شو دخانك ؟! فارس الحباشنة
الشعب نيوز:-
احتفل مؤخرا باليوم العالمي لمكافحة التدخين .
السيجارة العادية والارجيلة مدرجة في قوائم المنع من تناولها في اماكن عامة .
والحكومات تتغاضى عن مخالفات التدخين، ولو عدنا الى باب مخالفات التدخين، في تقديري لم تصدر مخالفة واحدة.
شرطي السير يوقف السيارات وسيجارته مشتعلة، وموظف البلدية وامانة عمان يجوب على المحال التجارية يصدر مخالفات وسيجارته مشتعلة.
وموظفو الاستقبال في الوزارات ومدراء/ مديرات مكاتب الوزراء يستقلبون المراجعين والضيوف وسيجارتهم مشتعلة.
في قاعات الدوائر الحكومة وخدمات الجمهور الموظف يدخن والمراجع يدخن، وعامل النظافة يدخن، وسائق التكسي يدخن، وموظف الفاليت يدخن.
في المطعم، الطاهي يدخن، والنادل يدخن، وجرسون يدخن، والزبون يدخن.
والموضة الجديدة، السيجار الالكترونية، وبعضهم لا يكتفي بسيجارة واحدة، وانما يشعلهما معا، الالكترونية والعادية.
ومن لا يدخن، لا يطيق شم روائح السيجارة الالكترونية المنبعثة كاحتراق البلاستيك والزبالة.
تخطر هذه الصور البشعة عن تفشي الدخان في المجتمع بذهني، والاردن في التصنفيات العالمية يحتل مرتبة متقدمة، ولا نحسد عليها بين الدول الاكثر استهلاكا للدخان.
وتخطر بذهني هذه الصور بمناسبة التفشي غير العادي للسيجارة الالكترونية، وولادة اقتصاد تهريب وتزوير جديد في عالم الدخان .. سيجارة الالكترونية وعصيرها « المادة السائلة التي تستعمل في الاحتراق « مهربة وماركتها التجارية مزورة .
ملايين الدنانير تهدر في اقتصاد التدخين والارجيلة والسيجارة الالكترونية .. ويتفنن مهربو الدخان واعداء الاقتصاد الوطني بانتاج حيل جديدة لتجعل من المواطن والدولة ضحايا لعصابات عابرة للدول .
وللامانة، يسجل لمساعد امين عمان للشؤون الصحية الدكتورة مرفيت مهيرات موقفها الرديكالي والصارم من قضية الدخان، ومهيرات من مقاومي ومناهضي الدخان، وتقود معركة مؤسساتية وشعبية وقانونية ضد التدخين والارجيلة.
صوت واحد ليس كافيا،و قد لا يسمع بقوة، لكنه دون شك سوف يصل في لحظة ما .. وهي البداية لبناء راي عام صحي شعبي ونخبوي مضاد للتدخين . خطر الدخان عنيف على الاقتصاد والصحة العامة والبيئة.
وابشع صور التدخين غزوه للمدارس والجامعات، وطلاب مراهقون ينشرون على الفيسبوك صورهم يدخنون السيجارة العادية والالكترونية داخل حرم مدارس حكومية وخاصة، ويتباهون ويتفاخرون، والصور تلتقط على مرمى من اعين المدرسين واولياء الامور.
مؤخرا اقترح مدير عام الضمان الاجتماعي الدكتور حازم الرحاحلة زيادة الرسوم على الدخان لصالح برنامج التامين الصحي . والاقتراح هوجم وحورب من لوبيات بزنس.
من الصحي الى الاقتصادي، ثمة ما يستدعي مواجهة التدخين باجراءات صارمة . اي مدخن يستهلك شهريا ما لا يقل عن 90 دينارا، واي عائلة يوجد بها شخصان او ثلاثة اشخاص يدخنون فان فاتورة سجايرهم تحتاج الى راتب موظف حكومي حاصل على شهادة جامعية .
انا تخلصت من التدخين بعد رحلة امتدت لعشرين عاما . واكرر دائما القول : الاقلاع عن التدخين ليس صعبا ومستحيلا، وتجربتي نموذج .. وبعد الاقلاع تذكرت، لماذا كانت امي تثور غضبا في بيتنا في الكرك، وتغضب عندما ادخن في الصالون وغرفة الضيوف .. لم اصدق بعدما اقلعت عن التدخين ان رائحته كريهة ومقيتة، وسئية لهذا الحد.
نحن كنا ضحايا لعادة سئية تعلمناها قسوة، ولربما من باب العناد وفرض الذات، وكنا في الطفولة نتخيل ان التدخين تعبير عن الرجولة والاستقلالية، وان السيجارة رمز للنضوج، وتسحرنا صورة «رجل الكابوي « والفتاة الجميلة على العلبة، وان مشوار الحياة والنجاح والتفرد والاستقلالية تبدا من السيجارة.
الدولة اليوم معنية اكثر من اي وقت سبق بالتدخل لمحاربة التدخين .. ولان الدولة في المنظور القريب والبعيد هي الخاسر من معادلة الدخان، وفاتورة العلاج والموت الخاطف لابرياء وضحايا التدخين في عز عمر النضوج والعطاء، وتدمير واهلاك الصحة العامة .و الرابحون من معادلة التدخين هم تجار السموم والمهربون ويخرجون علينا باثواب العفة والطهارة، ويحجزون مقاعد من وراء اقنعة تشوش على اصلهم وفصلهم، ومنجم اموالهم وممالك البزنس الغامضة.
الدستور