تقرير: تفاهمات لقاء شرم الشيخ حبر على ورق وشرعنة مستوطنات بعد ساعات

392
الشعب نيوز:-

رغم اتفاق الاجتماع الخماسي في مدينة شرم الشيخ المصرية، على التمسك بتحقيق التهدئة في الأراضي الفلسطينية، لكنه من المستبعد أن يكون مؤثرا على أرض الواقع.

والأحد، استضافت شرم الشيخ قمة أمنية خماسية من مسؤولين سياسيين وأمنيين رفيعي المستوى، من مصر والسلطة الفلسطينية وكيان الاحتلال والأردن والولايات المتحدة.

واستبعد خبراء فلسطينيون، إمكانية تنفيذ الاحتلال التزامات الاجتماع، لعدم التزامه بالتفاهمات السابقة واستمراره بالاستيطان وعمليات اقتحام المدن وتنفيذ اغتيالات.

وصباح اليوم الثلاثاء صادق كنيست الاحتلال الإسرائيلي، بالقراءتين الثانية والثالثة على إلغاء بنود في قانون الانسحاب من قطاع غزة، و4 مستوطنات في شمال الضفة الغربية المحتلة، وذلك بعد 18 عاما من إقراره.

وتأتي القمة في وقت تصاعد فيه التوتر بشكل حاد في أنحاء الضفة الغربية المحتلة خلال الأشهر الأخيرة، وسط مداهمات عسكرية للاحتلال متكررة على البلدات الفلسطينية.

قمة أمنية

في ختام الاجتماع، أصدر المشاركون بيانا خلص إلى ضرورة التمسك بتحقيق التهدئة، مع الاتفاق على عقد لقاء جديد بالمدينة ذاتها، في أبريل/ نيسان المقبل.

وتضمن البيان الاتفاق على 10 التزامات بشأن التهدئة والسعي لإحياء عملية السلام، من بينها “تعزيز الأمن والاستقرار والسلام للإسرائيليين والفلسطينيين على حد سواء”.

وأضاف البيان أن المشاركين أقروا ضرورة “السعي من أجل اتخاذ إجراءات لبناء الثقة وتعزيز الثقة المتبادلة وفتح آفاق سياسية والتعاطي مع القضايا العالقة (دون تحديدها) عن طريق الحوار المباشر”.

واتفقوا على “استحداث آلية للحد من والتصدي لمنا اسموه “العنف”، والتصريحات والتحركات التي قد تتسبب في اشتعال الموقف، تحسين الأوضاع الاقتصادية للشعب الفلسطيني مع رفع هاتين الآليتين للاجتماع المقبل”.

وقبل يوم من الاجتماع، طالبت فصائل فلسطينية في بيانات منفصلة السلطة الوطنية بعدم المشاركة فيه، من بينها حركة “حماس”، والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وحركة الجهاد الإسلامي، وحزب الشعب.

واتفقت البيانات على رفض مشاركة السلطة في المفاوضات بحضور ممثل للاحتلال التي تستهدف مقاومة الشعب الفلسطيني، كما تستغل مثل تلك الاجتماعات لشن مزيد من العدوان بحقه.

ومنذ بداية العام 2023، استشهد نحو 90 فلسطينيا على يد قوات الاحتلال، بحسب معطيات فلسطينية، فيما قتل 14 إسرائيليا في عمليات منفصلة خلال الفترة نفسها.

فرص منعدمة

مدير مركز يبوس للدارسات (فلسطيني خاص) سليمان بشارات، يرى أن “نافذة الفرص أمام تنفيذ مخرجات قمة شرم الشيخ ضيقة جدا، وذلك نتاج مجموعة من العوامل”.

وأوضح بشارات، أن “العامل الأول هو استمرارية تهديد الاحتلال الميداني شبه اليومي عبر عمليات استعراض واغتيال مباشرة من قواتها خاصة بمدن فلسطين فتعمل على إثارة الشارع وخلق تحد ورد فعل”.

وأضاف أن التهديد الإسرائيلي يتسبب في “عدم قدرة ضبط السلوك اليومي للمستوطنين في شوارع الضفة، ما يعني تهديد المواطنين الفلسطينيين خلال العبور من الشوارع الرئيسية بين المحافظات”.

العامل الثاني، “مرتبط بالفجوة بين الشارع الفلسطيني وتحرك قيادة السلطة، فلا توافق وانسجام بينهما، لأنه لا يوجد قناعة أن الاحتلال سيمنح شيئا للفلسطينيين دون مقابل على حساب البعد الوطني والحقوق”.

ويتمثل العامل الثالث في أن “الرؤية التي تقوم عليها مخرجات اللقاءات (بشرم الشيخ) ضمن الإطار الأمني فقط وليس السياسي، وهذا يشكل مخاوف من إمكانية وقوع تصادم فلسطيني داخلي نتاج ضغط الاحتلال على الفلسطينيين”.

وأوضح بشارات، أن مخاوف التصادم الفلسطيني الداخلي بسبب ضغط الاحتلال، سيكون “محفزا أكبر أمام المواجهة مع الاحتلال، للهروب من الصدام الداخلي”.

وأشار إلى أن العامل الرابع، يتعلق بالميدان، إذ أن “تطورات الميدان اليومية التي تتحكم أكثر في أي مواقف، وهذا خاضع لظروف خارج إطار الترتيبات السياسية والأمنية”.

ليختتم الباحث الفلسطيني حديثه بالتأكيد أنه في الميدان “يمكن لوقوع أي حدث أن يعيد خلط الأوراق بشكل سريع، لتتطور الحالة بناء عليه إلى المواجهة بديلا عن الاستقرار”.

لا ينهي التوتر

الخبير السياسي الفلسطيني جهاد حرب، يرى أن “البعد الأمني قد يعمل على تخفيف التصعيد، لكنه لن ينهيه”، مؤكدا أنه “لا إمكانية لتطبيق التفاهمات، في ظل حكومة يمينية إسرائيلية”، في إشارة إلى حكومة بنيامين نتنياهو.

وقال حرب، إن “الحكومة الإسرائيلية تخلت عن تلك التفاهمات على الفور، عبر تصريحات لمسؤولين فيها، أبرزها لنتنياهو الذي أكد استمرار حكومته ملاحقة أي فلسطيني يعتدي على الإسرائيليين”.

والأحد، تعهد نتنياهو بملاحقة الفلسطينيين متهما إياهم بما اسماه “الإرهاب”، وقال إن “كل الذين يحاولون إيذاء من اسماهم “مواطني إسرائيل”، سيتم الوصول إليهم. في كل مكان”.

وفي اليوم نفسه، قال وزير مالية الاحتلال زعيم حزب “الصهيونية الدينية” اليميني المتطرف بتسلئيل سموتريتش، إنه “لا يوجد شيء اسمه شعب فلسطيني، بل هو اختراع لم يتجاوز عمره 100 عام”، على حد وصفه.

وأضاف حرب: “إذن، فالمسألة (تنفيذ التفاهمات) تتعلق بعدم التزام الاحتلال، أو احترامها للاتفاقيات الموقعة، والتجربة السابقة على مدار السنوات الأخيرة تثبت ذلك”.

ولفت إلى أن “السلطة الفلسطينية غير قادرة على تقييد حركة أو إبطال أي عملية قد يقدم عليها الفلسطينيين، كونها تنفذ خارج منطقة سيطرتها، في مناطق (ج)، والقدس، والداخل (الفلسطيني)، وهي مناطق يسيطر عليها  الاحتلال”.

وصنّفت اتفاقية “أوسلو 2” لعام 1995 أراضي الضفة 3 مناطق: “أ” تخضع لسيطرة السلطة الكاملة، و”ب” لسيطرة أمنية إسرائيلية ومدنية فلسطينية، و”ج” لسيطرة إسرائيلية كاملة، وتشكل الأخيرة نحو 60 بالمئة من مساحة الضفة.

وتابع حرب: “الاحتلال ماض في سياسة البناء الاستيطاني والاقتحامات والاعتداءات، وشن المستوطنين الهجمات على الفلسطينيين”، مؤكدا أن “الاحتلال المسبب للتوترات، فكل تلك الجرائم سببها الاحتلال”.

وشدد على أن “الشعب الفلسطيني يريد التخلص من الاحتلال، ولا يريد إجراءات اقتصادية وأمنية قد تخفف من التوتر ولا تزيل السبب الرئيسي وهو الاحتلال”.

واختتم حديثه بالإشارة إلى أن “الأساس هو الأفق السياسي، فما لم يكن هناك نظرة تفاؤلية لدى الفلسطينيين بإنهاء الاحتلال في المدى المنظور، تبقى مسألة العنف قائمة ومتجددة”.

الانتقاء الإسرائيلي

مدير مركز القدس للدراسات التابع لجامعة القدس الفلسطينية أحمد رفيق عوض، يرى أن “إمكانية تنفيذ التفاهمات قد تكون منعدمة، لتعدد صناع القرار بحكومة الاحتلال المشكلة من أحزاب يمين ويمين متطرف يتحكمون بمفاصل الحكم”.

وقال عوض، إن “تفاهمات شرم الشيخ وقبلها العقبة، إذا ما تركت للاحتلال، فإنها تفسرها وتطبقها من منظوره، فيطبق ما يريد وتنتقي منها ما يتماشى مع سياستها”.

وفي 26 فبراير/شباط الماضي عقدت الأطراف ذاتها اجتماعا بمدينة العقبة جنوبي الأردن، الذي تقرر خلاله عقد اجتماع شرم الشيخ، وسط استمرار المواجهات والاقتحامات والتنديدات العربية المستمرة ضدها.

وأضاف عوض أن “البيان الختامي (الصادر في شرم الشيخ) لم يجب على المخاوف الفلسطينية أو يرد على الأسئلة الهامة، وهي هل يتوقف الاحتلال الإسرائيلي عن قتل الفلسطينيين والمصادرة (للمنازل) وإنكار التسوية؟”.

وأكد أن “إبقاء الأمر أمني لا يؤدي إلى نتائج، فالأصل أن يكون أفق يفضي إلى إنهاء الاحتلال”.

وأرجع السبب إلى أن “واشنطن تدعم وتشرعن الاحتلال، وموازنتها بين عمليات الفلسطينيين وعنف المستوطنين خطأ، لذا فلا دور حقيقي للمشاركين بالقمة التي يجب أن ترعى وتراقب (الأوضاع في فلسطين)”.

وشدد في ختام حديثه على أن “الاحتلال يروج أن شهر رمضان شهر دموي، لكي ترتكب جرائم بحق الشعب الفلسطيني، بدعوى محاربة الإرهاب”.

وفي 6 مارس/آذار الجاري أوعز وزير الأمن القومي للاحتلال إيتمار بن غفير بمواصلة هدم منازل فلسطينيين بالقدس خلال رمضان الذي يبدأ الخميس 23 مارس.

وفي اليوم نفسه، أشارت هيئة البث الإسرائيلية، إلى تدريب كتيبة في مدينة اللد (وسط)، لتكون “بمثابة فرقة حماية خاصة، كجزء من استعداد الشرطة لاضطرابات محتملة خلال شهر رمضان الوشيك”.

قد يعجبك ايضا