داعش في سوريا: موجود… لكن ليس كما يُصوَّر..كتب محسن الشوبكي

الشعب نيوز:-

 

مع كل إعلان عن ضربة جوية جديدة في سوريا، يعود السؤال نفسه: هل يشكل داعش تهديدًا واسعًا كما يُقال؟ الواقع أكثر تعقيدًا. التنظيم موجود بالفعل، وله عناصر وخلايا، لكنه لم يعد قادرًا على شن حملات كبيرة أو السيطرة على مناطق كما في السابق.

الأرقام المتداولة عن أعداد داعش تثير تساؤلات مشروعة. عندما تتراوح التقديرات بين مئات وآلاف، فإن هذا التفاوت الكبير بحد ذاته يكشف أن الأرقام ليست حقائق ثابتة، بل تقديرات متأثرة بالمصادر والمنهجيات. ويزداد هذا الشك عند مقارنتها بحجم العمليات المحدود والمتفرق الذي شهدته سوريا خلال عام 2025.

عمليًا، تركزت معظم العمليات المنسوبة لداعش في مناطق محددة، أبرزها البادية السورية وبعض أرياف شمال وشرق البلاد. كانت العمليات صغيرة، منخفضة الكلفة، وغالبًا فردية، مثل اغتيالات أو عبوات ناسفة بسيطة. هذا النمط لا يعكس تنظيمًا واسع القدرة، بل خلايا صغيرة أو أفراد يتحركون في بيئات هشة.

في بعض المناطق، تساهم الممارسات القاسية وغياب الأفق السياسي في خلق بيئة يستغلها الفكر المتطرف. ولا يعني ذلك اتهام الجهات المسيطرة، بل الإشارة إلى واقع تستفيد منه الدعاية الداعشية. ويبرز هنا مخيم الهول في شمال شرق سوريا، الذي يضم عشرات الآلاف من النساء والأطفال المرتبطين بعائلات داعش. هذه المخيمات، بدل أن تكون نهاية لمسار التطرف، تتحول في كثير من الأحيان إلى بيئة مغلقة تعيد إنتاج الأفكار المتشددة، خاصة في ظل غياب برامج تأهيل حقيقية.

تجارب دول أخرى مثل اليمن وأفغانستان أظهرت أن تضخيم التهديد قد يكون خطيرًا بقدر تجاهله. داعش في سوريا ليس وهمًا، لكنه أيضًا ليس ذلك التنظيم الجارف الذي يُصوَّر أحيانًا. الفهم الدقيق لطبيعته وحدوده هو الخطوة الأولى لمواجهته بفعالية.

قد يعجبك ايضا