سر السعادة بقلم: نادية إبراهيم نوري

الشعب نيوز:-

 

كل إنسان يسعى وراء السعادة ويتمناها، لكن مفهوم السعادة يختلف من شخص إلى آخر ومن ظرف إلى آخر؛ فالمريض يراها في الصحة، والمديون يراها في المال، والمسجون يجدها في الحرية، والطالب يراها في النجاح، أما المحب فتكمن سعادته في اللقاء بمن يحب.

غير أن السعادة الحقيقية تكمن في الرضا واليقين بالله، وتقبّل أقداره خيرها وشرّها.

شاهدت صورة بسيطة في ظاهرها، لكنها تحمل معنى عميقًا، تلخص حال النفس البشرية:

أربعة أشخاص، رجلان وزوجتاهما.
الأول ثري ممتلئ الجسم، يظهر عليه الغنى من ملابسه الفاخرة وساعته الثمينة والسيجار بين أصابعه. كان يبتسم للرجل الثاني ابتسامة صفراء، بينما عينيه تتأمل شابًا أصغر منه سنًا، مظهره بسيط يعكس بساطة حاله المادي، ويتمتم في نفسه:
“ليتني أملك شبابه ورشاقته ووسامته… وليت لي زوجة جميلة رشيقة كزوجته.”

وفي المقابل، بادل الرجل الثاني الابتسامة بنظرة مماثلة، وقال في داخله:
“ليتني أملك ثروتك، وليتني أعيش في بيت كبيتك وأقود سيارة كسيارتك.”

أما زوجة الرجل البسيط، فقد كانت تحدّق في مجوهرات زوجة الغني وتقول في نفسها:
“هذا العقد مكانه عنقي، وهذه الثياب أنا أولى بها، وهذا الثراء يليق بجمالي.”

بينما كانت زوجة الرجل الثري تنظر إليها بحسد آخر:
“ليت لي جمالها ورشاقتها… ليت شعري مثل شعرها، وليت لي تلك النظرات الساحرة.”

لحظات قصيرة جمعتهم، لكنها فرّقت قلوبهم وهم يغادرون مثقلين بالحسرة، كل واحد منهم يتمنى ما عند الآخر، غير مدرك لقيمة ما يملك.

هكذا نحن البشر؛ غالبًا لا نستشعر النعم التي بين أيدينا، بل نبحث عمّا ينقصنا، فنفقد لذّة السعادة.
وقد نبّهنا الله تعالى إلى ذلك في كتابه الكريم:

﴿وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ ۖ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ﴾
(طه: 131)

إن سر السعادة حقًا يكمن في القناعة والرضا. ولو تأملنا في حياتنا لرأينا أن المال والشهرة والجمال لا تجلب السعادة؛ فكم من نجمات وجميلات فضّلن إنهاء حياتهن رغم امتلاكهن كل ما يظنه الناس سعادة! وكم من أثرياء تخلوا عن حياتهم في قمة النجاح والثروة!

في المقابل، قد نجد رجلاً بسيطًا يعيش مطمئنًا بين أسرته، راضيًا بما قسم الله له، سعيد القلب مرتاح النفس.

فالمال قد يشتري الدواء لكنه لا يشتري الصحة، وقد يشتري البيت لكنه لا يشتري الأمان.
السعادة ليست فيما نملك من مظاهر، بل فيما نشعر به من رضا وقناعة، مع السعي والاجتهاد والطموح دون أن نربط سعادتنا بما في أيدي الآخرين

قد يعجبك ايضا