
المنصة الزراعية الوطنية ومنصات التسويق الزراعي م. سعيد بهاء المصري
الشعب نيوز:-
المنصة الزراعية الوطنية
تتطلب التحديات الزراعية في الأردن حلولًا مبتكرة تدمج بين الإنتاج وإدارة الموارد والتسويق ضمن رؤية شاملة، وهذا ما يجعل فكرة المنصة الزراعية الوطنية ضرورة وطنية وليست مجرد خيار. فالقطاع الزراعي يعاني من فوضى في الإنتاج، نقص في البيانات الدقيقة، تذبذب في المواسم المطرية، وتراجع في الموارد المائية، وكل ذلك يستوجب وجود منصة رقمية قادرة على تنظيم المشهد الزراعي بالكامل.
أهداف المنصة الزراعية الوطنية
1. التخطيط والإنتاج المنظم:
– وضع خطط إنتاجية وطنية تقوم على بيانات دقيقة ومتجددة.
– التنبؤ بالعرض والطلب لتفادي الاختناقات أو الفوائض الضارة بالمزارعين.
– ضمان التوازن بين احتياجات السوق المحلي وفرص التصدير.
2. إدارة الموارد بكفاءة:
– ربط البيانات الزراعية بالمصادر المائية والطاقة لضمان الاستخدام الأمثل للموارد.
– إدخال تقنيات الاستشعار والذكاء الاصطناعي للتنبؤ بالاحتياجات الفعلية للمحاصيل.
3. قاعدة بيانات وطنية:
– إنشاء نظام رقمي شامل يضم معلومات المزارعين، المساحات المزروعة، المحاصيل، الإنتاجية، وتوزيعها الجغرافي.
– تمكين صناع القرار من استخدام البيانات في السياسات الزراعية المستقبلية.
4. تعزيز الأمن الغذائي:
– رفع كفاءة المزارع الصغيرة والمتوسطة من خلال التحديث الرقمي والإرشاد الإلكتروني.
– ضمان استدامة الإنتاج بما يحقق الاكتفاء الذاتي النسبي ويحمي الأردن من تقلبات الأسواق العالمية.
5. التكامل المؤسسي:
– ربط عمل اتحاد المزارعين وغرفة الزراعة مع وزارات الزراعة والمياه والصناعة والتجارة عبر منصة موحدة.
– توضيح الصلاحيات وتقليل التداخل بين الجهات المختلفة، مما يعزز الحوكمة ويزيد الثقة بالقطاع.
6. دعم التمويل والتأمين الزراعي:
– ربط المزارعين بالجهات الممولة (بنوك، شركات تأمين، مؤسسات قروض) من خلال بيانات موثوقة.
– تشجيع الاستثمار الزراعي عبر توفير معلومات دقيقة تقلل المخاطر.
الفرق بين المنصة الزراعية الوطنية ومنصة التسويق الزراعي
– المنصة الزراعية الوطنية: أداة شاملة لإدارة القطاع الزراعي بكامله، من التخطيط والإنتاج إلى إدارة الموارد والبيانات ودعم السياسات. هي بمثابة مركز وطني للمعرفة والحوكمة الزراعية.
– منصة التسويق الزراعي: أداة جزئية متخصصة تركز فقط على تسويق المنتجات، وفتح قنوات بيع محلية للمزارعين مع بقاء التصدير الخارجي من اختصاص غرفة الزراعة.
وبذلك يمكن القول إن المنصة الزراعية الوطنية أوسع وأشمل، بينما منصة التسويق الزراعي تمثل أحد أذرعها التنفيذية في مجال تصريف الإنتاج.
منصات التسويق الزراعي
تواجه الزراعة في الأردن تحديات متشابكة تتعلق بالإنتاج والتسويق، إذ يعاني المزارع من ضعف القدرة على الوصول المباشر للأسواق، فيما تتعرض المنتجات أحيانًا لفائض أو نقص نتيجة غياب التخطيط المسبق. وفي ظل هذه التحديات، برزت فكرة إنشاء منصات تسويق زراعية كأداة وطنية حديثة لتنظيم العلاقة بين المزارعين والأسواق، وتحقيق الشفافية في تداول المنتجات.
لكن نجاح هذه المنصات مرهون بوضوح الأدوار، بحيث لا يحدث خلط بين مهام المؤسسات الزراعية القائمة مثل اتحاد المزارعين وغرفة الزراعة، وبين ما يمكن أن يقدمه المزارع نفسه عبر هذه المنصات.
الغايات الرئيسية للمنصات الزراعية
1. فتح قنوات بيع مباشرة محلية: تمكين المزارع من تسويق منتجاته داخل الأردن بسهولة، كما يفعل في السوق المركزي ولكن بأسلوب رقمي.
2. تعزيز الشفافية: عرض الكميات المتاحة والأسعار بشكل فوري، ما يحد من تحكم الوسطاء.
3. الحد من الفاقد والهدر: تسويق المنتجات بسرعة قبل تلفها، وربطها بمشترين محليين أو بمصانع الأغذية.
4. توفير بيانات دقيقة: رصد العرض والطلب بشكل لحظي، بما يساعد الدولة وغرفة الزراعة في التخطيط لفتح أسواق جديدة أو ضبط الإنتاج.
الأدوار المؤسسية
اتحاد المزارعين
– يمثل المزارعين وينظم عملية الإنتاج.
– يضع الخطط الزراعية بالتعاون والتنسيق المباشر مع وزارة الزراعة ووزارة المياه ووزارة الصناعة والتجارة، لضمان التوازن بين الموارد المائية المتاحة، متطلبات السوق المحلي، وفرص التصدير.
– يتابع جودة المحاصيل ويلزم الأعضاء بالمعايير والإرشادات التي تصدر عن الجهات الحكومية المختصة.
غرفة الزراعة
– الجهة المخوّلة للترويج والتسويق الخارجي وفتح الأسواق الدولية والمشاركة في المعارض العالمية.
– تمثل المنتجات الأردنية أمام المستوردين وشركاء التجارة.
– تشرف على أداء أسواق الجملة ونصف الجملة والتجزئة داخل المملكة، وتصدر توصياتها للجهات الحكومية المختصة حول السياسات والإجراءات التي تضمن عدالة التسويق واستقرار الأسعار وحماية المستهلك.
المزارع
– يضع بيانات الإنتاج الخاصة به على المنصة.
– يبيع منتجاته داخل السوق المحلي فقط عبر المنصة.
– يستفيد من معرفة الأسعار والتواصل المباشر مع التجار المحليين.
المنصة نفسها
– تعمل كوسيط شفاف ينظم تدفق المعلومات بين المزارع، الاتحاد، والغرفة.
– تتيح قاعدة بيانات وطنية تسهل عملية التخطيط والإنتاج والتصدير.
منع خلط الأدوار
من المهم أن يدرك الجميع أن السماح للمزارع بعرض إنتاجه عبر المنصة لا يعني تجاوزه لغرفة الزراعة أو منافستها في التصدير. فالتسويق المحلي متاح للمزارع بشكل مباشر عبر المنصة، بينما يظل التسويق الخارجي (التصدير) حكرًا على الغرفة، لضمان وحدة الجهود الوطنية وعدم تشتيت صورة المنتج الأردني في الأسواق العالمية.
بهذا الشكل تبقى الأدوار متوازنة:
– الاتحاد ينظم الإنتاج.
– الغرفة تدير التصدير والإشراف على الأسواق المحلية.
– المزارع يستفيد من البيع المحلي المباشر.
– المنصة توفر الأداة الرقمية التي تربط بين الجميع.
الخلاصة
إن منصات التسويق الزراعي ليست بديلًا عن المؤسسات القائمة، بل هي أداة تكاملية تعمل على تعزيز الشفافية ودعم المزارع ورفع تنافسية المنتج الأردني. نجاحها يتوقف على وضوح الأدوار والتزام كل جهة بمهامها، بما يضمن تحقيق التوازن بين الإنتاج والتسويق، والمحلي والدولي، لصالح الأمن الغذائي والاقتصاد الوطني.