المجالي يكتب عن : طارق علاء الدين

الشعب نيوز:-
عبدالهادي راجي المجالي 
جلست معه في حياتي مرة واحدة , هو ناداني لبيته ..واحتسيت القهوة , وكانت السواليف على سفح الحب والقلب …ولكني كلما جلست مع الناس الذين عاصروا زمنه , وكلما سمعت أحاديثا عن الفترة التي تسلم فيها المخابرات (1982- 1989) ..ايقنت أن ذاك الزمن لم ينتج رجالا , بقدر ما كانت ينتج الصوان والصخر …
الجيل الحالي – وللأسف- لايعرف كثيرا عن طارق علاء الدين , الذي جاء في فترة ..كان فيها لبنان على صفيح الاجتياح , وكان الأردن مستهدفا ..والحرب العراقية – الإيرانية قد اشتعلت وامتدت للمنطقة , والتنظيمات تحاول اختراق ساحتنا من كل زاوية ومن كل ثغرة , ومن كل معبر …كانت فترة فك الإرتياط , وفترة استهداف الدبلوماسيين الأردنيين في الخارج , واستهداف السفارات …وكان طارق علاء الدين في قلبها , بين المسدس والمكتب ..بين التقرير والتحليل , بين عملية هنا وعملية هناك ..بين اختراقات في الخارج وتحصين للداخل .
طارق ليس من زمن الداتا شو , ولا من زمن الليبرالية المتوحشة ..ولا من طبقة الكريما في السياسة ..ولكنه من الزمن الذي كان يولد فيه الناس من سبطانات البنادق , ولافرق في ذاك الزمن بين الرحم والبندقية لافرق بين المولود والطلقة ..لافرق أبدا بين النار والنار .
اتذكر اسمه حين كان يطرق في المجالس , واتذكر لفظة (باشا) حين تلحق بهذا بعد الاسم , حتى رجع صدى الاسم كان فيه مهابة وقوة ….
يتهمونني دوما بأني رهين الماضي , وليس لي نظرة للمستقبل ….طارق علاء الدين ليس من الماضي أبدا , ولكنه من دروس الحاضر التي علينا أن نستفيد منها , ونقرأها مطولا …هو من دروس الثقافة والحضارة الشركسية , التي ولدت من نصل السيف ..ومن صهيل الخيل , ومن افتداء العقيدة بالمهج….
اعترف أني اكتب لك أيها الباشا العظيم هروبا من حاضري , وحنينا للزمن الذي كنتم فيه تنسون أنفسكم لصالح البلد , لم تحضر في مكاتبكم ربطات العنق الفاخرة , لم تحضر العطور الفواحة ..ولا تذاكر سفر الأولاد , ولا المدارس الخاصة التي يؤمها الأحفاد , ولا قبول الابن الأصغر في جامعة لندنية …في زمنكم كان يحضر الدم فقط , فكل واحد منكم كان مشروع طريد أو شهيد أو قتيل …ومع ذلك طويتم كف المستحيل وأوصلتم الأردن لنا سليما معافى باسلا …
هذا المقال لطارق وحده , وهذا الصباح له وحده أيضا …وللزنود الشركسية التي حضنت البنادق ..وكانت عشقها وملاذها , وهذا المقال للتاريخ الذي صار هم البعض لدينا نسيانه , وها أنا اذكر به وأعرف أن غيظ البعض سيشتعل , فليشتعل …ذاك أن طارق علاء الدين سيبقى في التاريخ (ابن البلد) الذي أدى رسالته اتجاه ترابها وأهلها , كما يجب وكما كانت تقتضي المرحلة ..
وهل يوجد ما هو أجمل من شيب طارق ..وما هو اعظم من مسدس طارق ؟
الرأي
قد يعجبك ايضا