أميركا في زمن الكورونا.. إنطباعات زائر لم يفكر يوما بالهجرة!أسامة الرنتيسي

264
الشعب نيوز:-

أغادر منزل (عمر وروان الدافئ) في مدينة هيوستن الأميركية عصر الثلاثاء تحت درجة حرارة تقترب من 35 مئوية ترافقها أمطار غزيرة تلطف حرارة الجو وتبعث نسمات رقيقة في النفس عندما تصل مسار الشارع السريع فتغيب حبات المطر بشكل لافت فتتساءل كيف بلعت الأرض كل هذه المياه في لحظات من دون أن تترك آثارا ودمارا.
تدخل مطار جورج بوش الدُّولي في مدينة هيوستن، فتضحك على أن تسميات المؤسسات والمواقع الحيوية بأسماء أشخاص ليست حكرا على عالمنا العربي فقد سبقتنا فيها شعوب ودول متحضرة.
(على ذمة ويكيبيديا وليس ذمتي أنا) مطار جورج بوش الدُّولي هو ثاني أكبر منشأة طيران في ولاية تكساس الأمريكية وأحد أسرع المطارات الأمريكية نموًا، ومن أكبر مطارات العالم من حيث حركة الركاب. يبعد عن وسط مدينة هيوستن نحو 32 كيلومترًا، بمساحة إجمالية 40 كيلومترًا مربعًا. أُطلق عليه اسم جورج بوش نسبة إلى جورج بوش الأب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية الواحد والأربعون وذلك في عام 1997.
“أميركا في زمن الكورونا..” عنوان ليس من اختياري وإنما من اختيار مَن حثَّني على كتابة انطباعاتي الشخصية عن رحلة أميركا الصديق العزيز المفكر الخليجي الدكتور محمد الرميحي أفضل من عملت بمعيته في حياتي المهنية في صحيفة “أوان” الكويتية، عندما كان رئيسا للتحرير وأنا مديرا للتحرير، وللعلم فإن الدكتور الرميحي أحد ثلاث شخصيات كويتية أسهموا سرا في إعادة العلاقات الأردنية الكويتية بالتنسيق مع الأمير الحسن بن طلال بعد كارثة الغزو العراقي للكويت.

أميركا وطالبان وأفغانستان…

سألت أكثر من شخص في أميركا إن كان ينتظر كلمة الرئيس الأميركي جو بايدن قبل أيام بعد أن قطع إجازته وعاد إلى البيت الأبيض ليدلي بتصريحات حول التطورات في أفغانستان، فكانت الإجابات صادمة، (أفغانستان شو وطالبان شو…) لأكتشف ان آخر هموم الإنسان الأميركي العادي غير المُسيَّس والمُحزَّب هي السياسة الخارجية وأحداث العالم، وهذا طبعا ليس بجديد عن الانطباع العام السائد عن المواطن الأميركي، وعدم اهتمامه بشؤون السياسة واهتمامه بحياته الخاصة.
بايدن الذي أعلن أن بلاده دفعت نحو ثلاثة تريليون دولار في العشرين سنة الماضية في أفغانستان لم تحرك هذه الأرقام الفلكية عقل الإنسان الأميركي واهتمامه، فتساءلت بصمت: كيف هي قضايانا العربية في عقل واهتمام الإنسان الأميركي إذا كانت قضية بحجم أفغانستان لا تَلقى أي اهتمام ؟!.
تسمع الجواب من الخبير الأردني في أميركا وواحد من أهم المدراء في شركة الأمازون المغترب منذ 28 عاما صديق الطفولة والشباب كايد عزيز مصاروة فيقول لك باختصار: “إن أميركا تضع رأسها برأس الصين والدول الكبرى فكيف سيكون مقدار اهتمام الإنسان الأميركي بقضايا صغيرة مثل قضايانا العربية”.

 

زائر ولست مهاجرًا…!

أعترف لكم أنني مفجوع جدا من حجم دعوات وتشجيع محبين وأصدقاء حميمين بالبقاء في أمريكا والتفكير جديا بموضوع الهجرة، صحيح أن بلادنا للأسف طاردة وأوضاع حياتنا المعيشية في تراجع مرعب، لكن لم أتوقع أن يكون هذا رأي من تجاوز عمره نصف قرن.
من حق الشباب الأردني الذي اعترفت الأرقام الرسمية وأرقام سيِّئ الذكر البنك الدُّولي أن البطالة من سن 18 إلى 23 عاما وصلت 50 % أن يفكروا في الهجرة من البلاد، وأن أفضل طريق للمستقبل طريق المطار.
ما أن تغيب مقولة رئيس الوزراء السابق الدكتور عمر الرزاز “لا تهاجر يا قتيبة..” إلا وتعود تسمعها كثيرا من أصدقاء “هاجر يا أسامة…” فتبكي بحرقة من دون دموع وإنما بعصر ما تبقى في قلبك وروحك من محبة لهذه الديار ومَن سكنها، وتتذكر مشاهد من مسرحية الفنان السوري دريد لحام، كاسك يا وطن وهو مبسوط بعد كأسين من العرق يخاطب والده الشهيد في دار الآخرة “صرنا فرجة يا أبي…” “كيف بدي أغيب عن الوطن وهو ساكن فيي…” “بدوخ في الطيارة أنا يا عمي…..”.
آخر دعوات التشجيع جاءت من صديق صاحب موقعين ألكترونيين، بعد التوجه الحكومي برفع رسوم الترخيص السنوية للموقع الإلكتروني من 50 دينارًا إلى 500 دينار، ليقول لي “وبعدك بدك ترجع…”.

أميركا في زمن الكورونا…

ساذج من يقول لك إن اهتمام الإدارة الأميركية في قضية كورونا شيء ثانوي، فهي في صلب أولويات عملها، كذلك يفعل المواطن الأميركي الملتزم بارتداء الكمامة في كل حركاته في الشارع والمولات، كما أن هناك تحريضًا رسميًا على التطعيم حيث يدرس الرئيس الأميركي دفع مكافآت مالية لكل مواطن يذهب للتطعيم المتوفر في كل مكان حتى في الصيدليات.
حسب الإعلام الأميركي يتوقع أن يصدر خبراء صحة أميركيون توصية لجميع المواطنين بأخذ جرعة ثالثة من اللقاح المضاد لفيروس كورونا بغضّ النظر عن العمر، على أن تُعطى هذه الجرعة بعد 8 أشهر من الجرعة الثانية.
ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن مصادر في إدارة الرئيس جو بايدن أن الجرعة الثالثة هدفها تأمين الحماية من المتحور الجديد دلتا الآخذ في الانتشار. ويتوقع أن يبدأ هذا التطعيم بلقاح فايزر بمجرد أن تعطي إدارة الغذاء والدواء موافقتها.
وأشارت المصادر المطلعة على النقاشات، بخصوص الجرعة الداعمة للقاح كورونا، أن إدارة الرئيس قررت أن يحصل معظم المواطنين على جرعة اللقاح الثالثة بعد 8 أشهر من تلقي الثانية، ويمكن أن يبدأوا بتقديمها في وقت مبكر من منتصف سبتمبر/أيلول المقبل.
الإصابات بفيروس كورونا ومعدل دخول المستشفيات للعلاج في الولايات المتحدة، ارتفعت الأسبوع الماضي، إلى أعلى مستوى في 6 أشهر، بسبب الانتشار السريع لسلالة دلتا المتحورة في أجزاء من البلاد ما زالت معدلات التطعيم فيها منخفضة.
وكانت قد صدرت دعوات من منظمة الصحة العالمية، إلى الدول الغنية، بتأجيل البدء بإعطاء جرعة ثالثة من اللقاح بغية تأمين إعطاء الجرعة الأولى للبلدان الفقيرة.

إسرائيل دولة فصل عنصري…

لرفع المعنويات أكثر للأصدقاء وللصديقات (ماجد الأمير وحلمي الاسمر وذوقان عبيدات ومحمد الصلاحات وزهرية الصعوب ووسام الخليلي ومجد محادين وجليل خليفة وإيمان القاسم وصلاح الطموني وصلاح أبو هنود وموسى حوامدة وميسرة ملص……) ومن لا يزال مؤمنا بحتمية زوال إسرائيل، بالمقاومة وليس على طريقة أخونا سلطان حطاب ومشايخ معركة “هرمجدون..” من المقرر أن يصوت برلمان ولاية كاليفورنيا الشهر المقبل على مشروع قانون يتيح للمناطق التعليمية المحلية اختيار مناهج الدراسات العرقية لطلبتها، وبينها منهاج يعتبر “إسرائيل” دولة فصل عنصري ويشجع الطلبة على مقاطعتها.

وحسب وسائل إعلامية فمشروع القانون يتيح للمناطق التعليمية حرية اختيار منهاج حصص الدراسات العرقية ويجعلها مبحثا إجباريا لطلبة المرحلة الثانوية العامة.
وذكرت وسائل الإعلام، أن أحد المناهج يسمى “موديل المنهاج التحرري للدراسات العرقية (LESMC) ” ويتبنى الرواية الفلسطينية للتأريخ ويصف “إسرائيل” بدولة فصل عنصري، ويدرب الطلبة على حملات مقاطعتها وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها (BDS) .
ويعرّف “المنهاج التحرري للدراسات العرقية”، الصهيونية على أنها “أيديولوجية قومية استعمارية”، وأن هناك “فصل عنصري في إسرائيل”، كما جاء.

خلاصة….

لم أكتب عن رحلة استمرت شهرا بالضبط (بضيافة 5 ستار من عمر وروان) لكي أروج للسياحة في أميركا كما اتهمني بعض الأصدقاء، وإنما انطباعات شخصية متواضعة لرحلة من أجمل رحلات العمر، ولمشاهدات أدهشتني عن جمال الطبيعة والحياة والإنسان الأميركي البسيط الذي يبتسم في وجهك من دون مناسبة ويلقي عليك تحية الصباح والدعوات بيوم جميل على عكس كشْرتنا المعتادة صبح مساء، وعن احترام منقطع النظير للقانون والنظافة العامة في الشوارع والمولات والحدائق الساحرة في كل المدن والولايات الأميركية.
في الأقل لا تسمع أبدا بكل اللغات “إعرف مع مين بتحكي….”.
الدايم الله……

قد يعجبك ايضا