
على مكتب دولة الرئيس 3 حرية رأي ام تطاول؟. بلال حسن التل
الشعب نيوز:-
تحدثنا في المقال السابق عن خطيئة الوقوع في مفهوم تحول الإعلام الرسمي الاردني الى مجرد وظيفة، والى مشروع تجاري في القطاع الخاص، في خلط واضح للمفاهيم، وهو خلط لم يتوقف عند النظر إلى الإعلام كمشروع تجاري, وأنه مجرد وظيفة, بل أمتد إلى معظم مضامينه، وأخطرها الخلط بين حرية الرأي والنقد وبين التشهير والابتزاز,وهو الابتزاز الذي شوه صورة الوطن، وكان سببا رئيسا في هروب الاستثمارات المحلية، واحجام الكثير من الاستثمارات الخارجية عن القدوم إلى الاردن. كما وقع الخلط بين حق الحصول على المعلومات وبين تسريب أسرار الدولة ووثائقها, وبين حقوق الإنسان والتطاول على الدولة.
ذلك كله كان أحد نتائج تردد الدولة في حل مشاكل قطاع الإعلام، وتنظيمه وفق رؤية استراتيجية، وعدم سعيها الجاد لبناء اعلام الدولة، استجابة لضغوط و مفاهيم خارحية، أوجد لها التمويل الاجنبي اصواتا عالية في الداخل، واستجاب لذلك كله أصحاب الايدي المرتجفة ممن تولوا مواقع المسؤولية في بلدنا.
انتج ذلك كله غياب للمهنية عن الإعلام الأردني, وقبل ذلك غياب الإيمان بما يفعله خاصة على صعيد نقل رسالة الدولة وترجمتها, فالأصل في الإعلام أنه ينقل الخبر والرسالة, وأنه يبني الرأي العام والقناعات, ويدافع عن المواقف, ويتبنى القضايا. لذلك يجب ان يكون العامل في المؤسسة الاعلامية مؤمنا برسالتها، او ليس
معاديا لها في اسؤ الاحوال. وهذه كلها صارت من تجليات ازمة الإعلام الأردني التي تعمقت يوما بعد يوم.
كثيرة هي الأسباب التي أدت إلى تعميق أزمة الإعلام الأردني, من أهمها تعدد المرجعيات، وضعفها وصار اقلها تأتيرا في المشهد الصحفي والإعلامي الوزارة التي يناط بها شؤون الاعلام. مع تضارب في مواقف مرجعيات الإعلام , فحلت سياسة الاستزلام، وتكاثر كتاب الفواتير. وغاب تنفيذ استراتيجية الدولة العابرة للحكومات لبناء اعلام دولة فاعل. رغم وضع العديد من الاستراتيجيات الاعلامية لكنها ظلت حبرا على ورق وحبيسة الادراج. بالاضافة الى عدم وضع الموازنات المالية اللازمة للإعلام الحكومي . فما يوضع من ميزانيات لهذه المؤسسات بالكاد يكفي رواتبا للعاملين فيها. مع اخذنا بعين الاعتبار ان رواتب الصحفيين والاعلاميين في الاردن لا تليق بالدور الذي يجب يقومون به. وكذلك مع اهمال لموزنات الإنتاج والتدريب المستمر، ليظل الاعلامي على تواصل مع مستجدات مهنته.
نتج عن ذلك تشتتا في المواقف وإزدواجية في الخطاب. عززذلك الفقر الشديد في القيادات الإعلامية
أدت إلى تعمق أزمة الإعلام الأردني, أنه ايضا تم وضع الكثير من الاستراتيجيات , فجل ما يقدم لها يذهب كرواتب في معظمها متدنية,
في ظل هذا الواقع المأزوم للإعلام الأردني, والناجم عن غياب رؤية الدولة لأدوار إعلامها ومن ثم عقيدتها الإعلامية, لم تعد مستغرباً جملة الأدوار السلبية التي يلعبها الإعلام الأردني وأولها أن يتحول إلى أداة تلميع لأشخاص ونكاية بأشخاص أخرين, وأن يكون أداة بيد من يدفع وهو في الغالب جهة خارجية، وأن تصبح المجاملة سبباً رئيساً لنشر الكثير من المقالات والأخبار والتحليلات، وأن تسود لغة الارتزاق وأساليب الابتزاز.
ولاغرابة أيضأً في أن يغيب دور الإعلام في بناء الهوية الوطنية وفق خطة مدروسة, وأن يغيب الدور التنموي للإعلام وأن يقصر في إبراز الإنجازات الوطنية, وقصص النجاح, وفق خطة مدروسة, على العكس من ذلك فقد صار الإعلام الأردني خلال السنوات الأخيرة من أهم أسباب أنتشار ثقافة جلد الذات والاحباط والمشاعر السلبية, من خلال تركيزه على السلبيات واعتماد أسلوب الأثارة بعيداً عن المسؤولية الوطنية.