“العبور الكبير” من “نفق عيلبون” الى “نفق جلبوع”..ودونية المنهزمين! كتب حسن عصفور
الشعب نيوز:-
منذ أن دقت ساعات فجر الخروج من “نفق جلبوع”، في عملية “العبور الكبير” يوم السادس من سبتمبر 2021 لستة من مناضلي الشعب الفلسطيني، ودولة الكيان بكل مكوناتها تعيش مظهرا “كابوسيا” قلما عاشته عدا الحروب الكبرى، التي كانت تحدث رعبا، وهلعا تخرج منها بمكاسب وخسائر توظفها بأشكال مختلفة.
ولكن عملية “العبور الكبير” أحدثت نفقا في مجمل النظام الإسرائيلي، سيحتاج سنوات لترميمه، دون أن يزيل آثاره المعنوية، على طرفي معادلة الصراع، وسيكون ثمنه دفع مسبق من رصيد دولة الكيان الذي تم “تخزينه” منذ سنوات.
ومن أبرز دروس ضجيج عملية “العبور الكبير” في الخريطة الكونية في أيامها الأولى، عودة مسألة التفاعل لمناقشة عمق الرواية الفلسطينية من جوانبها كافة، كقضية تحرر وطني واحتلال لشعب، وكسرت كثيرا من ترويج نظرية دولة الكيان، في سنوات الردة.
ولذا فعملية “نفق جلبوع” وما أحدثه من فعل عالمي وكسر السكون الكفاحي في المشهد الفلسطيني، تعيد الذاكرة الوطنية الفلسطينية الى عملية “نفق عيلبون” 31 ديسمبر 1964، والتي نفذتها قوات العاصفة الجناح العسكري لحركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) لتعلن انطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة في الفاتح من يناير 1965.
بالتأكيد، الأمر هنا ليس مقارنة فعل وفعل، خاصة وأن رصاصة “نفق عيلبون” فجرت الثورة التي أعادت فرض القضية الفلسطينية، وقدمت أحد أبرز ثورات التحرر الوطني ضد المستعمرين الجدد الاحتلاليين، بعدما عاش الشعب نكبة تاريخية لم تكن في اغتصاب ارضه فحسب، بل في هجرة طالت غالبية سكان الأرض في مؤامرة مركبة، ولكن ما يفرض التماثل هو أن “نفق جلبوع” فجر كل ما هو مشرق في الأمة من محيطها الى خليجها، ومن يرى دوما في الكيان عدوا، ولكنها أيضا كشفت أن دونية “المنهزمين” باقية بقاء الحياة.
مع رصاصة فتح في عملية “نفق عيلبون” خرج المخزون الانهزامي، المسكون بنظرية المؤامرة ليصف حركة فتح وقادتها الفتيان المجهولين، بأنهم جزء من مؤامرة صنعها “حلف السنتو” – الناتو الحديث – أصاب تلك “الفئة المعلبة” رعبا من فعل لم يتعامل مع الفعل الثوري بحسابات تقليدية، فانطلق من مسألة تغيب عن أصحاب “البلادة العقلية”، ان الربح والخسارة في التحديات الكبرى، ليس معادلة مكتوبة نصا، ولذا يكسر كل المعلوم المسبق.
خروج البعض مشككا في “العبور الكبير” من “نفق جلبوع: ويبدأ يضع ورقة وقلما ليحسبها ضمن “معادلات” مكتوبة سجلها “المخزون الغوغلي”، بحث عنها فلم يجد لتلك مكانا، وأعاد زواياها وفقا لزاوية رؤيته، فلم يجد حلا لعجزه ومحدودية قدرته، فلجأ لسد “عجزه التفكيري” برمي سهام التشكيك والنيل من فعل بطولة ليس ضمن البطولات المكتوبة “غوغليا”.
موضوعيا، كل من بحث اتهامها وتشكيكا للنيل من عملية “العبور الكبير”، لم يجد ه عمقا شعبيا، ولا مكانة يمكنها أن تنال من ضوء الفعل الكفاحي الفريد، والذي سجل للفلسطيني حالة تمرد بمظهر غير تقليدي، ورغم ما يمكن أن تثيره تلك “أصوات النشار” من تلوث لكنه يزول سريعا كغبار تزيحه قوة دفع ريح الفعل الثوري.
“العبور الكبير” من “نفق جلبوع” حفر في الذاكرة الفلسطينية كعلامة ثورية فارقة، ولن تزول كما يظن العدو و”الدونيين”، بانتهاء زمن البحث ومصير الفاعلين…فالحساب من الآن يجب أن ينتظر ما الذي سيكون…وليس ما الذي كان!
ملاحظة: كلما زادت “لغة التهديد” وقل “فعل التهديد” فالعدو القومي لن يهتز كثيرا…في لحظة ما يكون رمي حجر خيرا من قنطار حكي!
تنويه خاص: منعش جدا مقارنة فعل الفلسطيني في كسر غطرسة كيان عبر عبور كبير من “نفق جلبوع”…وهروب أمريكي كبير من “نفق أفغانستان”…مشهدان متزامنان: كرامة هنا…وذل هناك!