أهلكتمونا مجالس.. أين الاستثمار!

306
الشعب نيوز:-
أسامة الرنتيسي –

أجمل تعليق قرأته على قرار مجلس الوزراء قبل يومين بتشكيل مجلس الاستثمار برئاسة رئيس الوزراء…”ممتاز؛ أصبح عندنا مجلس استثمار ووزارة استثمار وهيئة استثمار.. المهم أن يصبح عندنا استثمارا”.

مُضحكٌ ومُبكٍ ومُحزنٌ، حديث المسؤولين عن قضية الاستثمار في الأردن.

 حديث على كل حال لا يختلف عن أحاديث كثيرة في موضوعات حساسة تُتداول، ويُكتشف عن  أن هذا التداول فقط للاستهلاك اليومي، ومانشيتات الصحف وعواجل التلفزة.

في معضلة الاستثمار، يُجرى الحديث منذ سنوات طوال عن معوقات كثيرة، جذرها البيروقراطية، وعمقها الفساد، وأدواتها أشخاص يبحثون عن مصالحهم الخاصة، ومشاركة المستثمرين في أعمالهم، على قاعدة السلبطة، وإمكان تذليل أية عقبات تواجه المستثمر.

هذه معلومات ليست سرية، ويتم الحديث عنها علنا، وفُضحَت أكثر من مرة تحت قبة البرلمان.

أليس الأمر مضحكا عندما يترأس رئيس الحكومة اجتماعا في وزارة الاستثمار مع أقطاب العمل الاستثماري والبنوك، ويخرج علينا بتصريح: “ضرورة وجود استراتيجية واضحة للتعامل مع الاستثمار تنهي المعوقات البيروقراطية التي ما زالت تشكل العائق الأكبر أمام الاستثمارات….”،

…والسؤال المباشر لدولته.. ما الذي يمنعك ويمنع حكومتك ومنع الحكومات السابقة من إنهاء المعوقات أمام الاستثمار؟.

الوزير الذي لم يصمد سوى أشهر في وزارة العمل وملف الاستثمار الدكتور معن القطامين خرج بنتيجة ” عدم وجود رؤية واضحة واستراتيجية فاعلة للاستثمار، ضعف الامتيازات المقدمة للمستثمرين، خصوصا في ضوء تغيير قانون ضريبة الدخل، وعدم وجود حوافز حقيقية لزيادة الصادرات الوطنية، إضافة إلى صعوبة ممارسة أنشطة الأعمال في الأردن”..

ويتابع الوزير: “النافذة الاستثمارية الواحدة هي نافذة غير نافذة، فغالبية المفوضين في النافذة لا يملكون الصلاحيات الكافية لتسريع عمل المستثمر، وبيروقراطية كبيرة في الإجراءات الحكومية….”.

طيب؛ كلام زي العسل، وليس جديدا، والسؤال موجه لمعاليه: ماذا فعلت؟ وماذا فعل من سبقوك في هذا المنصب لتخفيف المعوقات أمام الاستثمار؟. وماذا سيفعل من يأتوا بعدك؟!

سنبقى ندور في حلقات مفرغة، ولن نصل إلى نتائج، وسنعلن كل فترة عن هجرة عشرات المستثمرين إلى دول أخرى مجاورة، سياسة الاستثمار والامتيازات فيها أفضل بكثير منا.

هل يستطيع الفريق الاقتصادي أن يكشف لنا عن المزايا الإيجابية لقانون الاستثمار وقانون البيئة الاستثمارية الذي لا يجذب مستثمرا، بل يطرد ــ من خلال التعقيدات التي لا تنتهي ــ الاستثمار الموجود؟

لا أحد ينكر صعوبة الأوضاع الاقتصادية ليس في الأردن وحده، بل في المنطقة والعالم، لكن تعبنا من الاستماع إلى خطوات التصحيح الاقتصادي، والتزامات صندوق النقد، كما تعبنا من الاستماع إلى الخطاب الخشبي حول زيادة المديونية الأردنية، والاستماع إلى أرقام المنح والقروض والمساعدات التي لا تتوقف، فيتساءل كثيرون إلى أين تذهب.

بالمناسبة؛ نسمع أحيانا مداخلات بعض النواب يتهجمون فيها على مستثمرين عينك عينك، مصرون فيها على توجيه تهم لم يثبتوها، يعزفون على وترها طوال عشرين سنة.

هذه الاتهامات لا تمنح الأمان لأي مستثمر يفكر مجرد تفكير بالاستثمار في الأردن، وقد لا تُبقي على ما تَبقّى من نُتَف الاستثمار.

الدايم الله….

قد يعجبك ايضا