إقصاء الأم من قرارات تعليم الأطفال .. لمصلحة من؟

الشعب نيوز:-

أثار التعديل الذي أقره مجلس النواب على البند الأول من المادة 17، والذي عمل على إقصاء الأم من القرارات المتعلقة بنظام المدارس للأطفال ووضعهم التعليمي، حفيظة أوساط مجتمعية وحقوقية ونسائية، وسط مطالبات كثيرة بإعادة النظر في هذا التعديل من قبل مجلس الأعيان.

ونص التعديل الذي أقره مجلس النواب مؤخراً على أن «تلتزم المؤسسات التعليمية بما يلي:-1- تمكين الطفل ووليه أو الشخص الموكل برعايته من المشاركة في القرارات المتعلقة بالنظام المدرسي وبوضعه الدراسي»، ما أثار تساؤلات حول إقصاء الأم من القرارات المتعلقة بنظام المدارس للأطفال ووضعهم التعليمي.

والمقصود بعبارة «الشخص الموكل إليه» هنا كما ورد في النص هو الشخص الموكل بالرعاية في حال فقدان السند الاسري، أو في حال الرعاية البديلة.

واقتصر النص حق المتابعة على الولي والذي يُحصر حسب قانون الأحوال الشخصية على الأب، أو الجد بعد وفاة الأب، وسلب الأم حقوقها في متابعة شؤون أبنائها، ما اعتبره خبراء ومعنيون مجحف بحق الأم.

استثناء الام من التعديل

وترى المستشارة القانونية في مركز العدل للمساعدة القانونية المحامية سهاد سكري، أن «التعديل غير حقوقي، إذ أن المشرع لم يراع أهمية الولاية بهذا النص بالذات على خلاف بقية النصوص».

وقالت في حديثها الى «الرأي» أن «المشرع اتخذ منحنى التعديلات الاصلاحية والتطوير على منظومة التشريعية كاملة، خلال السنوات الماضية، أي منذ 2014 عند تعديل قانون الاحداث، و2017 عدل قانون العقوبات، فضلا عن التوسع بمنظومة الحماية خاصة حماية الأسرة والطفل».

واشارت سكرية، إلى بعض اجراءات الحماية بأنه تم استخدام مصطلح «احد الوالدين»، ولم يستخدم مصطلح الام او الاب، بالاضافة الى الفئات الثانية بخصوص الولاية والشخص المسؤول عن رعاية الطفل؛ حتى يشمل فئة اكبر من الاطفال كفاقدي السند الاسري او لديهم اشكاليات داخل الاسرة.

ولفتت إلى ان هذا وفر مصلحة اكبر بما ينسجم مع المصلحة الفضلى للطفل، وهذا مبدأ يتعلق بالطفل نفسه وظروفه، مشيرة الى ان «هذه المصلحة تقدم على اي مصالح اخرى موجودة بالقضية المثارة الآن اذا كان هنالك اطراف اخرى ترجح مصلحة الطفل الفضلى ويؤخذ الاجراء بناء على هذه المصلحة».

وتبين أنه «اذا كانت القضية تتعلق بالحق بالتعليم ننظر اين مصلحته في التعليم ويتخذ قرار من قبل الشخص المسؤول فعليا، وبهذه الحالة سيكون بالغالب احد الوالدين، وبالاحوال الطبيعية وحسب السياق الاجتماعي غالبا ما تكون الأم المتابعة للطفل من جميع النواحي من ضمنها التعليم فهي اقرب اليه.. فاذا كانت الأم موجودة فيجب ان يؤخذ بعين الاعتبار صلاحيتها بهذا المجال».

وقالت سكري، ان «حصر نص الصلاحية بالولي تحديداً حسب قانون الاحوال الشخصية والقانون المدني هم الذكور الأب والجد والعم، بهذه الحالة هنالك كثير من الحالات لا يكون الاب موجوداً بسب السفر وغيره، وهنا بحاجة الى وجود الأب حتى باجتماعات اولياء الامور لأنه ووفق النص الجديد لا يوجد صفة للأم».

وأضافت: «بناء على النص الجديد حصرت متابعة الطفل بالولي فقط كأن يستلم شهاداته ويتابعه في المدرسة وأي اجراءات تخص الطفل تستلزم التوقيع من الولي كنقله الى مدرسة اخرى»، مشيرة هنا الى ان «هنالك حالات اسرية استثنائية».

وشددت على «ضرورة اخذ المصلحة الفضلى للطفل بغض النظر عن وجود احد الوالدين او من قبل والدته المسؤولة عنه، لأنه في هذه الحالة فإن إجراء القانون سيستنزف وقتا وجهدا، والأم تضطر لأن تذهب الى المحكمة لاصدار قرار بالوصاية للسماح لها باجراء معين، وهذا الامر يستغرق وقتا في المحاكم، ما قد يعرض مصلحة الطفل للضياع».

وبخصوص النساء المهجورات، قالت سكري: «اذا كان الزوج غير موجود او موجوداً وممتنعاً عن التواصل او القيام بأية واجبات وهذه معضلة بالتعاطي معها بالقانون الذي لا يشير الى وضع النساء المهجورات في هذه الحالة، وهنا نلزم الأم او الزوجة بان تستصدر قراراً قضائياً ويمكن ان لا تكون مهتمة رعاية شؤون ابنائها».

وتابعت: «هذا الامر يتطلب الذهاب الى المحكمة وتقديم طلب لمنحها بعض الصلاحيات بعد صدور القرار القضائي، وهذا أمر بالغ الصعوبة، وبناء على تجربة المحاكم الشرعية يشير المحامون الى ان هنالك صعوبات كثيرة حاليا حول استخراج حجة الحضانة والحصول على هذه الحجة فيه صعوبة وازدادت مؤخرا».

وختمت سكري: «الأم هي من تعيل شؤون الاسرة وتتابعهم، واذا ما تخلى الأب عن مسؤولياته، قد يسبب هذا الامر مشاكل تعليمية للاطفال».

حملة لرد النص

وانطلقت حملة «رعاية مشتركة» بعد تصويت مجلس النواب بالموافقة على المادة ذاتها، وأسس الحملة، حسب بيان صحفي صادر عنها، أمهات يؤمن بأن التربية والمتابعة المشتركة للأطفال من قبل كلا الوالدين هي الطريقة السليمة والسوية لتنشئة الأطفال وتجنيبهم أية تجاذبات أو صراعات قد تنشأ لأي سبب.

وقال البيان «لأن مصلحة الأطفال والحفاظ على سويتهم النفسية والسلوكية هي الأولوية وتقدم على أي أمر آخر، كان لا بد من دعم الولاية المشتركة للوالدين ومنحهما حق متابعة أبنائهم في التعليم والتشارك بالقرارات التي تتعلق بمصلحتهم».

وشددت الحملة على أن «الموافقة على هذا التعديل بحصر القرار في ما يتعلق بتعليم الأبناء بالولي هو قرار مجحف، وغير مبن على أسس موضوعية، ولا يصب في مصلحة الأبناء وبنائهم النفسي والسلوكي والاجتماعي، علاوة على أنها ستزيد من حالة الاحتقان والمشاحنة بين الوالدين على حساب مصلحة الأطفال الفضلى خاصة في حالة انفصال الأبوين».

وتساءلت الحملة في بيانها إن «كان هذا التعديل تم بناء على دراسة واقع الحال، خصوصا أن غالبية الدراسات تؤكد أن الأم غالبا ما تتحمل العبء الأكبر في متابعة شؤون الأطفال الأكاديمية».

وشددت على ان «التعديل يتنافى مع تحقيق المصلحة الفضلى للطفل، حيث أنه قدم رغبات الولي على مصلحة الطفل.

كما تساءلت الحملة إن اخذت التعديلات بعين الاعتبار الأوضاع التي يكون بها الولي غائباً كحالات الوفاة والسفر».

واكدت الحملة «رفضها لهذا التعديل فإنها تطالب مجلس الأعيان برده لإعادة النظر فيه وتصويبه بعدم استثناء الأمهات لأنهن شريكات مع الآباء في القرارات التي تتعلق بالاطفال في كل ما يختص حياتهم».الراي

قد يعجبك ايضا