“اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية” حالة سياسية ثريّة نحو إصلاح حقيقي… كتبت نيفين عبد الهادي

677
الشعب نيوز:-

عندما وجّه جلالة الملك عبد الله الثاني بتشكيل اللجنة “اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية”، وضع قاطرة الإصلاح في جانبه السياسي على مسارها الصحيح، بمحددات واضحة عملية مؤكدة النتائج تنطلق بتعديلات تشريعية من شأنها أن تحدث فارقا سياسيا ايجابيا بقواعد ذهبية تجعل من باب المئوية الثانية لتأسيس الدولة الأردنية مشرّعا لإصلاح مثالي.
اللجنة الملكية، لا يمكن قراءة وجودها وأداءها منذ تأسيسها على أنها لجنة عابرة للظروف أو للأحداث، إنما هي حالة سياسية عميقة، تعمل على نقل ملف الإصلاح السياسي لمساحات واسعة من التغيير والتحديث الإيجابي، بصورة عملية يحضر بها رأي كافة الآراء ووجهات النظر سواء كان من خلال تنوّعها في أعضائها، أو من خلال الجولات الثريّة التي تنفذها ولقاءاتها المتكررة التي لم تتوقف بالمطلق، مع كافة الفعاليات المحلية، الأمر الذي يؤكد أن مخرجاتها ستحمل إلى جانب تنوّعها الكثير من الايجابيات على الواقع السياسي.
اللجنة تعمل منذ تأسيسها بنهج عملي من خلال لقاءاتها المتعددة، والتي شملت الأحزاب والاعلاميين والصحفيين والبرلمان بغرفتيه “نواب وأعيان”، والشباب والمرأة، وغيرها من الفعاليات التي تجعل من منظومة الإصلاح متكاملة، فيما تجعل من عملية الإصلاح التي وجّه بها جلالة الملك منذ سنين، ميسّرة وقابلة للحياة والتنفيذ، مبنية على الإستماع لكافة وجهات النظر، بحوارات مبنية على تنوّع الفكرة وتعدد وجهات النظر وصولا لنهج اصلاحي وفقا لما أراده الملك وما أشّر له دوما بأن “التحديث والتطوير من سمات الدول والشعوب الحية”.
يأتي عمل اللجنة اليوم منسجما مع نهج الدولة حيث تبدأ مرحلة جديدة من عمرها وهي تلج مئويتها الثانية، إذ تكتمل الصورة النهائية لما من شأنه أن يجعل من الإصلاح عملا وليس فقط أفكارا، عملا يصاغ ببرامج وأدوات تنفّذ مفاتيح الاصلاح التي أشّر أيضا لها جلالة الملك، في القاعدة الذهبية للإصلاح متجسدة بتعديل قانوني الانتخاب والأحزاب والنظر بالتعديلات الدستورية المتصلة حكما بالقانونين وآليات العمل النيابي، ليوجّه بذلك بوصلة الاصلاح لوجهتها الصحيحة مؤكدة النتائج.
ووفق ما وجّه به جلالة الملك، حرصت اللجنة سواء كان من خلال أعضائها كافة، أو من خلال لجانها، على لقاء كافة المواطنين والإستماع بحوارات ثرية لكافة وجهات النظر بحرص رئيس اللجنة سمير الرفاعي على المشاركة في كافة هذه اللقاءات والحوارات، والإجابة بشكل مباشر على أي تساؤلات بشأن عمل اللجنة أو مخرجات عملها، بل الأخذ بالآراء الممكن تطبيقها، مع حرصه الشخصي على الطلب في كافة هذه اللقاءات الطلب من المشاركين تزويد اللجنة بأي مقترحات وآراء يمكن الإستفادة منها في عملها، وتعديلاتها التشريعية التي تعكف على انجازها.
اللجنة التي عهد جلالة الملك لرئيس الوزراء الأسبق سمير الرفاعي كشخصية شبابية سياسية اقتصادية مميزة برئاستها وتحمل في تشكيلتها الثريّة المتنوّعة رسالة غاية في الأهمية بأنها حتما ستقوم بدور هام ومميز وستجعل من الإصلاح حالة وليس فقط خططا تدور في فلك اتسم في أغلب الأحيان ببطء الخطوة، تلحقها اليوم تساؤلات كثيرة وما يمكن حسمه بعد مرور أيام على تأسيسها أنها ستكون قادرة على أداء مهمتها بنجاح، فضلا على أن مبدأ انشائها يعدّ قفزة في الاتجاه الصحيح لجهة اصلاح حقيقي وجاد وعملي سيلمس الجميع نتائجه خلال الأيام القادمة في بداية لمئوية تنبض بتطوير وحداثة.
وما يمكن أيضا حسمه اليوم، بعد نشاط اللجنة وماراثونات اللقاءات التي تجريها بشكل يومي، أن ما تقوم به هو إعادة بناء للإصلاح بشكل مدروس وعملي، وترتيب تفاصيل هذه المنظومة بوضع صيغ توافقية من خلال الإستماع لكافة وجهات النظر لإصلاح حقيقي، ايمانا منها أن الإصلاح ليس اسما أو تعبير فارغ من أي مضمون إنما هي حالة ستدخل الأردن لمئوية جديدة أكثر قوة وحداثة، تعدّ عدّته شخصيات ونخب من جميع أطياف المجتمع بما فيها المعارضة.
لم تبدأ اللجنة عملها بخطى غير مدروسة، أو بعشوائية، فقد وضع جلالة الملك لها جلالة الملك من خلال الرسالة التي وجهها لها، خارطة طريق لعمل اللجنة، أكد جلالته خلالها على مهمة اللجنة وقال “تكون مهمتها وضع مشروع قانون جديد للانتخاب ومشروع قانون جديد للأحزاب السياسية، والنظر بالتعديلات الدستورية المتصلة حكما بالقانونين وآليات العمل النيابي، وتقديم التوصيات المتعلقة بتطوير التشريعات الناظمة للإدارة المحلية، وتوسيع قاعدة المشاركة في صنع القرار، وتهيئة البيئة التشريعية والسياسية الضامنة لدور الشباب والمرأة في الحياة العامة”، محددا بذلك عمل اللجنة وخطاها التي عليها السير بها، بتعديل قانوني الانتخاب والأحزاب، ودون أدنى شك أن في تعديل القانونين مفتاح حقيقي للإصلاح والدخول لعملية اصلاح شاملة وحيّة، وهو ما عملت على قطع شوط كبير به اللجنة حتى اليوم.
وضعت اللجنة أمام مسؤولية ليست سهلة، لكن ما يمكن تأكيده أن اللجنة تمكنت من تحقيق خطوات واسعة نحو النجاح، مقتربة من نهاية دربها بمخرجات غنيّة جدا، وصولا لشكل متطور للإصلاح، اصلاح بنسخة أردنية أعدّها وعمل على صياغتها أبناؤها من سياسيين وحزبيين ونقابيين وصحفيين وشباب ونساء، يمثلون أطياف المجتمع وكذلك فئاته العمرية التي لم تغفل أحدا، واضعة محددات للعمل القادم من خطوات الإصلاح، الذي سيلمسه الجميع ويشعر به كونه جاء من رحم لقاءات حرصت اللجنة على تنفيذها سواء كان في مقرها أو من خلال زياراتها الميدانية للمحافظات ومقار فعاليات مختلفة.
وبطبيعة الحال تحمل نتائج عمل اللجنة صفة الأهمية، وحتمية التنفيذ، في ظل ما أكد جلالة الملك بتنفيذ ما ستخرج به اللجنة بقوله “وإنني أضمن أمام الأردنيين والأردنيات كافة، أن نتائج عملكم ستتبناها حكومتي، وتقدمها إلى مجلس الأمة فورا ودون أي تدخلات أو محاولات للتغيير أو التأثير”، فهو الحسم الملكي بأهمية الاصلاح وتطبيقه.
ووفق توجيهات جلالة الملك “بانتظار نتائج أعمالكم التي تتضمن التوصيات ومشاريع القوانين المقترحة، على ألا يتأخر تقديمها عن موعد انعقاد الدورة العادية المقبلة لمجلس الأمة” فإن اللجنة أكدت أن خطواتها شارفت على صياغة مخرجاتها بصورتها النهائية، ففي تحديد اطار زمني ربط لساعة الزمن بالالتزام، وعدم تغييب أهمية الوقت في عمل اللجنة وجاهزيتها محددة بوقت واضح وضعها جلالة الملك نُصب أعينهم وأعين الجميع بانتظار اصلاح يزيل تشوّهات ويبني شكلا حديثا متطورا للإصلاح، وهو ما تسعى لتحقيقه اللجنة التزاما بتوجيهات جلالته لرفع نتائج عملها وبلورته مستفيدة من اللقاءات وأفكارها والأوراق النقاشية لجلالة الملك، حتى يأتي الإصلاح منسجما مع طموح الجميع.
ربما الأسئلة مشروعة اليوم من قبل الجميع إلى أين تتجه بوصلة عمل اللجنة، وما هي مخرجاتها، هي أسئلة برسم الإجابة حتى وإن كانت بدأت مبكرا، لكنها تبقى مشروعة، وبالمقابل فإن اللجنة من خلال عملها وسياسة اداءها غير التقليدي تمنح ثقة كبيرة لدى الجميع بأن القادم سيجعل من منظومة الإصلاح حتيمة التطبيق بصيغ توافقية قريبة من كافة الآراء والأفكار، وتحكي كذلك بلسان الشارع المحلي ورغباته، ناهيك عن التزامها بأنها ستقدّم مخرجات عملها وفقا للمدة التي وجّه بها جلالة الملك.
اللجنة تؤكد اليوم وكل يوم أنها الحسم الحقيقي للإصلاح وجعله حقيقة ملموسة نعيشها جميعا، وسط حرص من اللجنة رئيسا وأعضاء على التواصل والإستماع لكافة وجهات النظر بجولات في عمان وكافة المحافظات، والوصول للآراء ووجهات النظر كافة، والأخذ بكل الممكن منها، برؤية واضحة أن الرأي والرأي الآخر سيثري من عملها ونتائجه، وسيجعل من الإصلاح الني تحرص على تنفيذه وجعله متاحا وعمليا ثريا بآراء كافة وجهات النظر.

قد يعجبك ايضا