خلف الأبواب المغلقة.. المهندسة قمر النابلسي
الشعب نيوز:-
غريب حالنا ! الغالبية العظمى منّا لها القدرة على المراقبة والتحليل والاستنباط واصدار الأحكام , والقدرة على معرفة تفاصيل حياة الآخرين والحكم عليها , والتطوع لإعطاء النصائح وابداء الآراء حول تقصيرهم أو سوء تصرفهم .
فلان انفصل عن زوجته, تجد مَن حولهم من الأقارب والأصدقاء وحتى زملاء العمل يحللون سبب الانفصال ويصدرون الأحكام, من كان المخطيء وعلى من تقع المسؤولية وكيف كان المفروض التصرف حتى لا يقع المحظور ,طبعاً كل ذلك بتطوع منهم دون طلب المساعدة والمشورة من أصحاب الشأن ! ولا أحد يعرف ماذا يحدث خلف الأبواب المغلقة .
فلان شخص ملتزم دينياً وذو خلق ,لكن ابنه شاب متهور, كثير المشاكل ,كل المنطقة تشتكي لوالده من سوء خُلقه , فينبري المتحذلقون للتحليل ,لا بد أنها خطايا قديمة وربك لا ينسى أحداً , وإلا كيف لرجل صالح أن يكون ابنه غير ملتزم ؟! ولا يعرفون ماذا تخفي الأبواب المغلقة ,ولا يدركون أن التوفيق من رب العالمين , فلا تعيّر تبتلى .
فلانه ناجحة في عملها مميزة ولكنها منفصلة عن زوجها, لابد أنها كانت تعطي كل وقتها واهتمامها لعملها وتهمل بيتها وزوجها , ولو كان غير ذلك لما طلّقها زوجها ! ولا يعلم خفايا الأمور خلف الأبواب المغلقة إلا الله.
فلانة تتصدر المجالس وتقدم الإرشادات للناس ,والمشاكل في بيتها لا تخفى على أحد ,فلتصلح شأنها ثم بعد ذلك لتُنظّر وتقدم النصح والمشورة , لعلها تقدم للناس خلاصة تجربتها حتى يتجنب غيرها الوقوع فيما وقعت فيه ,فهل كنت على علم بما حدث خلف الأبواب المغلقة؟
وغيره من حشر الأنوف في شؤون الآخرين فهذا باع سيارته وتلك اشترت شقة وذلك لا يزور اخته وهذا على خلاف مع زميله ,نضع السيناريوهات حسب الظاهر وأحياناً حسب قربنا من أحد طرفي النزاع نتبنى وجهة نظره ونبدأ بكيل الاتهامات والإنتقاد للطرف الآخر الذي لم نسمع الرواية من وجهة نظره , فننصب أنفسنا محامين وجلادين ,قضاة ومصلحين, ولو نظر كل شخص فينا إلى عِوج رقبته لما لاحظ اعوجاع رقبة غيره , ولو انشغل باصلاح نفسه لما وجد الوقت ليتدخل في شؤون الآخرين وانتقادهم .
خلف الأبواب المغلقة أسرار لا يعلمها إلا أصحابها , خلف الأبواب المغلقة أوجاع لا يشعر بها إلا من عاشها ,خلف الأبواب المغلقة أمور لا يمكنك أنت أن تصدر الأحكام عليها.
الأوضاع صعبة وأغلب الناس يكفيهم ما فيهم ,وكل شخص لديه من المشاكل والتحديات في حياته الشيء الكثير , اجبر ولا تكسر ,لا تتدخل فيما لا يعنيك , ولا تحكم بظاهر الأمور فلعل ظالماً في نظرك عند الله مظلوما , ومسالمٌ تراه مبرّأ هو عند ربك ظالمٌ وكفور, فمن أنت حتى تصدر الأحكام ؟! وتذكر أن الدنيا سدادٌ ودين وما تقدمه اليوم سيعود لك غداً …فهل أنت على استعداد لسداد دينك؟