التحالف الوطني لتعزيز مكافحة المخدرات يستكشف مراحل علاج المدمنين

95
الشعب نيوز:-

ليس بالأمر اليسير إقناع متعاطي المواد المخدرة بتلقي العلاج ورجوعهم لحياتهم الطبيعية، خوفاً من “الوصمة الاجتماعية”، الأمر الذي يعيد إلى الواجهة أهمية أن يكون لدينا متخصصين يساعدون المدمنين في رحلة علاجهم، والعمل على ردع أي اختراقات خارجية تسمح بدخول آفة المخدرات والسموم بين الناس.

في الأردن؛ يتخصص مركز علاج الإدمان التابع لإدارة مكافحة المخدرات والكائن في منطقة عرجان، بعلاج الأشخاص المدمنين (الذكور فقط، بينما تعالج النساء في المركز الوطني لتأهيل المدمنين، التابع لوزارة الصحة) من مختلف الأعمار والطبقات الاجتماعية والجنسيات، وفق منظومة متكاملة تراعي الجوانب الطبية والنفسية والسلوكية والاجتماعية للشخص المريض أو المدمن، حتى ينقطع عن المخدرات ويبتعد عنها، ويصل إلى مرحلة الشفاء.

معرفة برامج الوقاية والتوعية والعلاج والمكافحة والمساعدة القانونية التي يمر بها المدمن، دفع التحالف الوطني لتعزيز مكافحة المخدرات في الأردن التابع لمنتدى قطاع العدالة، والمنبثق عن منظمة النهضة العربية للديمقراطية والتنمية (أرض) ودرة المنال للتنمية والتدريب، لزيارة مقر المركز الإثنين 3 كانون الثاني/يناير 2022.

رئيس التحالف، اللواء المتقاعد طايل المجالي، مدير إدارة مكافحة المخدرات الأسبق، وجد في هذه الزيارة “خطوة ضرورية ومهمة” للاطلاع على جهود المركز، والتعرف عن كثب على آليات ومراحل العلاج التي يتلقاها المريض، خصوصاً أن رجل الأمن يتعامل مع المريض بشكل إنساني وحضاري، بعيداً عن أسلوب العقاب، لافتاً إلى أن دولاً كثيرة باتت تستعين بخبرات وآلية عمل المركز.

زيارة التحالف للمركز تتقاطع مع آلية عمله المتمثلة بمساعدة فئات المجتمع المختلفة في الوقاية من مخاطر المخدرات وأضرارها، وضمان تطبيق المساءلة والعدالة القانونية على المروجين والمهربين، وتوفير العلاج الناجع لمن وقعوا في براثن الإدمان، ومساعدتهم على التعافي.

العلاج في المركز “سري ومجاني ولا يسجّل بحق الأشخاص الذين يطلبون العلاج أية قيود أمنية، بما أنهم توجهوا للمركز دون أن يتم ضبطهم”، بهذا المدخل بدأ رئيس المركز الرائد يزن البرماوي حديثه، مبيناً أن تكلفة العلاج كبيرة من حيث الإقامة والبرامج العلاجية والأطباء وخدمات الطعام والشراب، إلا أن مديرية الأمن العام تتحمل هذه التكلفة كاملة.

ومنذ تأسيسه عام 1993، عالج المركز أكثر من 14600 شخص، حيث أن الطاقة الاستيعابية كانت في البداية لثمانية عشر شخصاً، لكن في عام 2009 انتقل المركز إلى منطقة عرجان، لتصبح طاقته الاستيعابية 170 شخصاً.

رغم جائحة كورونا، استقبل المركز خلال عام 2020، 769 حالة، وفي عام 2021 تمت معالجة 538 حالة، في حين أن كوادر المركز كانت تتوجه خلال الحظر إلى المنازل في حال وجود شخص بحاجة للعلاج، إلا أن هناك حالات لا يتم استقبالها لإصابتها بأمراض نفسية، لذلك يتم إحالتها إلى مصحة نفسية للعلاج.

وعن الخصوصية التي تتوفر للمدمن، فإن المركز يضع اسماً وهمياً للمراجع، وتمنع عنه الزيارة تعزيزاً للخصوصية ولحمايته. مما يمكّن الأهالي من مساعدة أبنائهم إذا شعروا بأية تغييرات على سلوكياتهم، باصطحابهم إلى المركز ليقوم الطبيب بتشخيص حالاتهم.

ويعمل المركز على أكثر من برنامج لعلاج المدمنين، مثل البرنامج الطبي الدوائي، ومن خلاله يتم إعطاء المدمن الأدوية في حدود ضيقة، وهي ليست بديلة عن المخدرات، بل وسيلة مساعدة ليتم “فطم” المريض عن المادة المخدرة، وإعطائه العلاج للسيطرة على الأعراض الانسحابية التي تصاحب عملية العلاج.

يصحب هذا العلاج برامج رياضية ودينية وثقافية، إضافة لبرنامج العمل والهواية، بحيث يُسمح للمريض أن يمارس هواياته داخل المركز، عبر مشغل الصلصال، كما يمكنه تعلم مهن كالحلاقة أو “الدراي كلين” أو الخياطة، وتعتبر هذه الأمور مفاتيح لصفحة جديدة، وتساعد على تقليل التفكير بالماضي، والتركيز على المستقبل.

لعل من أهم البرامج المقدمة، برنامج الرعاية اللاحقة، الذي يعتمد بدرجة كبيرة على الأهل، حيث يتواصل المركز معهم في بداية العلاج وفي نهايته، ويبقى على تواصل معهم للاطمئنان على وضع المستفيد، ويتم وضع مواعيد للمراجعة حسب المادة التي يتعاطاها وحسب استجابة الجسم للعلاج.

وبشأن مدة العلاج في المركز، فذلك يعتمد على سرعة استجابة المريض، وقد تمتد لأشهر، ويتم اعتماد تقارير من قبل المتخصصين، وعليه يصار تقييم الوضع العام للحالة وتحديد وقت خروجها.

بموجب المادة 9 من قانون المخدرات والمؤثرات العقلية لسنة 2016 فإنه “لا تقام دعوى الحق العام على من يتعاطى المواد المخدرة والمؤثرات العقلية، أو يدمن عليها إذا تقدم قبل أن يتم ضبطه من تلقاء نفسه، أو بوساطة أحد أقربائه إلى المراكز المتخصصة للمعالجة التابعة لأي جهة رسمية، أو إلى إدارة مكافحة المخدرات، أو أي مركز أمني طالباً معالجته”.

الإدمان آفة اجتماعية، بغض النظر عن المادة المدمَن عليها، فكلها سموم تقوض منعة المجتمع وتماسكه. ويدعو التحالف الذي يضم مجموعة من منظمات المجتمع المدني ونشطاء اجتماعيين وقانونيين وخبراء ومتخصصين، لتعزيز منظومة الحماية والتوعية والوقاية ومكافحة المخدرات، في هذا السياق على الحرص على عدم انتكاسة المريض، وتمكينه من متابعة علاجه دون تأثيرات سلبية من أصحاب السوء أو البيئة المحيطة. ويدعو التحالف أيضاً، لتكاملية أكبر بين هذه المراكز والأسر لمساندة أبنائهم في رحلة العلاج والتأهيل. فيما يؤكد التحالف على أهمية تضافر الجهود بين الجهات المختلفة لتوفير العلاج الناجع والتأهيل للمدمنين، وتحفيز الكفاءات المهنية للانخراط بالعمل في هذا القطاع وتدريبها وتأهيلها، ورفد الجهود التوعوية والتثقيفية بمخاطر المخدرات وطرق العلاج.

قد يعجبك ايضا