهذا ما يجعل من غزة منطقه عسكريه امريكيه لكنه في المقابل جعل من أهل غزة يعيشون بقطاع شبيه لمدينة دبي، وهو ما يجعلها بيروت شرق المتوسط القادمة وعلى الرغم من كل هذه المناخات التي ستصاحب حركة إعمار غزة إلا أن غزة لن تكون امريكيه بل ستبقى غزة هاشم بن عبد مناف عربية كما كانت على الدوام.

فإذا ما صحت هذه القراءات الاستدلالية، فإن لقاء الملك عبدالله فى البيت الأبيض سيحمل انفراجات ليس فقط على صعيد العلاقات البينية فحسب بل على مستوى القضية المركزية برمتها، بعد ان يتم اعادة تقليم مبادرة الرئيس ترامب لإمكانية تطبيقها وقبولها فى عمق الدولة الذى ما زال يراقب سير مشهد الأحداث، لكون الملك عبدالله قادر لتجسير الهوة مع التاج البريطاني كما مع حلف الناتو في وجهه متممة، وهى موضوعات تجعل من زيارة الملك عبدالله تحدث منطلق فاعل في إعادة توظيف الدور الأمريكي في قطاع غزة، ليشكل منطلق مقبول سياسيا يمكن البناء عليه لإعادة قوام مبادرة الرئيس ترامب التي تحمل عنوان من خارج الصندوق !.

قد يعجبك ايضا