
مطالعة قانونية لمركز إحقاق: رسوم نقابة الصحفيين “باطلة” منذ 2014 والمطالبة بها “غير مشروعة”
الشعب نيوز:-
عمان –
كشف مركز إحقاق للدراسات القانونية، في مطالعة قانونية موسعة، أن الرسوم السنوية التي تفرضها نقابة الصحفيين الأردنيين على المؤسسات الصحفية والإعلامية باطلة دستورياً منذ عام 2014، استناداً إلى التعديلات التي طرأت على المادة 128 من الدستور.
وأوضح المركز أن المادة (43) من النظام الداخلي لنقابة الصحفيين، والتي تفرض رسوماً سنوية بقيمة ألف دينار على المؤسسات التي تصدر مطبوعات يومية أو تملك مواقع إخبارية أو محطات فضائية وإذاعية، فقدت سندها القانوني منذ الأول من تشرين الأول 2014، لعدم تعديل النظام أو إلغائه خلال المهلة الدستورية المحددة بثلاث سنوات من نفاذ التعديل الدستوري عام 2011.
وأشار “إحقاق” إلى أن هذا النظام الداخلي، الصادر عام 2003، يعتبر ملغى حكماً بعد انتهاء المهلة الدستورية، بموجب الفقرة الثانية من المادة 128 من الدستور المعدل، والتي تنص على أن “جميع القوانين والأنظمة المعمول بها تبقى نافذة إلى أن تُلغى أو تُعدّل خلال مدة أقصاها ثلاث سنوات”.
وذكّرت المطالعة بمضامين الورقة النقاشية السادسة لجلالة الملك عبدالله الثاني، والتي شددت على أن سيادة القانون هي أساس الدولة المدنية، وأن احترام القانون مقدّم على أي اعتبارات أخرى، ما يعزز مشروعية المطالبة بوقف تطبيق النظام المذكور.
وأضاف المركز أن فرض هذه الرسوم بعد عام 2014 يشكل تجاوزاً لمبدأ المشروعية، ويُعدّ استيفاءً غير قانوني، مؤكداً أن من حق المؤسسات الصحفية المتضررة اللجوء إلى القضاء لاسترداد المبالغ التي دُفعت دون وجه حق.
واستندت المطالعة إلى أحكام وقرارات صادرة عن محاكم أردنية، تؤكد أن الأنظمة التي لم تُعدّل أو تُلغَ ضمن المهلة الدستورية المحددة تُعتبر لاغية حكماً، ولا يجوز الاستناد إليها بأي شكل.
وختم مركز إحقاق بالتأكيد على أن استيفاء النقابة لهذه الرسوم بعد انتهاء السند القانوني يمثل مخالفة صريحة للدستور، ويُخضع هذا الإجراء للبطلان المطلق الذي لا تُجيزه أي سلطة، حتى وإن تم تعديل النظام لاحقاً.
بصيغتها المعدلة بعد إقرارها على النحو التالي:
1- لا يجوز أن تؤثر القوانين التي تصدر بموجب هذا الدستور لتنظيم الحقوق والحريات على جوهر هذه الحقوق أو تمس أساسياتها.
2- إن جميع القوانين والأنظمة وسائر الأعمال التشريعية المعمول بها في المملكة الأردنية الهاشمية عند نفاذ هذا الدستور تبقى نافذة إلى أن تلغى أو تعدل بتشريع يصدر بمقتضاه وذلك خلال مدة أقصاها ثلاث سنوات.
و. أقر مجلس الأعيان مشروع تعديل المادة (128) من الدستور كما وردت من مجلس النواب.
ز. صادق الملك على مشروع التعديلات الدستورية، وقد صدرت وتم نشرها في الجريدة الرسمية العدد (5117) تاريخ (1/10/2011) وتم نفاذها والعمل بها منذ هذا التاريخ، حيث جاء في المادة (36) من هذه التعديلات ما يلي:
المادة (36): يلغى نص المادة (128) من الدستور ويستعاض عنه بالنص التالي:
1- لا يجوز أن تؤثر القوانين التي تصدر بموجب هذا الدستور لتنظيم الحقوق والحريات على جوهر هذه الحقوق أو تمس أساسياتها.
2- إن جميع القوانين والأنظمة وسائر الأعمال التشريعية المعمول بها في المملكة الأردنية الهاشمية عند نفاذ هذا الدستور تبقى نافذة إلى أن تلغى أو تعدل بتشريع يصدر بمقتضاه وذلك خلال مدة أقصاها ثلاث سنوات.
ح. إعمالاً للمبدأ القانوني (مبدأ الأثر الفوري للقانون الجديد) فإن سريان تعديل الدستور يبدأ من تاريخ (1/10/2011)، وبتطبيق ذلك المبدأ على المادة (36) منه فإن المادة (128) من الدستور الأصلي تصبح ملغاة منذ ذلك التاريخ (1/10/2011) ويلغى حكمها، ويبدأ سريان نص المادة (128) الجديد منذ ذلك التاريخ أيضاً أي في (1/10/2011) ويبدأ تطبيق ما ورد بها من أحكام تقضي بها.
ط. من الواضح – وضوح الشمس في رابعة النهار – أن المادة (128) من الدستور عندما أُنشئت مع إنشاء الدستور الأصلي كانت تقضي بأن جميع التشريعات من قوانين أنظمة وغيرها التي كانت سارية في المملكة عند صدور الدستور الأصلي تبقى سارية إلى الوقت الذي يتم إلغاؤها أو تعديلها بتشريع يصدر بموجب الدستور الصادر سنة 1952، ويلاحظ أنه لم يرد في نص المادة (128) في الدستور الأصلي مدة محددة لبقاء هذه التشريعات سارية، بل تبقى سارية إلى الوقت الذي يتم إلغاؤها أو تعديلها بتشريع آخر.
ي. لقد بقيت المادة (128) من الدستور سارية إلى أن تم إلغاؤها بموجب تعديل الدستور لسنة 2011 الذي بدأ العمل به بتاريخ (1/10/2011) وحل محلها نص جديد بدأ سريانه من ذات التاريخ، أي في (1/10/2011)، وهو نص يشابه النص المُلغى من حيث المبنى لكنه أضاف عبارة مهمة وهي عبارة (وذلك خلال مدة أقصاها ثلاث سنوات).
أي أن جميع التشريعات من قوانين وأنظمة وتعليمات وغيرها التي كانت سارية عند بدء العمل وسريان النص الدستوري الجديد، أي بتاريخ (1/10/2011) تبقى سارية إلى يتم إلغاؤها أو تعديلها خلال مدة أقصاها ثلاث سنوات، ومن الواضح – وضوح الشمس في رابعة النهار – أن هذه المدة تنتهي بتاريخ (30/9/2014).
ك. إن (النظام الداخلي لنقابة الصحفيين رقم 83 لسنة 2003) عند نفاذ الدستور المعدل لسنة 2011 كان نافذاً، وهو نظام لم يُلغى و لم يجري عليه أي تعديل خلال مدة أقصاها ثلاث سنوات من تاريخ نفاذ الدستور المعدل، أي أن مدة الثلاث سنوات (الفترة الانتقالية) قد انتهت بتاريخ (30/9/2014) ولم يجر عليه أي تعديل، وبالتالي فإن مدة نفاذه تكون قد انتهت مع مدة نفاذ مدة الثلاث سنوات، أي يكون قد انتهى نفاذه بتاريخ (30/9/2014)، وبعد هذا التاريخ أصبح نظاماً ملغى حكماً بحكم القانون والدستور ويجب إعدامه وعدم العمل به وبأحكامه، فالمشرع عندما أضاف عبارة (خلال مدة أقصاها ثلاث سنوات) كان يعني ويقصد دلالتها، فالمشرع لا يقول لغواً ولا يُضيف فضلاً من الأحكام، وهذا النص الدستوري هو نص آمر وواجب النفاذ ويترتب على مخالفته جزاء البطلان المطلق الذي لا ترد عليه إجازة في دولة القانون الملتزمة بمبدأ المشروعية ومبدأ سيادة القانون، وإن من واجب المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها تنفيذ أحكام القانون لا سيما أحكام الدستور (القانون الأعلى) الواجب إنفاذ أحكامه أولاً، وذلك من تلقاء نفسها أو بناءاً على طلب أحد الخصوم لديها.
وإن إجراء أي تعديل على هذا النظام بعد تاريخ (1/10/2014) أي بعد إلغائه حكماً هو تعديل باطل ولا يجعل من هذا النظام نظاماً سارياً مرة أخرى.
ل. لقد استقرت اجتهادات المحاكم الاردنية على اختلاف أنواعها ودرجاتها على أن انتهاء المدة الانتقالية التي يفرضها المشرع لغايات بقاء التشريع نافذ المفعول إلى أن يُلغى أو يُعدل بتشريع يصدر بمقتضاه خلال مدة معينة تعني أنه بانتهاء تلك المدة يكون التشريع ملغى حكماً إذا لم يُلغى او يُعدل بتشريع يصدر بمقتضاه.
(لطفاً انظر الحكم رقم 2097/2021 تمييز حقوق، والحكم رقم 2785/2019 تمييز حقوق، والحكم رقم 3215/2018 تمييز حقوق – هيئة عامة) التي تقضي بأن المادة (65) من (قانون البلديات رقم 14 لسنة 2007) التي تنص على ما يلي:
((يلغى قانون البلديات رقم 29 لسنة 1955 وما طرأ عليه من تعديلات على ان تبقى الانظمة والتعليمات والقرارات الصادرة بمقتضاه نافذة المفعول الى ان تلغى او تعدل او يستبدل غيرها بها وفقا لاحكام هذا القانون خلال مدة اقصاها سنة من تاريخ نفاذه)).
والتي تقضي بالإلغاء حكماً (لنظام أسواق الجملة للخضار والفواكه رقم 47 لسنة 2004) الصادر بموجب (قانون البلديات رقم 29 لسنة 1955) لأنه مضت مدة سنة من تاريخ نفاذ (قانون البلديات رقم 14 لسنة 2007) ولم يُلغى هذا النظام أو يُعدل أو يُستبدل غيره به، وبالتالي يكون هذا النظام قد ألغي حكماً.
(وأيضاً، لطفاً أنظر الحكم رقم 241 لسنة 2009 – محكمة العدل العليا، والحكم رقم 36 لسنة 2015 – المحكمة الإدارية)
م. ومن الجدير ذكره أنه قد تم تعديل المادة (128) من الدستور بموجب تعديل الدستور لسنة 2022 الذي قضى في المادة (26) منه بأن تعدل الفقرة (2) من المادة (128) من الدستور بإلغاء عبارة (وذلك خلال مدة أقصاها ثلاث سنوات) الواردة في آخرها، وهذا التعديل يؤكد دلالة هذه العبارة على النحو الذي بَيّناه سابقاً والذي أكدته اجتهادات المحاكم الأردنية على اختلاف أنواعها ودرجاتها.
ثالثاً: إن مبدأ سيادة القانون يقضي بخضوع الجميع، أفراداً ومؤسسات وسلطات وقضاة ومسؤولوا إنفاذ القانون لحكم القانون، وهو يضمن حقوق الأفراد وعدم تعسف السلطة أو انتهاك الحقوق الأساسية للإنسان، وهو يُرسخ حكم القانون وسيادته.
رابعاً: وبما أن (النظام الداخلي لنقابة الصحفيين رقم 83 لسنة 2003) هو نظام ملغى وباطل وقد انتهى العمل به بموجب المادة 128 من الدستور منذ (1/10/2014) على نحو ما تم بيانه، فإن ما يترتب على ذلك هو بطلان استيفاء نقابة الصحفيين مبلغ ألف دينار رسم اشتراك سنوي من المؤسسة الصحفية والمؤسسة الإعلامية التي تصدر مطبوعة صحفية يومية أو لديها موقعاً إلكترونياً إخبارياً أو محطة فضائية أو محطة تلفزة أرضية أو محطة إذاعية منذ تاريخ (1/10/2014)، وبالتالي يحق لكل مؤسسة صحفية ولكل مؤسسة إعلامية ولكل متضرر وصاحب مصلحة الطعن الاستيفاء غير المحق لدى المحاكم والراجع القضائية المختصة، وله المطالبة باسترداد المبالغ التي دفعها دون وجه حق حسب القانون والأصول.