المحكمة تعلن عدم مسؤولية نقيب المحامين الأردنيين في قضية رفعها “متعثر مالي”.. تفاصيل

347
الشعب نيوز:-

بناءاً على شكوى المشتكي (المواطن الأردني محمد العبد محمد أبو كبير) أحال مدعي عام عمان المشتكى عليه (نقيب المحامين الأردنيين الأستاذ مازن نجيب عوض رشيدات – وكلاؤه المحامون الأستاذ وليد حلمي عبد الهادي والأستاذ نواف الحساسنة والأستاذ محمد أبو زناد والأستاذ طارق رشيدات واخرون مذكورين في الوكالة) إلى محكمه صلح جزاء عمان لتجري ملاحقته عن الجرمين التاليين:

أولاً: جنحة إذاعة أنباء مبالغ فيها من شأنها ان تنال من هيبة الدولة او مكانتها خلافا لأحكام المادة 132/1 من قانون العقوبات بحسب مركز إحقاق للدراسات القانونية .

ثانياً: جنحة نقل اخبار مختلقه بقصد اثارة الفزع خلافا للمادة 75/أ من قانون الاتصالات.

وبالمحاكمة الجارية علناً أمام محكمة صلح جزاء عمان (هيئة القاضي عصمت الرحامنة) وبحضور المشتكي والمشتكى عليه سئل المشتكى عليه عن الجرائم المسندة إليه فأجاب بأنه غير مذنب عن الجرائم المسندة إليه.

وتتلخص وقائع هذه القضية بأن المشتكي قال بأن المشتكى عليه قام من خلال برنامج يبث مباشر عبر قناة المملكة بنشر أخبار من شانها زعزعة الأمن المجتمعي حيث أنه قال حرفياً (إن تحصيل الحقوق داخل الأردن مفروض عبر الزعران والاتاوات وأن هذا الأمر يعود بمردود مالي ممتاز للمحامين وأنه في حال أقر مشروع التنفيذ الجديد سوف يكون هناك جرائم مروعة وعمليات أتاوات وخاوات ضد كل مدين)، وكلام آخر يحمل التهديد والتحريض الواضح والصريح من قبل المشتكى عليه للمجتمع الأردني وبالأخص المتعثرين مالياً حيث أن المشتكي هو من أحد المتعثرين مالياً وإن أفعال المشتكى عليه أوقعت الرعب والخوف لدى المشتكي والمجتمع كاملاً، وإن أفعال المشتكى عليه تحمل التهديد الواضح والصريح لإثارة الفوضى والتشجيع على فرض الأتاوات وتشجيع الخارجين عن القانون لفعل هذا الأمر، وعلى أثرها قدمت الشكوى وجرت الملاحقة، وأثناء مجريات المحاكمة أسقط المشتكي حقه الشخصي عن المشتكى عليه.

وبعد ختم المحاكمة قررت المحكمة إعلان عدم مسؤولية المشتكى عليه عن الجرائم المسندة إليه وقد عللت المحكمة قرارها وسببته على النحو التالي:

((وبتطبيق القانون على الواقعة الثابتة تجد المحكمة:

أولاً: بالنسبة لجنحة نشر انباء مبالغ فيها من شأنها ان تنال من هيبة الدولة وفقا لأحكام المادة (132/1) من قانون العقوبات المسندة للمشتكى عليه تجد المحكمة:

إن النموذج الجرمي لهذه الجريمة يتطلب توافر الاركان والعناصر التالية:

أولاً: الركن المادي: والذي يتمثل بإذاعة الانباء الكاذبة او المبالغ فيها في الخارج والتي من شانها النيل من هيبة الدولة الاردنية او من مكانتها.

ويتألف الركن المادي من العناصر التالية:

اذاعة الانباء وهو تداول روايتها وبثها ونشرها بين الناس، والمشرع في هذا الاطار لم يحدد وسائل اذاعة الانباء ويستوي في ذلك ان تتم بالمقالات او الخطب او الكتابة او القول، او ان تستخدم الوسائل الإلكترونية (مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة _الفيس بوك ، تويتر ، انستجرام …)، محطات الاذاعة الخفية او الظاهرة وتقضي الاذاعة ان يتواتر النبأ فينقله الناس بعضهم الى بعض ولا يشترط وصول النبأ الى مسامع الناس اجمعين. يجب ان تكون الانباء المذاعة كاذبة او مبالغا فيها، والانباء الكاذبة هي التي لا اصل لها، اما المبالغ فيها فهي التي اسرف الفاعل فيها تشويها وتحريفا، ويقع على عاتق النيابة العامة عبء اثبات كذب هذه الانباء او المبالغة فيها. يجب أن يكون الفاعل أردنيا ويجب ان يقوم بإذاعة هذه الانباء وهو خارج المملكة، فاذا اذاعها وهو على اراضيها فانه لا مجال لتطبيق احكام المادة 132/1 من قانون العقوبات. يجب ان يكون من شأن هذه الانباء الكاذبة او المبالغ فيها – بحكم طبيعتها وفحواها وتأثيرها والظروف التي اذيعت فيها ان تنال من هيبة الدولة او من مكانتها. ثانيا: الركن المعنوي: وهو القصد الجرمي بمعنى انه يجب على الفاعل ان يذيع هذه الانباء وهو عالم انها كاذبة او مبالغ فيها ومدرك للخطر الذي يمكن ان تلحقه بهيبة الدولة.

وفي الحالة المعروضة تجد المحكمة أنه وكما اسلفنا اعلاه فان من شروط تلك المادة ان يقوم الفاعل بإذاعة الانباء الكاذبة او المبالغ فيها وهو خارج اراضي المملكة الاردنية الهاشمية، وهذا الامر غير متحقق بالنسبة للمشتكى عليه فهو قام بإذاعة هذه الانباء (وعلى فرض الثبوت انها تنال من هيبة الدولة) على الاراضي الاردنية وليس خارجها (وهذا ثابت للمحكمة من خلال شهادة المشتكي محمد ابو كبير وباقي شهود النيابة العامة وتقرير الخبرة الفنية) ان اللقاء تم مع المشتكى عليه داخل استديوهات قناة المملكة التلفزيونية وهي داخل الاراضي الأردنية (ولم تقدم النيابة العامة اي دليل خلاف ذلك)، اذ ان غاية المشرع هو معاقبة المواطنين الذين يغادرون ارض الوطن فلا يرعون له ذمة ولا عهدا وهم على ارض اجنبية ويغدو ديدنهم تلفيق الانباء وتضخيم المساوئ وترويج الوقائع المخترعة بغية الاساءة في الصعيد الدولي الى سمعة الحكم في البلاد، وحيث ان المادة (132) من قانون العقوبات قد جاءت في الباب الاول بعنوان الجرائم التي تقع على امن الدولة بالفصل الاول منه في الجرائم التي تقع على امن الدولة الخارجي وتتطلب للعقاب ان يقوم الجاني وهو على بينة من امره بإذاعة انباء كاذبة او مبالغ فيها من شانها ان تنال من هيبة الدولة او مكانتها، وهو الامر غير المتحقق بالنسبة للمشتكى عليه فهو قام بإذاعة هذه الانباء على الاراضي الاردنية وليس خارجها مع الاشارة الى ان المحكمة وباستقرائها لكامل تقرير الخبرة والذي يظهر فيه المشتكى عليه من خلال مقابله تلفزيونيه على قناة المملكة تجد ان المشتكى عليه قصد بهذه المنشورات انتقاد الحكومة الأردنية واجراءاتها اثناء ازمة كورونا المتعلقة بموضوع حبس المدين وليس الاردن كوطن واقليم الامر الذي يتوجب معه اعلان عدم مسؤوليته عن هذا الجرم المسند اليه.

ثانياً: بالنسبة لجُنحة نقل خبر مختلق بقصد اثارة الفزع عبر وسيله من وسائل الاتصال المسندة للمشتكى عليه تجد المحكمة ان النموذج الجرمي بحدود المادة (75/أ) من قانون الاتصالات يتطلب توافر الاركان التالية:

أولاً: الركن المادي : ويتمثل بإرسال رسائل (تتضمن نقل خبر مختلق) ويقصد به كل مادة تتضمن نقل خبر على ان يكون مختلقا غير صحيح من صنع وخيال الجاني ولا يشترط ان يكون الخبر مختلقا برمته غير صحيح بالكامل فيقع السلوك.

ثانياً: ركن الوسيلة: يشترط في هذا الجرم ان يرتكب بواسطة وسيلة اتصالات.

ثالثاً: الركن المعنوي: ويقصد بذلك القصد الجرمي بعنصرية من علم وإرادة بحيث يقدم المشتكى عليه على افعاله بإرادته العالمة والمدركة لما اقدمت عليه.

وفي الحالة المعروضة تجد المحكمة:

إن النيابة العامة ممثله بالمشتكي امام محاكم الصلح حددت وقائع هذه القضية وعلى وجه الخصوص بما اورده المشتكى عليه اثناء مقابلته التلفزيونية على قناة المملكة (تقرير الخبرة الفنية المحفوظ داخل الملف التحقيقي) ببرنامج صوت المملكة يوم 7/11/2021 والذي يقدمه المذيع عامر الرجوب، وبالرجوع الى هذه المقابلة التلفزيونية تجد المحكمة أن المشتكى عليه مازن ارشيدات كان ضيف في الحلقة التلفزيونية بصفته نقيب المحامين الاردنيين وكان موضوع الحلقة إلغاء حبس المدين وضمان حقوق الدائنين، وإن العبارات التي ذكرها المشتكى عليه في الحلقة التلفزيونية ومنها (انا متابع على فكرة من لما صدر قانون دفاع (28) وإلغاء حبس المدين هل تعلم انه بدأ تحصيل الحقوق بذات بواسطة فارضين الاتاوات وأصحاب السوابق وانا بقولك ترى اذا الغي حبس المدين ترى احنا المحامين رح نشتغل اكثر ناس رح تصير في جرائم والجرائم ،،،، بحكيلك واقع رح تصير جرائم والجرائم رح تنتشر ورح تكون عددها اكثر من قضايا حبس المدين وبالتالي انا بزيد شغلي وبزيد اتعابي…) تجدها المحكمة بانها لا تخرج عن كونها تمثل رأيه الشخصي والقانوني كمحامي ونقيب للمحامين الاردنيين بأنه في حال تم تعديل قانون التنفيذ واصبح لا يجيز حبس المدين او استمر تأجيل حبس المدين بسبب قانون الدفاع فان الدائنين سيستوفون حقوقهم بالذات ومن خلال فارضي الخاوات والاتاوات وانه نتيجة ذلك ستكثر الجرائم، وبسبب ذلك سيزيد عمل المحامين، أي أن المشتكى عليه لا يحرض الدائنين على استيفاء حقهم بأيديهم او الاستعانة بفارضي الاتاوات انما يحذر من عواقب قد تحصل لو لم يعد هنالك حبس للمدين.

و في الوقت ذاته لم تقدم النيابة العامة ممثله بالمشتكي ما يثبت حصول فزع أو اثارة أية مشكلات لدى الجمهور جراء مقابلة المشتكى عليه التلفزيونية، حيث ذكر المشتكي في شهادته امام المحكمة (……. انا لم يأتي احد من فارضي الاتاوات وطلبني باي مبالغ … انا بعرف انه في فارضي اتاوات وزعران ولكن الدولة تحارب فيهم والدولة لها هيبه … أنا اثق بالدولة وما كنت اخاف من فارضي الاتاوات حتى قبل الحملة الأمنية … أنا بعرف انه البلد فيها زعران ولكن ما بتوصل لدرجة القتل والجرائم وانتشار كبير للجرائم وانه لا يوجد انتشار كبير وضخم للجرائم .. وهاي معلومات شخصيه كوني مواطن اعيش بالبلد واثق ببلدي … وكنا نتحدث من خلال مواقع التواصل الاجتماعي مع الاصدقاء لدي ومعارفي عن الحملة الأمنية التي حصلت بعد احداث فتى الزرقاء وفرض الدولة هيبتها على فارضي الاتاوات ……) والذي يدل على ان المشتكي يعلم علما يقينياً ان الدولة الأردنية تضرب وبيد من حديد على كل من تسول له نفسه العبث بالقانون او الخروج عليه، وايضا وبرجوع المحكمة الى شهادات شهود النيابة العامة امام مدعي عام عمان والمقرر تلاوتها من قبلها تجدها تضمنت وبهذه الواقعة تحديداً عبارات مثل (… هذه التصريحات والحديث الذي تم في الحلقه أثر على المتعثرين وكأنه يدفع الدائنين الى استخدام البلطجة والاتاوات لتحصيل ديونهم … وخفنا من هذه التصريحات) والذي تجدها المحكمة عباره عن تفسير شخصي لفهمهم لحديث المشتكى عليه وهو ما توصلت الى عكسه تماماً المحكمة اعلاه، أما بالنسبة الى الخوف الذي تحدثوا عنه، فإنها كلمات تترد في كل شهاداتهم دون اي دليل على وجوده الفعلي في نفوسهم ذلك ان المشتكي نفسه لم يبين للمحكمة انه يخاف من البلطجة او فارضي الاتاوات، لاسيما نحن في الاردن دولة قانون وتفرض سيادتها على كامل اراضيها، وليس هنالك احد فوق القانون او بعيداً عن العدالة او تطبيق القانون عليه، مما يقتضي اعلان عدم مسؤولية المشتكى عليه عن هذه الجنحة)).

 

وجدير بالذكر أن مركز إحقاق للدراسات القانونية يلاحظ أن سعادة مدعي عام عمان قد أخطأ بإحالة المشتكى عليه لمحكمة صلح جزاء عمان وكان عليه إحالته إلى الغرفة الخاصة بقضايا المطبوعات والنشر في محكمة بداية جزاء عمان لأن هذه الغرفة هي المختصة بالجرائم التي ترتكب بواسطة وسائل الاعلام المرئي والمسموع المرخص بها، فالمادة (42) من قانون المطبوعات والنشر تقضي بأن هذه الغرفة هي المختصة بنظر الجرائم التي ترتكب بوساطة المطبوعات أو وسائل الاعلام المرئي والمسموع المرخص بها خلافاً لأحكام قانون المطبوعات والنشر أو أي قانون آخر.

قد يعجبك ايضا