شهادتان من أبو ريشه وابو نضال…نوال السعداوي عندما زارت عمان والاغوار

475
الشعب نيوز:-

وثقت الاديبة والشاعرة زُليخة ابو ريشة زيارة للاديبة والمفكرة الراحلة الدكتورة نوال السعداوي إلى الاردن عام 1989، كما وثق الاديب نزيه ابو نضال زيارة إلى الاردن للاديبة السعداوي عام 1969 ، ولاهميتهما ننشر النصيين…

زُليخة ابو ريشة –

في عام 1989 كنا مجموعة من الصبايا نطمح أن نؤسس مركزاً لدراسات المرأة، وكنا ما نزال نتشاور ونتدارس، عندما اقترحت الصديقة الراحلة الدكتورة فتحية السعودي أن ندعو المفكرة نوال السعداوي وزوجها الأديب الدكتور شريف حتاتة. ولكن كيف؟ ونحن لسنا مؤسسة؟ ومن أين نتدبر الفلوس للتذاكر والإقامة؟ فاقترحت دكتورة فتحية أن نتشارك في ثمن التذكرة، وأن يقيم الضيفان في شقة صديقة مسافرة.

ورتبت فتحية كل المسائل اللوجستية، والتواصل مع نوال، ورتبنا مع المركز الثقافي الملكي، وحجزنا المسرح الرئيسي، وأتت نوال وزوجها، وكان أول لقاء لها بالجمهور الأردني.

كانت محاضرةً ثمينةً، شاهدنا وسمعنا المفكرة التي قلبت الدنيا بكتبها: المرأة والجنس، الرجل والجنس، المرأة هي الأصل، المرأة والصراع النفسي، مذكرات طبيبة، وغيرها وغيرها.. شاهدناها رأي العين، واستمعنا لطرحها الهادىء في موضوعات صاخبة، ولأفكارها الشجاعة. وشخصياً امتلأتُ إعجاباً بها، وكذلك صديقاتي النسويات.

وطبعاً كان لنا الحظ أن نجالس المفكرة وزوجها، الذي كان لا يقل عنها  إحاطةً، وكان يفضلها في إدارة النقاش. فنوال كانت شخصية شديدة الاستقامة، ولذا لم تكن تتقن مناورات الكلام. كانت أفكارها واضحةً، ومباشرةً، وجليّةَ المقاصد، ولا مجال لتأويلات أعدائها من المتأسلمين الجدد والقدامى.

وكانت جسورة على النص الديني توسعه تشريحاً واعتراضاً، وخصوصاً فيما يتصل بالمرأة. وكان لها مواقف حازمة من الحجاب وملحقاته، كلبس الكفوف (القفازات) وأقنعة الوجه والفصل بين الجنسين. كما كان لها موقف صارم مع  استخدام العقل، وبذا فهي تنسف مدارس دينية بأكملها تقوم على تقديس (النقل).

ولهذا كان أعداؤها معظمهم من الوهابية والإخوان ومن المتدهدهين الكبار والصغار ومن الجَهَلة ومُحدَثي الدين والمرتزقة وسواهم من أصحاب لمم الأفكار.

وهناك خصومٌ فكريون يأخذون عليها مآخذ، لا ترقى مواقفهم منها إلى درجة العِداء، ولكنهم لا يكفون عن نقد أفكارها بحدة، كأن الموافقة على ما تقوله السعداوي يشكّل تهمةً يجب التبرؤ منها، كما يجب التبرؤ من مذهب (النسوية) Feminism أيضاً.

ومع أني قرأت معظم كتبها الفكرية وبعض رواياتها، إلا أني كنت محظوظةً أني حظيت، إلى ذلك، بحضور عدد من محاضراتها من على منابر دولية في عدد من دول الكوكب . فقد كانت ذات سمعةٍ عالميةٍ مدويّة، زادت من كراهية أعدائها لها، ورعبهم من تأثيرها على الأجيال، وعلى (سمعة) الإسلام الذي يظنون أنهم موكَلون بحراسته.

صفحة نوال السعداوي لا يمكن أن تُطوى، فهي موجودةٌ حيةٌ في كتبها ولقاءاتها المسجلة وفي مريداتها ومريديها، وفي أتباعها ونظرائها الفكريين، وفي أجيالٍ لم يمسسها جنون ال (ب…) الإخونجي.

نزيه ابو نضال –

اليوم رحلت المناضلة د. نوال سعداوي صاحبة “عين الحياة” (قصة من الأردن) في الزمن الفدائي

أتيح لي خلال عملي في اعلام فتح العسكري، عام 1969، أن التقي وارافق عددا من الكتاب والاعلاميين العرب والاجانب  الذين كانوا يأتون لفتح كي يطلوا على تجربة العمل الفدائي وللتعايش مع المقاتلين، بل والدخول أحيانا في عملياتهم العسكرية عبر النهر (ليلى عسيران) التي سجلت تجربتها في رواية “خط الأفعى”، أو في التفرغ لمعالجة جرحى الفدائيين الفلسطينيين، وهذا ما فعلته د.نوال سعداوي، وسجلت تجربتها لاحقا في “عين الحياة” (قصة من الأردن) وقد التقيتها في الأغوار، كما التقيتها لاحقا في القاهرة مع زوجها الروائي المناضل د. شريف حتاته. ولقد خاضت السعداوي على امتداد حياتها معارك طاحنة في الدفاع عن حقوق المرأة وأخطرها التقليد الشائع بختان البنات مما يفقدهن متعة العلاقة الزوجية، وقد انتصرت السعداوي حين صدر مرسوم جمهوري بالغاء ومنع هذا التقليد.

رحلت السعداوي عن عمر يناهز ال 90 عاما  بعد أن قدمت للمكتبة العربية أكثرَ من خمسين عملًا متنوِّعًا بين الرواية والقصة والمسرحية والسيرة الذاتية، ومن كتبها كذلك:

 المرأة والجنس، الرجل والجنس، المرأة هي الأصل، المرأة والصراع النفسي، مذكرات طبيبة، وغيرها..

قد يعجبك ايضا