تغيرت الأزمات عبر عقود وبقي الاردن قوياً بقيادته وشعبه وجيشه كريستين حنا نصر

الشعب نيوز:-

بمناسبة افتتاح الدورة العادية الثانية لمجلس الأمة الاردني العشرين ، بشقيه الأعيان والنواب ، القى جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين حفظه الله خطابه السامي ، والذي جاء مهماً بمضامينه وأولوياته الوطنية الداخلية والسياسية ، واهتمام الدولة في أبرز القضايا الدولية الراهنة ، إن القاء الخطابات السامية لملوك بني هاشم هو تقليد دستوري منذ عهد تأسيس امارة شرق الاردن ، حيث كان أول خطاب للمغفور له الملك عبد الله الأول عام 1929، ولاحقاً كان أول خطاب عرش سامي في عهد المملكة الاردنية الهاشمية عام 1946م ، بينما في عام 1999م وتحديداً حين استلم جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين حفظه الله سلطاته الدستورية فقد ألقى جلالته خطابه السامي الأول .
شاهدت واستمعت بحرص الى خطاب العرش السامي لحضرة صاحب الجلالة الملك عبد الله الثاني أمس، الذي يأتي في ظروف خاصة وفي هذه المرحلة العصيبة التي تمر بها منطقة الشرق العربي مؤخراً ، بما في ذلك الصراع بين اسرائيل وحركة حماس في غزة ، إلى جانب التطورات الاخيرة المتسارعة بعد اسقاط نظام الاسد البائد وما أعقبه من تطورات أخرى في المشهد السوري ، اثناء تولي الحكم الانتقالي فيها ، كذلك ما يتصل بحال لبنان الشقيقة وما تعيشه من التطورات الراهنة فيها إضافة الى مسألة حصر السلاح في يد الدولة والجيش وما تعلق بها من تبعات ، كذلك الحال في العراق الشقيق ايضاً و ما تخلله من التطورات الاخيرة الجارية فيه ، ومنها الاصرار الامريكي على رئيس الوزراء محمد شياع السوداني بضبط وتقليص قوى الميليشيات العراقية المدعومة من ايران ، وبالطبع نحن في الاردن نستشعر كل هذه التغييرات المتلاحقة ونعيش في خضم كل هذه التطورات العصيبة التي يمر فيها الشرق الاوسط .
حيث اشار جلالته أمس الى صلابة الاردن عبر تاريخه وفي خضم جميع ما شهده من التطورات السياسية التي مرت بها المملكة الاردنية الهاشمية منذ انشائها مروراً بالمئوية وحتى اليوم ، ونجاحها المميز في تخطي الازمات المختلفة التي مرت بها ، وقد نجح جلالته في الحفاظ على سلامة وسيادة الاردن وشعبه ، قائلاً :” أقف أمامكم كما هو عهدنا ، كل عام في ذات المكان الذي شهد بداية العهد لخدمة هذا الوطن. هذا الوطن الذي كان قدره أن يولد في قلب الأزمات ، والتي لم تكن يوما استثناء في مسيرته ، بل كانت رفيقته منذ البدايات ، فكان لزاما أن يشق دربه بالإرادة ، فأثبتت أجياله في كل منعطف وقوفها في وجه المصاعب. فنما الأردن رغما عنها ، واشتد عوده ، وتجاوزها واحدة تلو الأخرى ، بفضل إيمان الأردنيين والأردنيات الصادق بربهم ، و وطنهم ، و وحدتهم . وهذا دليل تفرّدنا نحن الأردنيين، حملة العزيمة ” ، وهذا الخطاب الملكي الهاشمي العميق الدلالات والمعاني ، وبالاخص في هذه الحقبة من تاريخ حكم بني هاشم ، فقد بين و وضح لنا جلالته أهمية التماسك والثقة المطلقة بين القيادة والشعب الأردني الوفي والوطني ، وقد استخدم جلالته عبارة ( شعبي القريب مني ، سند الاردن وذخره ) ، حيث يعطي الشعب الاردني الاهمية الاولى لقوة هذا الوطن .
سأل جلالته في الخطاب سؤال بالغ الاهمية ، وهو :” يتساءل بعضكم كيف يشعر الملك؟ أيقلق الملك ؟ ، هذا السؤال الملكي أثار الكثير من المضامين والمشاعر في نفوس أبناء الشعب الاردني ، حيث اشار فيه جلالته أنه يتحمل عبء الحكم ومسؤولية كبيرة يحملها على عاتقه كملك للمملكة الاردنية الهاشمية ، فهو يقلق لكن أكد في الوقت نفسه في النهاية أنه لا يخاف الا من الله الذي يتكل عليه ، ويعني بذلك انه يقلق على الاردن ، وهنا يعطي جلالته أيضاً أهمية للقوة الالهية التي تحمي المملكة ، كلام عميق مؤثر وأعتقد أنه عندما يخاف ويتكل الحاكم على الله ، فان الله تعالى يعطيه ويمنحه الحكمة في حكم وادارة بلده ، ويحميه وبلاده من الشرور والتحديات ، كلام في مجمله مؤثر جداً من الملك ويوصل لنا جميعاً رسالة مفادها بأنه انسان مثلنا يحكم الاردن بكل تواضع ومخافة من الله ، وهذا التواضع الهاشمي كان واضحاً لي عندما قال جلالته : ” فهذه الأرض المباركة ولادة الأحرار، والشباب الأردني، وأولهم الحسين، ابني وابنكم، جند لهذا الوطن “، وهنا نجد ان جلالته لم يقل الامير الحسين بل قال ( الحسين ابني وابنكم ) ، وهذا يؤكد ويوصي الاردنيين بأن الحسين ابنهم أيضاً ، ويلغي بكلامه اي وجود لفوارق طبقية بين الملك وابنه والشعب الاردني ، الذي يوصيه بابنه الحسين ، وهذا يؤكد أن هنك اهتمام ملكي هاشمي دائم بالشباب وبالاخص من قبل ولي العهد ، وهذا الحديث الملكي الهاشمي يعني لي أن جلالته يوصي حفظه الله الشعب على ابنه الحسين وبالاخص بعد عمر طويل مبارك لجلالته رعاه الله عندما يتسلم سموه الحكم الهاشمي ، هي وصية الأب أي الملك للشعب الاردني الذي يحب بان يحافظوا على الحسين مثل أولادهم ، ويؤكد أن العائلة الهاشمية والشعب الاردني عائلة واحدة موحدة لحماية هذا الوطن ، كذلك هم موحدين مع الجيش الاردني والاجهزة الامنية التي شكرها شكر خاص على تضحياتهم وحمايتهم هذا الوطن ودفاعهم عنه قائلاً :” سليل أبطال كانوا وما زالوا حماة للأرض وسياجا للوطن ، ومهما تعاظمت الأحداث واشتدت ، أقولها قولا واحدا : هنا ، رجال مصنع الحسين، درعا مهيبا ” ، وايضا اشاد جلالته بالشعب الاردني قائلاً :” الأردني حامي الحمى الذي فتح بابه فانتصر للضعيف ، ولبَّى نداء المستغيث “، وهنا يوضح للعالم كيف إحتضن الاردن وشعبه اللاجئين على مدى عقود بين احضان الاردنيين وعلى أرضهم :” الأردني الذي تعلم فعلم، الذي زرع فأطعم ، الذي تميز فرفع رؤوسنا بين الشعوب “.
وبالنسبة للاصلاحات السياسية والاقتصادية والادارية التي رسم طريقها ووضع استراتيجيتها لنا جلالة الملك عبد الله الثاني ، فقد صرح أن الاردن قد قطع شوطاً ليس بالقليل في تنفيذ وتطبيق هذه الاصلاحات ، ولكن ما زال الطريق طويل أمامنا ، وحمل جلالته المسؤولية لهذا المجلس ليعمل بجهد وبشكل منقطع النظير لمتابعة ما تمّ انجازه في مسار التحديث ، وأيضاً للعمل على تعزيز وتمكين العمل الحزبي النيابي المكرس لخدمة الشعب والوطن ، ولتحقيق النمو واقامة المشاريع الكبرى التنموية والسعي الدؤوب لجذب الاستثمارات وتوفير فرص العمل ورفع مستوى المعيشة للمواطنين ، مؤكداً جلالته على ضرورة الاستمرار في التطوير في مجالات التعليم ليكون أكثر مواكبة لمتطلبات العصر ، وبالتزامن معه يجب أيضاً كما يؤكد جلالته الالتفات لمسألة تطوير نظامنا الصحي وتحديث منظومة النقل ليكون أكثر كفاءة في سبيل دعم التنمية وتحسين نوعية الحياة.
وفي ختام خطاب جلالة الملك ، تطرق الى الصراع في غزة و واقع أهلها الصامدون ، واكد جلالته على أن الاردن سيبقى بجانبهم بكل الامكانيات أي وقفة الاخ مع أخيه ، حيث أكد أن المملكة سوف تستمر في ارسال المساعدات الاغاثية وتقديم الخدمات الطبية الميدانية ، كما وضح أن الاردن لن يقبل في استمرار الانتهاكات في الضفة الغربية ، مشيراً جلالته الى دور الاردن التاريخي تجاه القدس الشريف ، حيث يواصل الاردن وبكل اخلاص وشرف حمل امانة الوصاية الهاشمية على المقدسات الاسلامية والمسيحية في القدس ، وختم بكلمات يطمئن بها الاردنيين أن لا خوف على الاردن القوي بشعبه ومؤسساته وسيبقى قوي بعون الله .

قد يعجبك ايضا