الصحفي عبدالله بني عيسى يكتب .. عن الليلة الكبيرة
الشعب نيوز:-
الليلة الكبيرة
بداية لم أشعر بهذا الكم من الحزن والكآبة الوطنية منذ سنوات، إذ اجتاحتني مشاعر مختلطة، مشوبة بخوف وقلق شديدين على البلاد التي تُشكلني لحماً ودماً ومشاعر.
ثانيا: أنا من جيل ينتمي “وجدانياً” إلى حقبة السبعينات والثمانينات والتسعينات، ومشاعري أجدها مسحوبة رغماً عني، إلى الحالة الأبوية عند النظرة إلى مؤسسة الحكم في البلاد. وذلك على الرغم من تشكل مفاهيم صلبة لدي حول الديمقراطية والتمثيل الشعبي ومؤسسات الحكم الرشيد. هذا النوع من المشاعر يفاقم عمق الإحساس بالأسى، ونحن نرى لأول مرة في تاريخنا انقساماً بهذه الصورة داخل العائلة الحاكمة التي منذ نشأنا بقينا معها وبها “ماضون”.
ثالثاً: بحكم فهمي للتركيبة الذهنية للأردنيين، وأزعم أنه فهم صحيح، فإنني متعاطف معهم جميعاً إلى أقصى حد، وهم يعيشون حالة مع الارتباك المشاعري هزّتهم من الأعماق، أثناء متابعتهم أحداث الامس، فاقمها غياب الصورة الواضحة لما يجري، لأن القرار السياسي أعطى حبوباً مُنوِّمة للإعلام الأردني الرسمي في مرحلة مفصلية في تاريخ البلاد فبات خارج التغطية!.
رابعاً: في المنعرجات السياسية الكبيرة، تتقدم المؤسسات لتتصدر المشهد، وطمأنه الشعب على حاضره ومستقبله، ويتراجع رأي الشارع ولو قليلاً. لكن ما حصل بالأمس هو العكس، إذ تراجعت المؤسسات إلى الخلف، وتقدم الناس عبر منصات التواصل الاجتماعي. ما أعاد طرح السؤال الكبير الذي يطرق أذهاننا: هل لدينا مؤسسات جديرة بثقة الأردنيين في المنعرجات الكبيرة؟.
خامساً: الصمت المريب من بعض رجال الدولة قد يفسر على انتظار لما ستؤول إليه التطورات، وعندها تُعلن المواقف بناء على النتائج! وهذا أسوأ دور متوقع لرجال دولة.
سادسا: لتحديد موقفك كأردني مما يجري أقترح عليك جملة من الأمور:
– ضع الوطن وديمومته وتماسكه دائماً وأبدا في بوصلة أهدافك العليا ولا تَحيد عن ذلك في كل الظروف.
– استمع جيدا للمعلومات، لكن حَيّد تماماً أثر الخطابات الرنّانة والمواقف الحادة المتعجلة، فقد يكون بعضها مدفوعا بما لا يبتغي خير البلاد أو بحسن النوايا غير المصحوبة بالفهم العميق للحالة.
– قد لا يعنيني كأردني الانخراط في أي استقطاب أو سجال لا يفضي إلى مصلحة وطنية عليا. والمصلحة الوطنية العليا تقتضي التفكير بمنطق العقل وعدم الانجرار وراء مغامرات ربما لا تكون مسؤولة.
– أي تكريس لدعائم مؤسسات الدولة الديمقراطية الحديثة، تتراجع معه أهمية الأفراد، ويصبح الصراع في إطار الطبقة الرسمية على النفوذ والحكم بلا قيمة أو أثر.
– أي تغيير راديكالي يطال بنية الحكم قد يقود إلى انقسام عمودي في المجتمع ما يهدد مصالح الوطن العليا، مصالحنا العليا ينبغي أن تشكل أولويتنا المطلقة.
– لتكن ضالتنا كأردنيين، التغيير الجذري والعميق في أحوال البلاد، بما يعزز مشاركتنا في الحكم، عبر آليات ديمقراطية مدنية سلمية، وصولاً إلى مؤسسات دستورية واضحة، وسيادة مطلقة للقانون لا الأشخاص. وهذا الدرس الذي حصل يجب أن يكون نقطة ارتكاز لنضال دؤوب للوصول إلى هذه الغايات في أسرع وقت.
الصحفي عبدالله بني عيسى