
فكرة التعايش و قضية التهجير د. حازم قشوع
الشعب نيوز:-
قد تكون حكومة تل أبيب نجحت بتدمير البنية التحتية في قطاع غزة، وجعلتها بيئة طاردة لأهلها كما فعلت بمقياس آخر فى القدس والضفه، وقد تكون قوى التطرف الإسرائيلية نجحت هى الاخرى فى السيطرة على بيت القرار الاسرائيلي بغطاء أمريكي مما جعلها تمارس بصلف سياستها الرامية للتجويع لغايات التهجير فى عموم فلسطين، وتقوم بشن حرب واسعة النطاق على مجتمعات المنطقة تستهدف اعادة ترسيم جغرافيتها السياسية عبر تدخلاتها العسكرية معنونة بحماية الاقليات فى سوريا كما فى لبنان وفي العراق وايران، وتقوم آلة الحرب الإسرائيلية بتنفيذ الحلول العسكرية بغرض الهيمنه والسيطره على مجتمعات المنطقة غير أبهة بالقانون الدولي ولا حتى بالحق الإنساني فى التعاطى مع معيشه إنسان هذه المنطقة ومستلزمات حياته، وغدت تقوم بتدمير “كيف ما تشاء واينما تشاء ووقت ما تشاء”، ولا تتحمل حيال فعلتها اية مسؤولية مالية أو أخلاقية تجاه معالجة الضرر أو حتى تقديم ورقة اعتذار للإنسان المتضرر جراء أفعالها، واخذت تجسد دور “القوي عايب” نتيجة الدعم الأمريكي العسكري لها كما السياسي والمالي، وهذا ما جعل من اسرائيل تنطلق بحال لسان امريكا وتعلن عن بدء تنفيذ مشروعها التوراتي بين الفرات والنيل بدعم من دول المركز وغطاء دبلوماسي، وهذا ما جعل من دول المنطقة تأخذ دور “المشاهد المتذمر” الذي ليس بمقدوره سوى تقديم المعونات الإنسانية في أحسن الظروف !.
لكن حكومة إسرائيل على الرغم من فرض هيمنتها بالقوة الا ان فعلتها هذه أخذت تسقط مساله مهمه جدا تبينها “فكرة التعايش” السلمي مع مجتمعات المنطقة، وهي مسألة تعتبر استراتيجية للسلم الاقليمي كما للأمن الاسرائيلي الذى لن تحققه الآلة العسكرية مهما غلت ولا البندقيه مهما استفحلت فى غييها وتمادت قوى التطرف الاسرائيليه باستخدامها، لان نهايه المشهد حكما سيكون التوقف عن القتال مهما طال أمد المعارك عند نهاية غبار الحرب واجيجها، وسيكون الجميع أمام حقيقة مفادها تعنونه مسالة التعامل مع مخلفات الدمار وتداعيات الحرب، وهذا ما سيحتدم على إسرائيل إذا ما نجحت باحتلال القطاع للتعامل مع الإنسان الفلسطيني وتوفير مستلزماته المعيشية في إطار موجبات “دولة الاحتلال”، وهذا ما سيفرض على اسرائيل كلف أمنية واقتصادية باهظة للتعامل مع الإنسان الفلسطيني وظروف معيشته، وهي الظروف والمناخات التي ستجعل مسألة التعايش السلمي بعيدة المنال على الأقل في الوقت الراهن.
تلك هي المحصلة التي جعلت من أجواء “السلم الإقليمي” تكون غائبة عن أذهان شعوب المنطقة مع تنامى حالة التصعيد التى وصلت لحد استخدام القوة بطريقة غير أخلاقية بإنفاق قطاع غزة، والتعامل غير الإنساني الذي تمارسه بتنفيذ حملات الاغاثة الانسانية اضافه للطريقه السيئه التى تمارسها بحق الشعب الفلسطيني الأعزل في الضفة والقدس والقطاع، متذرعة بإسقاط غييها بالقضاء على حماس أو غيرها من فصائل المقاومه على الرغم من انحياز القانون الدولي للمقاومة فى التعاطى مع الاحتلال، الأمر الذى جعل الحال الفلسطيني يخوض معركة عنوانها ردع “التهجير” كما محيطه العربي والمجتمع الدولي الذي راح يدعم مشروع حل الدولتين تأكيدا منه لرفض مسألة التهجير والترحيل، كما يقوم الجميع بنبذ الحلول العسكرية ورفض القرارات الاحادية التى أسقطت فرضيات العيش المشترك وجعلتها غير واقعية في الحالة الظرفية.
إن سقوط فكرة التعايش السلمي بين إسرائيل والدول العربية جعلت من مشروع الاتفاقات الابراهيميه تخرج مطرودة من الحاضنة العربية إلى الأمة التركية في آسيا الوسطى، لتبدأ هذه الفرضيات بنسج خيوطها فى مركز أذربيجان وتسبح في فضاء غير الفضاء المستهدف، وهي المحصلة والنتيجة التي تؤكد بالدليل والبرهان عن فقد المجتمع الاسرائيلي للأمان الذي كان من المفترض تحقيقه عبر التعايش السلمي ورفض الشعب الفلسطيني وشعوب المنطقة والمجتمع الدولي نظرية التهجير والترحيل من واقع علو موج الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وهذا ما جعل من إسرائيل تقبع في عزلة دبلوماسية وجعل من المجتمع الاسرائيلي يخسر مناخات التطبيع التي كان يمكن تحقيقها بين مجتمعات المنطقة، لكن عقلية “الهدم لإعادة التركيب” مازالت تمارس بطريقه مشينه وجعل من اسرائيل وهى تقوم بدور أكبر من قدراتها وإمكاناتها من إعادة شعوب المنطقة إلى مربع الاعتراف الصفرى بعدما كان يمكن لشعوب المنطقة من تنفيذ جملة مصالحة تاريخية مع المجتمع الاسرائيلي !.
تلك هي المحصلة التي يستوجب من الحكومة في تل أبيب مناقشته بطريقة موضوعية ووضع المسببات الموجبة قيد البحث والتدقيق، كما أن مسألة نبذ سياسة التهجير والترحيل التي يجري الحديث عنها في الأروقة السياسية والأمنية الإقليمية والدولية أخذت ما تكون محط استهجان وادانه قانونية ودبلوماسية، وهى الدوافع التي جعلت من العالم أجمع يتجه تجاه الحلول الأحادية من أجل تحصين حل الدولتين عندما قام بفرض حل الدولتين من واقع إعلان الدولة الفلسطينية واعطائها في القانون الدولي صفة عامل كامل العضوية، وهو ما تظهره موجة دولية عارمة تتجه تجاه الجمعية العمومية في أيلول القادم، والتى سيكون من الصعب على الحكومة الإسرائيلية من التصدى لأمواجها إذا ما بقيت تسير بذات المسار وتقدم “الخبر على المبتدأ” فى بيان مسرح الاحداث، عبر تصعيد المناخات العسكريه لان دوافعها باتت ضعيفة وانصارها كشفوا عنها الغطاء ولم يبق لديها سوى ورقة التوت الامريكيه التي يجري العمل على إسقاطها عبر تفاهمات الكابتول الجارية.
لقد حذر الملك عبدالله في البرلمان الأوروبي من إسقاط فكرة التعايش السلمي لما لها من عناوين استراتيجية تصب في صميم الأمن الإقليمي والسلام الدولي، كما بين ضرورة كف اسرائيل وقوى التطرف الداعمه عن فكرة التهجير فلا القانون الدولي يسمح بذلك ولا القانون الإنساني يجيز لها ذلك، والقدس كما الضفه تعتبر جزءا مركزا للامن الوطني الاردني، وهذا ما جعل الاردن يكون محط استهداف نتيجة مواقفه التي أرساها في اجتماع لجنة الأمن والسياسة الأوروبية كما راح ينسجها في محطاته التي كانت مفصلية في رفض سياسات التهجير ودعم فكرة التعايش السلمي عبر أحقاق مشروع الدولة الفلسطينية عبر تيار عريض اخذت امواجه بالعلو وتحدث عظيم تأثير فى أيلول القادم … ولن يثنى الاردن من مواصلة مشواره للانتصار للقانون الدولي لإيمانه المطلق بضرورة سيادته على الجميع دون محاباة وتميز مهما صعد المغرضين من حملاتهم فلن ينالوا من الاردن ولا من عزيمة الملك الهاشمي وهو يقف بصلابة على أرض النشامى.