
مستقبلنا في عيون طفلة البادية الشمالية!..يزن عيد الحراحشة.
الشعب نيوز:-
اهتز الضمير الجمعي للمجتمع الأردني عقب الاطلاع على تفاصيل مقتل طفلة تبلغ مكن العمر ست سنوات على يد والدها الذي اعتاد تعنيفها حسب التقارير الطبية، صورة الطفلة المشعة براءة بأناملها المرتجفة بردا تحيط بعلبة بسكويت لنشاط مدرسي طافت قلوب الأردنيين، وحظيت القضية باهتمام واسع.
وهنا أشير إلى انعكاسات مؤلمة رفعت الطفلة النقاب عنها، عن واقع صعب يعيشه مئات الأطفال المعنفين، ولحسن حظ صغيرتنا فقد فاضت روحها دون تهم النم والطعن التي تصبغ كل مقتولة باستحقاقها لهذا بتأويلات العرض والشرف، أما قصتنا هذه فلا يختلف على فظاعة ما وقع فيها عاقلان.
القضية أعادت إلى ذاكرتي المواقف السلبية التي اتخذها الآلاف تجاه قانون حقوق الطفل 2022، حيث ذهب بعض محركي الرأي العام مذاهبا عجيبة غريبة، ولا يخرج من رأسي صدى الصوت التكفيري الذي صدح عندها: “هدف دور الرعاية هو أخذ أطفال المسلمين ليتربوا تربية الكفار”. معلقا على المادة (13) من نفس القانون، والتي تنص: “للطفل المحروم بصفة مؤقتة أو دائمة من بيئته العائلية الطبيعية الحق في الرعاية البديلة، وتتخذ وزارة التنمية الاجتماعية وبالتنسيق مع الجهات المختصة التدابير اللازمة لذلك وفق التشريعات ذات العلاقة على أن تراعى المصلحة الفضلى للطفل”.
وينشط سؤالي: ما هو موقف هذا الصوت من هذه المؤودة؟
لقد حقق قانون حقوق الطفل (2022) قفزة تشريعية مميزة لصالح الأطفال، ولكن ماذا لو أعدنا النظر بعد ثلاث سنوات من التشريع الفاضل؟
سنجد أن الأطفال في البلاد ما زالوا يئنون تحت وطأة أصناف المعاناة رغم التشريع وكل ما ينفق لعقد المؤتمرات والدورات من منظمات ال NGOs؛ ففي تنقلك في الشوارع ستجد مئات الأطفال من ممتهني وظيفة “التلويح بالصينية” سيئة السمعة لما لها من آثار وانعكاسات ومخاطر فظيعة على الأطفال وكل هذا أمام دخان سيارات المسؤولين المباشرين عن وقف هذه الظواهر، بل ولعلهم يصادفون دوريا أطفال محلات الميكانيك هنا وهناك، ولو قلبت المواقع الإخبارية من حين إلى آخر ستجد أخبار مستمرة التحديث حول أسر قابعة في البرد والجوع بل والعطش كما تبين مؤخرا، هذا عداك عن الواقع التعليمي الصعب في حيث نصر هناك أيضا على ابتداع وتغيير تشريعات جديدة غير مألوفة فيما نترك مدارسنا دون البنية التحتية المنمية لشخصية الطفل أو المحققة لاحتياجاته، ولا يخفى على أي متابع التراجعات التي نسقط بها سنة تلو سنة في البرنامج الدولي لتقييم الطلبة (PISA).
إن مشاكل الأطفال لا تنتهي، فالمفترض لا يقتصر على توفر كرامة الحياة والمسكن والتغذية والملبس والتعليم، بل يتجاوز نحو تحقيق مفاهيم الرفاه وتحصيل الحق في اللعب وتوفير فرص الابتكار، وفي المجال هذا سنبكي أنفسنا إذا نظرنا إلى نسبة الحدائق والملاعب ومكتبات الأطفال، فحسب بيانات أمانة عمان يوجد في المدينة 139 حديقة عامة في الأحياء، بينما يبلغ عدد سكان المدينة 4.84 مليون، أي أنه يتنافس على كل حديقة حي قرابى 35 ألف مواطن، هذا في حال توزيعها العادل وتساوي وسلامة فرص الوصول إليها.. عداك عن كون عمان مصنفة ضمن المدن الأردنية الأعلى رفاها من حيث الخدمات، فما بالك بفرص اللعب في المدن المهمشة!
في الختام، إن التنشئة السليمة للأطفال تعني بناء المستقبل، فكل شرط من هذين متلازمين بلا شك، وإن الواجب الوطني والوجداني يفترض علينا التوقف لإعادة النظر بكل ما خططنا وقررنا تجاه الأطفال، ووضع مسار واضح وصحيح غير متقلب ولا مستورد لضمان أمنهم وسلامتهم وصحتهم وتعليمهم، وتفعيل الأدوات القانونية والرقابية لضمان أعلى أشكال الحماية للأطفال، فالعالم يتسابق نحو التعليم الدامج بالتقنية ومشاريع الطفولة الريادية وغيرها، ونحن “نباطح” للحفاظ على الأساسيات.