مباراة إعتزال الفصائل الفلسطينية.. سعيد الصالحي

397
الشعب نيوز:-

الفصائل الفلسطينية على اختلاف شعبيتها وأنواعها وأيدولوجياتها كانت تتفق على الهدف المعلن وهو تحرير فلسطين وكانت تختلف فيما بينها على كيفية تحقيق هذا الهدف، وكانت هذه الفصائل تلتقي على قارعة إحدى الطرق أحيانا وكانت تختلف وتتخاصم عند بعض مفارق الطرق أحيانا أخرى، فيسلك كل فصيل الدرب الذي يظن أنه المناسب لآليات عمله ويتناغم ورشاقة فكره ومرونة أجهزته نحو فلسطين.

كانت هذه الفصائل رغم صعوبة وسائل الاتصال أكثر قربا من بعضها رغم الاختلافات وكانت تنسق فيما بينها رغم الشك وغياب اليقين، وكانوا رغم قلة خبرتهم في ذلك الوقت يتعلمون من تجارب وثورات الآخرين فتارة يستنسخونها وتارة يقتبسون منها دون مراعاة حقوق الملكية، واليوم باتت هذه الفصائل تختلف على الغنيمة وتتسابق للاستعراض في محطات التلفزة بخطاباتها المستأنسة وخبراتها الواسعة في فن الشجب وبلاغة الاستنكار.

لقد تركت هذه الفصائل آثار أقدامها على الطرقات وفي ساحات المواجهة فيما مضى وكانت بصماتهم على السلاح كما تركوا بعض بصماتهم على الأوراق، واليوم هم بلا أثر وبصمة وقد تيبست ظهورهم من الجلوس حول الموائد على اختلاف أنواعها وأشكالها.

المشهد الفلسطيني هذه الأيام يكاد يخلو من هذه الفصائل التاريخية التي شغلت العالم في القرن الماضي وكان رئيس كل فصيل منهم يعامل كرئيس دولة، فمنذ أوسلو ومشاعل الفصائل الفلسطينية بلا فتيل فقد نفذ كازها، ولم تنجح هذه الفصائل في الانصهار معا في مؤسسات سلطة اوسلو بطريقة فعالة تساعد على تنمية الفلسطيني وتطويره، وتهيئته لمرحلة جديدة من النضال ولم تفلح في إعادة تشكيل الأهداف وتأطيرها لتتناسب مع متطلبات الظرف الذي تعيشه قضيتنا.

إن ما تشهده الاراضي الفلسطينية من حركات شعبية تلقائية قد سجلت بوضوح غياب التيارات والفصائل عن قيادة الشارع والتحكم بالمشهد وضبط ايقاع التحركات الشعبية في مواجهة المحتل الصهيوني الغاشم الذي بدوره يشهد سيطرة المتطرفين من الساسة والذين تحركهم النبؤات التراثية الخرافية في ظل تراجع الأحزاب السياسية التقليدية لهذا الكيان، ففلسطين اليوم تشهد ولادة جيل جديد لا فصيل له إلا فلسطين ولا طريق له إلا المقاومة الشعبية الحقيقية التي ستنتج قيادة جديدة باهداف وآليات حديثة سترهق المستعمر وتلخبط أوراقه.

لقد هرمت هذه الفصائل ولم تعد تملك من الحيل والقوة والقدرة على مواكبة التطور ما يمكنها من الاستمرار وحتى وإن امتلكت الرغبة، فهذه الفصائل لم تمارس قواعد لعبة كرة القدم في الاحلال والتبديل بين عناصرها فباتت حركتها ثقيلة وهجماتها محفوظة ودفاعاتها هشة وأصبحت غير قادرة كمنظومة على استغلال الفرص وتسجيل الأهداف.

ومن هنا فأنني أدعو ما تبقى من الفصائل الفلسطينية للاعتزال وترك ساحة النضال للوجوه الشابة التي ما زالت تحلم بفلسطين كما درسناها وتعلمناها في كتاب القراءة، “فلسطين داري” وليست كما هي الآن بالنسبة لكم مجرد كلمة في مذكراتكم أو شعار على جدار.

قد يعجبك ايضا