الادّعاءات المضللة حول المهاجرين من أفريقيا جنوب الصحراء في تونس
الشعب نيوز:-
من بين الادّعاءات التي نشرت مؤخرًا في تونس، إحصائية شاركتها مواقع إخبارية وحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي، مفادها أنّ عدد الأفارقة جنوب الصحراء يبلغون 700 ألف شخص في تونس.
(Gettyimages)
شهدت تونس في الفترة الأخيرة حملة ضد المهاجرين من إفريقيا جنوب الصحراء، وانتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، ادّعاءات مضللة وزائفة حولهم، معززة بمخاوف حول مشروع استيطاني في البلاد؛ حسبما أورد “مسبار”- المنصة العربية لتقصي الحقائق.
عقب ذلك، نشرت الصفحة الرسمية للرئاسة التونسية يوم الثلاثاء 21 شباط/ فبراير 2023، حول “معالجة ظاهرة توافد أعداد كبيرة من المهاجرين غير النظاميين من إفريقيا جنوب الصحراء إلى تونس”، مما أثار موجة من الاستنكار والتنديد فاعتبره نشطاء وحقوقيون أنّه يحتوي على خطاب عنصري ونظرية مؤامرة.
وقال الرئيس التونسي، قيس سعيّد، إنّ “هناك ترتيبًا إجراميًّا تمّ إعداده منذ مطلع هذا القرن لتغيير التركيبة الديمغرافية لتونس، وأنّ هناك جهات تلقت أموالًا طائلة بعد سنة 2011 من أجل توطين المهاجرين غير النظاميين من إفريقيا جنوب الصحراء في تونس”.
وأشار إلى أنّ “الهدف غير المعلن من ذلك هو اعتبار تونس دولة إفريقية فقط ولا انتماء لها للأمتين العربية والإسلامية”.
وقام فريق “مسبار” بتتبع العديد من الأخبار والادعاءات التي نشرت حول الأفارقة من جنوب الصحراء في تونس، بمختلف أشكالها، وتفنيدها، إليكم أبرزها:
من بين الادّعاءات التي نشرت مؤخرًا في تونس، إحصائية شاركتها مواقع إخبارية وحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي، مفادها أنّ عدد الأفارقة جنوب الصحراء يبلغون 700 ألف شخص في تونس.
لكن بالتحقق وجد “مسبار” أنّ المنظمات غير الحكومية المحلية في تونس قدّرت أنّ عددهم يتراوح بين 30 و50 ألفًا، وفق ما ذكرته صحيفة “لوموند” في مقال بتاريخ 23 شباط/ فبراير الفائت.
وذكر موقع نواة التونسي في تشرين الأول/ أكتوبر 2022، أنّ قرابة 57 ألف مهاجر من جنوب الصحراء يعيشون في تونس، وفقًا لإدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية التابعة للأمم المتحدة.
وكشفت آخر إحصائية رسمية صادرة عن معهد الإحصاء التونسي حول الهجرة (2020-2021)، أنّ عدد المهاجرين في تونس عمومًا يبلغ قرابة 58 ألفًا وأنّ أكثر من 21 ألفًا منهم من الأفارقة جنوب الصحراء.
ونشرت صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، مقطع فيديو على أنّه يوثق اعتداءات على مهاجرين أفارقة في تونس خاصة من الجنسيتين السودانية والتشاديّة، لأن دولهم لم ترسل طائرات لإجلائهم، وأوضح تحقّق “مسبار” أنّه مضلّل ويعود تاريخه إلى حزيران/ يونيو 2022، ويوثق تعامل السلطات الأمنية مع مهاجرين حاولوا اجتياز سياج مليلية، الذي يفصل بين المغرب وإسبانيا.
وتعد منطقة مليلية إحدى الجيبين الواقعين على الحدود المغربية الإسبانية، وتشكل نقطة عبور برية من إفريقيا إلى أوروبا.
ولا يوثق هذا الفيديو ترحيل تونسيين من غينيا بعد خطاب الرئيس التونسي، قيس سعيّد، حول المهاجرين غير النظاميين من إفريقيا جنوب الصحراء. إذ اكتشف “مسبار” بعد التحقّق من الادّعاء أنّه يوثق اعتقال تاجر المخدرات الإسباني ميغيل أنخيل ديفيسا في ساحل العاج في نيسان/ أبريل عام 2022.
بالإضافة إلى ذلك، لم يعثر “مسبار” على أي إعلان رسمي في غينيا حول ترحيل التونسيين من البلاد بعد تصريحات للرئيس التونسي حول المهاجرين غير النظاميين من إفريقيا جنوب الصحراء.
كما ادّعى ناشرو هذه الصورة أنّها توثق هجوم آلاف الأفارقة على حدود كل من تونس والجزائر والمغرب. وأظهر التحقق أنّ الصورة قديمة، نُشرت في أيلول/ سبتمبر عام 2017 على مواقع إخبارية، وكانت ضمن تغطية أخبار مواجهات بين شبان مغاربة ومهاجرين أفارقة في حي مسنانة بمدينة طنجة المغربية.
وتداولت وسائل إعلام ومواقع إلكترونية، ادّعاءات حول اعتداء رجل تونسي على مواطن إفريقي في تونس، وعن منع السلطات في ساحل العاج للعمال والطلبة التونسيين من الدخول إلى مطار العاصمة الإيفوارية أبيدجان بسبب الأزمة الدبلوماسية الأخيرة مع تونس.
تحقّق “مسبار” من الادّعاءات المتداولة وتبيّن أنّها مضلّلة. فقد تبيّن أنّ مقطع الفيديو المنتشر للاعتداء على مواطن إفريقي في تونس قديم يعود إلى أيلول/ سبتمبر 2020، في حادثة أثارت الجدل حينذاك.
أمّا صورة منع تونسيين من دخول ساحل العاج، فتبين أنّها منشورة في مواقع إخبارية منذ آذار/ مارس عام 2022. وبالتدقيق وجد “مسبار” أنّها مقتطعة من فيديو إعلاني لوثائقي أنجزه التلفزيون الإيفواري حول كواليس مطار أبيدجان ونشر يوم 10 آذار/ مارس 2020، بعنوان “52 دقيقة لفهم طريقة عمل مطار فيليكس هوفويت بواني في أبيدجان”. ونشرت القناة الوثائقي كاملًا يوم 20 آذار/ مارس.
أمّا مقطع الفيديو الذي ادّعى مستخدمون على موقع “فيسبوك”، أنّه لدخول الملايين من المهاجرين الأفارقة من جنوب الصحراء، إلى الحدود الليبية والجزائرية بهدف الوصول إلى تونس. وجد “مسبار” أنّه مضلّل ويعود إلى وصول مهاجرين أفارقة إلى شاطئ سياحي في إسبانيا في عام 2018، وكان المقطع قد نُشر على قناة “يورو نيوز”.
وهذا الفيديو من نيروبي وليس لمهاجرين أفارقة في تونس، كما ادّعى عدد من الحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي. وقد نُشر منذ 29 كانون الثاني/ يناير الفائت، على أنّه من منطقة جاكارندا في العاصمة الكينية نيروبي، خلال تجمع سياسي يقوده زعيم المعارضة الكينية رايلا أودينغا. كما أنّ الحركة الديمقراطية البرتقالية الكينية (المعارضة)، شاركت مقطع الفيديو مع تعليق “نحن الشعب”. كما نشرت مقاطع فيديو من زوايا مختلفة للقاء الذي جمع زعيم المعارضة الكينية بمسانديه.
وبالتحقّق من هذه الصور التي ادّعى مستخدموها أنّها من دخول مهاجرين أفارقة إلى المغرب مؤخرًا مطالبين بحقهم فيها، وجد “مسبار”، أنّها مضلّلة وقديمة، إذ جرى تداول الصورة الأولى بتاريخ 24 حزيران/ يونيو عام 2022، وتُظهر مهاجرين غير نظاميين عبروا السياج الفاصل بين جيب مليلية والأراضي المغربية، للمرور نحو إسبانيا.
أما الصورة الثانية، فتعود إلى نيسان/ أبريل عام 2016، وتصوّر احتجاج أفارقة في العاصمة المغربية الرباط على تصريحات الأمين العام للأمم المتحدة آنذاك، بان كي مون، الذي وصف فيها الصحراء الغربية بالأرض المحتلّة.
بينما جرى تداول الصورة الثالثة في مواقع إخبارية منذ العام 2011، وقد نشرها موقع هسبريس المغربي في كانون الأول/ ديسمبر عام 2011، رفقة تقرير يناقش تزايد أعداد الأفارقة القادمين من بلدان إفريقيا جنوب الصحراء الذين يختارون الاستقرار بالمغرب، في انتظار فرصة للعبور إلى أوروبا بطرق غير نظامية، إما بحرًا بالقوارب الصغيرة، أو عبر تسلق سياج جيب مليلية.
وهذا الفيديو ليس لاحتجاج أفارقة من جنوب الصحراء في شارع الحبيب بورقيبة في العاصمة التونسية، عقب بيان الرئاسة التونسية حول اتخاذ إجراءات لمعالجة موضوع المهاجرين غير النظاميين من إفريقيا جنوب الصحراء. إذ أظهر التحقّق أنّه مضلّل، ويعود لاحتجاج مواطنين أفارقة في شارع الحبيب بورقيبة في العاصمة التونسية، على خلفية مقتل رئيس الجالية الإيفوارية عام 2018.
ووجد “مسبار” مقاطع فيديو من زوايا مختلفة للحدث ذاته، نشرتها وسائل إعلام تونسية وأجنبية خلال تغطيتها للتحرك الاحتجاجي، حينها.
كما نشرت صفحات وحسابات مشاهد مختلفة على أنّها لأفارقة من جنوب الصحراء يدعون إلى التوطين في تونس وحمل السلاح. منها مشهد للفنان الإيفواري ألفا بلوندي وهو يقول “السلاح سيكون رفيقكم في السفر”. لكن بالتحقق وجد “مسبار” أنّ سياق مقطع الفيديو مضلل، كما أنّه قديم ويعود إلى عام 2017، بعد بث شبكة “سي إن إن”، لمشاهد تظهر “سوق عبيد” يباع فيه أفارقة في مزاد علني في ليبيا.
وقال ألفا بلوندي في فيديو نشره عبر حسابه على موقع “فيسبوك”: “ينتظر قادتنا إيجاد حل حقيقي لهذه المشاكل، بينما يترقبون الصحوة المتأخرة لمن يسمون بالمدافعين عن حقوق الإنسان.. لدينا بداية حل قد لا يكون الأفضل، لكن في حالة القوة القاهرة، نحن مضطرون للقيام بذلك”.
وعلّق “يشعر الليبيون بالقوة لأنهم مسلحون بينما المهاجرون، دون أي سلاح، تحت رحمتهم تمامًا”.
وأضاف “من الآن فصاعدًا، من الضروري للغاية أن يكون المهاجرون مسلحين أيضًا ليكونوا قادرين على حماية أنفسهم”.
وتابع “إخوتي وأخواتي المهاجرون الأعزاء، يجب أن يكون لديكم في أمتعتكم سلاح للدفاع عن حياتكم وحياة أحبائكم. هذا السلاح سيكون رفيقكم في السفر”.