النفط (200 دولار/ للبرميل) ..روسيا أكبر المستفيدين!عوني الداوود
الشعب نيوز:-
مع تصاعد وتيرة الاحداث في اوكرانيا ترجّح تقارير عالمية أن تواصل أسعارالنفط ارتفاعها بعد بلوغها أعلى مستوى منذ عام 2008، وأن العقود الآجلة سترتفع فوق 200 دولار قبل نهاية مارس/آذارالحالي.
الأسبوع الماضي، قال مصرف «جيه بي مورغان» إن خام برنت قد يبلغ 185 دولاراً للبرميل بنهاية العام الحالي إذا استمرت الإمدادات الروسية في التعطل.
أسباب هذا الهلع في أسواق النفط العالمية يعود الى ترقب ومناقشات بشأن حظر الخام الروسي الذي يشكّل نحو( 5 ملايين برميل يوميا )، في وقت يتزامن مع تعطل الإمدادات الليبية وتأخير التقدم المتوقع في المحادثات النووية الإيرانية.
أوكرانيا تطالب الولايات المتحدة واوروبا والعالم بفرض عقوبات على الغاز والنفط الروسيين لأن استمرار الحرب والعقوبات الاقتصادية التي تم فرضها على روسيا لم تؤت أكلها بل على العكس زادت من قوة روسيا الاقتصادية القائمة على( الغاز والنفط ) اللذين تستمر روسيا بتصديرهما (ايرادات الغاز والنفط تشكل 45% من موازنة روسيا الاتحادية) ومع الارتفاع المتواصل في اسعار هاتين السلعتين اللتين يدفع ثمنهما الغرب وتحديدا اوروبا يبدو الامر وكأن «استهلاك الطاقة الغربي يمّول الغزو الروسي لاوكرانيا – بحسب تصريح أوليج اوستنكو – مستشار الرئيس الاوكراني للشؤون الاقتصادية «.
في حال اتخاذ قرار بحظرالتعامل مع الغاز والنفط من روسيا فهذا سيشكّل مشكلة عالمية كبرى تربك أسواق الطاقة العالمية وتؤدي لارتفاعات جنونية ، وستكون آثاره كارثية على اقتصادات العالم وبالأخص اوروبا (50% نسبة اعتماد المانيا على الغاز الروسي)، لأنه لا بديل جاهزا بالمدى القريب يعوّض الغاز الروسي ( الذي يزود اوروبا بـ40% من احتياجاتها من الغازوهي تصدّر يوميا الى اوروبا (غازا بقيمة 400 مليون دولار ونفطا مع منتجاته بقيمة 700 مليون دولار) علاوة على انعكاسات ذلك على الاسواق العالمية ( روسيا اكبر مصدّر للغاز في العالم )وثالث أكبر مصدّر للنفط في العالم ).
الارتفاع الجنوني لاسعار النفط سيفيد الدول المنتجة والمصدّرة ويرفع ايراداتها الى درجة لن تعاني موازناتها هذا العام من عجوزات (خصوصا دول الخليج ) لكن ذلك سيرتد عليها عكسيا بمستورداتها من جميع السلع التي سترتفع أثمانها بسبب ارتفاع أسعار النفط خصوصا في تلك الدول التي تصدر النفط لكنها تستورد كل شيء.
روسيا تصدّر النفط والغاز والحبوب الى جميع دول العالم فهي مستفيدة من ارتفاع اسعار النفط والغاز والحبوب ، فهي أكبرمصدّر للقمح في العالم ،وقوّاتها داخل اوكرانيا ( خامس دولة مصدّرة للقمح في العالم).
من هنا فان المشهد الاقتصادي العالمي في حال استمرارالتصعيد السياسي والعسكري والاقتصادي سيقسّم دول العالم الى(4)فئات :
1-دول نفطية لديها اكتفاء ذاتي غذائي بنسب مرتفعة ستستفيد من التصعيد وفي مقدمتها روسيا وامريكا والصين.
2-دول نفطية ليس لديها اكتفاء ذاتي غذائي سوف تستفيد من ارتفاع أسعار النفط لكنها ستنفق الكثير لشراء كل شيء ويختلف التأثير من دولة لأخرى بحسب قوة التحمل والمخزون الغذائي المتوفر في المرحلة المقبلة وقدرتها على توفير بدائل من السلع بكلف أقل من ارتفاعات الطاقة.
3-دول غير نفطية ولديها اكتفاء ذاتي وتصدّر الحبوب ومواد غذائية ، فسوف تعاني من ارتفاع الطاقة وستوازن بين الاحتفاظ بمخزون داخلي كاف وبين متطلبات الاستفادة من ارتفاع اسعار الحبوب والمواد الغذائية.
4-دول لا تصدّر النفط وتستورد كل شيء (ينطبق ذلك على معظم الدول العربية غيرالنفطية ومنها الاردن) فسوف تعاني من ارتفاع أسعارالطاقة ،وتختلف معاناة دولة عن أخرى بمقدار تحوطها ومخزونها من الحبوب (الاردن لديه ما يكفيه من القمح لنحو 16 شهرا في حين مخزون مصر لمدة 4 أشهر ولبنان لشهر ونصف الشهر) ومن النفط (مخزون الاردن من المشتقات النفطية 60 يوما ).
ارتفاع أسعار النفط سيلقي بظلاله على الحياة بأكملها وليس التضخم فحسب ،وخطط التوجه نحو بدائل لن تكون في عام ولا عامين وخطط زيادة دول لانتاجها من الغاز و/ أو النفط لن تكون ممكنة في عام أوعامين.. وروسيا حتى لو تم الحظرعلى غازها ونفطها فهي مرتبطة بعقود شاملة مع الصين وغيرها ..وسوف تستفيد ايران من كل ذلك بالاسراع باتفاق نووي يعيدها سريعا لاسواق النفط ..ولن تعود أسعار النفط للوراء الا في حال التوصل لاتفاق وقف الاعمال العسكرية في اوكرانيا.