العَم سام ولوبيات السلاح وتجييش العِباد .. الأكاديمي مروان سوداح

194
الشعب نيوز:-

قرأت ذات سنة في صحافات روسية، أنه في الولايات المتحدة الأمريكية يتواجد “نحو” 14 ألف “جيش” مسلح، معظمها ينشط سرًا، وترتبط أكثريتها بتنظيماتٍ سياسية عسكرية تعمل “في مواجهة” النظام السياسي الحاكم. لا أعلم مدى مصداقية هذه الإحصائية ومصادر معلوماتها المُخيفة، وقد تكون غير واقعية، لكن ما يمكن أن نُسميه “صراع السلاح” في أمريكا غدا واقعيًا على الأغلب، كما عودتنا مشاهد الأفلام الأمريكية، منذ عهد “الكاوبوي” وما بعده، وعلى مدار عشرات السنين الأخيرة، حتى غَرست فينا الرعب من واقع “العم سام”، وما يُسمّى بـِ”مسألة” السلاح والتسلح والمافيات وطوائف الموت “الدينية” والمدنية والسياسية المتطرفة.
تتحدث وسائل الإعلام العالمية عن آخر استطلاع أجرته “مؤسسة غالوب” في عام 2020، إذ أورد أن 57% من الأمريكيين يؤيدون قوانين أكثر صرامة في مسألة بيع الأسلحة، ويأمل 34% منهم في الحفاظ على القوانين ذات الصلة دون تغيير، ويريد 9% منهم قوانين أكثر تساهلًا، ويدعم أكثر من نصف الأمريكيين السيطرة على تملّك الأسلحة، فلماذا إذن تَستحيل السيطرة عليها؟ لهذا، هنا تتبدى الصعوبة في العثور على مواطن أمريكي لا يحمل في جعبته سكينًا أو مسدساً، فاقتناء السلاح وربما حمله غدا ظاهرة يومية وراسخة في المجتمع الذي يخشى بعضه بعضًا، فما يُسمّى بـِ “ثقافة السلاح” رسخت في التقاليد الأمريكية، و”المناسبات” التي تفضي إلى “تبادل الرصاص”، صارت سِمة عامة. فوفقًا للإحصاءات، لقي أكثر من 40000 أمريكي في عام 2020 وحده حتفهم بسبب حوادث إطلاق النار، وهو بالمتوسط أكثر من 110 أشخاص كل يوم؛ كما وقَع 611 حادث إطلاق نار جماعي، بمتوسط أكثر من 1.6 حادث/اليوم؛ وبلغت مبيعات السلاح لنفس العام 23 مليون قطعة، بنسبة بلغت زيادة 64%، مقارنة بعام 2019 .
يُشار في هذا الصدد، إلى أن “المعهد العالي للدراسات الدولية والتنمية” في جنيف، بسويسرا، أجرى ما يُسمّى “مَسح تملّك الأسلحة الخفيفة”، وكشف المسح عن تجاوز عدد الأسلحة التي يمتلكها مدنيون في الولايات المتحدة 393 مليون قطعة، في عام 2017، وكان إجمالي عدد سكان الولايات المتحدة في ذلك الوقت 326 مليون نسمة، لتصبح بذلك الدولة صاحبة المعدل الأعلى في تملك الأسلحة على مستوى الأفراد عالميًا. وبذلك، أفضى انتشار الأسلحة النارية إلى تواصل مولدات “العنف المسلح” في تلك الدولة وموت المزيد من المواطنين ضمنهم الأبرياء، وهو بالذات ما يدفع إلى تكاثر عدد الأمريكيين الذين يرغبون اقتناء السلاح بكل أنواعه تتبعهم الاختراعات المتجددة للأسلحة الأكثر فتكًا بالإنسان، بغية حماية المصالح الفردية والشخصية وعائلات المسلحين.
في الخلاصة، تاليًا:
ـ الولايات المتحدة هي في الواقع “الدولة – المُعسكر”، وتتبع المَجمَع الصناعي – العسكري الذي يسيطر على الولايات الأمريكية ويوجهها، وربما يُدير كذلك الأمزجة ومشاعر المواطنين الأمريكان.
ـ ما يُسمّى بِـ”الاتحاد القومي الأمريكي للأسلحة”، هو أحد “مجموعات المصالح” المناهض لوضع أي حدود تُفضي لسيطرة الدولة على تملك المواطنين للأسلحة، وإلى جانبه تُعارض 12 منظمة لها مصلحة بالحد من انتشار السلاح.
ـ يساند الحزب الديمقراطي السيطرة على تملك الأسلحة، وفي برامجه يدعو إلى السيادة الرسمية عليها، إلا أن الحزب الجمهوري يعارض الهيمنة عليها! ولهذا، أصبحت “إدارة الأسلحة” إحدى القضايا المفصلية في الشعارات الانتخابية الرئاسية والكونغرس، وعاملاً مهمًا في تحديد كسب أو خسارة الانتخابات كما يرى الأمريكيون.
(“الاتحاد القومي..) منظمة تُعرف بأنها أقدم وأكبر هيكلية لحماية الحقوق المدنية في الولايات المتحدة، وكان ثمانية من أعضائها رؤساءً للولايات المتحدة. وفي السنوات الأخيرة، أعاقت مجموعات المصالح الأمريكية المناهِضة للسيطرة على تلك الأسلحة؛ والتي يمثلها الاتحاد القومي الأمريكي للأسلحة؛ جميع قوانين الرقابة على تَمَلّك الأسلحة، مما جعل السيطرة على الأسلحة في الولايات المتحدة أمرًا صعبًا.
ـ في الأخبار، أن “الاتحاد القومي الأمريكي للأسلحة” تبرع بأكثر من 50 مليون دولار لدعم الحملات الانتخابية للرئيس الأسبق دونالد ترامب، ولغيره من المرشحين الجمهوريين في مجلس الشيوخ في الانتخابات الرئاسية لعام 2016. وهو ما يكشف الخبايا الرئاسية لترامب وتحالفاته مع أصحاب رؤوس الأموال وتنفيذ سياساتهم ومصالحهم داخل بلاده وخارجها أيضًا، واللبيب من الإشارة يفهم.

قد يعجبك ايضا