خالد كساسبة.. يكتب .. خيط الدخان الذي خدعنا

814
الشعب نيوز:-
لم يعد لي في الاردن إلا (قبرين) ، و خمسة (حيوات) و (حبٌ) و ذكريات .
و لم يعد لي في امريكا الا (قلبين)و إحدى عشر عاما و بقايا أيام .
لم يعد لي في الحياة،بعد أن مات الشغف،و ماتت الاحلام،و ماتت الشهوات، إلا الانتظار ،كلنا على قائمة الانتظار .
(خيط الدخان) خدعنا جميعا ،كلنا خدعنا ب (الحياة).
أول مشهد أتذكره في حياتي كان منذ 49 عاما ،كان عمري ثلاثة سنوات،صحوت على صوت أمي و هي تبكي ،كانت تنتحب على موت شقيقتي الرضيعة (هيفاء)،ماتت و عمرها ثلاثة اسابيع ،أشفقت عليها و على حزن أمي.
حملها ابي بين يديه ،سرنا خلفه بين بيوت الحي عند الظهر ،و دفناها في الجبل ،في طريق العودة من المقبرة كانت يدي أبي بلا (هيفاء)،كانت تحمل سيجارة يطير منها (الدخان)،(خيط دخان).
اليوم تطل علي هيفاء و تقول لي : لا تشفق علي ،أشفق على نفسك ،أنا نجوت من عذاب إسمه الحياة ،نجوت من (خيط الدخان) .
ليتني نجوت قبل اثنين و خمسين عاما ،مثل هيفاء، من الحياة .
قد يعجبك ايضا