
التضامن الحقيقي مع غزة: بين الرمزية والفعل..كتبت رزان عبدالهادي
الشعب نيوز:-
في زمن تتسابق فيه عدسات الهواتف لالتقاط صور أطباق الطعام الفاخرة، وفي وقتٍ تزدهر فيه مهرجانات الأكل التي تُغرق وسائل التواصل الاجتماعي بصورٍ براقة، قد يتساءل البعض: هل يكفي أن نُظهر تضامننا مع أهلنا في غزة بمجرد التوقف عن نشر هذه الصور أو مقاطعة تلك المهرجانات؟ لا شك أن مثل هذه الخطوات تحمل رمزية معنوية ورسالة احترام لمعاناة شعبٍ يُكابد الجوع والحرمان، لكنها تبقى لفتات عاطفية لا تُغيّر واقعًا مريرًا ولا تُشبع جائعًا.
التضامن الرمزي جميل، بل وربما ضروري لإبقاء القضية حيّة في وجداننا، لكنه لا يضع لقمة في فم طفل ينتظر المساعدة منذ أيام، ولا يوفّر الدواء لمريض على سرير الألم. الصور والكلمات، مهما كانت مؤثرة، لا تُسمن ولا تُغني من جوع. الفعل وحده هو الذي يصنع الفارق وينقذ الأرواح.
وهنا يبرز الدور الذي يضطلع به الأردن، قيادةً وشعبًا، في تقديم الدعم الحقيقي لأهلنا في غزة. فمنذ بداية الأزمة، كانت الجهود الإنسانية التي يقودها جلالة الملك عبدالله الثاني، ممثلة بالهيئة الخيرية الهاشمية، في طليعة العمل الإغاثي. قوافل الإمداد تعبر الحدود يوميًا، والمعابر تُفتح رغم كل التحديات، والمساعدات الغذائية والطبية تُسقط جوًا لتصل إلى من هم بأمس الحاجة إليها، في رسالة واضحة بأن الفعل أصدق من القول.
هذه الجهود ليست مجرد مبادرات عابرة، بل هي التزام أخلاقي وإنساني يعكس دور الأردن التاريخي في الوقوف إلى جانب الأشقاء في أوقات المحن. الدعم الحقيقي يحتاج إلى مساهمة الجميع، سواء عبر التبرع المادي، أو التطوع في حملات الإغاثة، أو حتى نشر الوعي حول أهمية الفعل على حساب الاستعراض.
إن التضامن مع غزة لا يقف عند حدود المقاطعة أو الامتناع عن نشر صور الطعام، بل يتعداها إلى المشاركة الفعّالة في صناعة التغيير. لنجعل من أفعالنا امتدادًا لتعاطفنا، ولتكن صورنا الأكثر تداولًا هي صور المساعدات وهي تصل إلى مستحقيها، لا صور أطباقٍ فاخرة تُلهينا عن آلام من هم بحاجة إلينا.
في نهاية المطاف، يبقى الفعل هو التعبير الأصدق عن التضامن، واليد التي تُطعم جائعًا أبلغ أثرًا من ألف صورة أو كلمة.