البنك الدولي يحذر الأردنيين من «المزيد من الفقر» و«صدمات» محتملة

5٬017
الشعب نيوز:-

خلافاً لكل التوقعات التي أشار إليها مراقبون وخبراء اقتصاديون، لم يصدر أي تعليق رسمي عن الحكومة الأردنية وطاقمها الاقتصادي بعد التقرير الأخير المثير الذي أعلنه البنك الدولي وحذر فيه الشعب الأردني وبجميع مكوناته من «صدمات محتملة» كما سماها، قادمة في الطريق دون الكشف عن الماهية التفصيلية لتلك الصدمات.

وتوقع تقرير دوري عن نسبة الفقر في العالم أن يزداد عدد الفقراء والمعوزين في الأردن خلال السنوات المقبلة، معتبراً أن الظروف قد تصبح أسوأ أو مماثلة لما حصل خلال عامي الفيروس كورونا.

وحذر البنك الدولي في تقريره بطريقة لافتة للنظر من كمائن ومطبات في الطريق ومن زيادة رقعة الفقراء في المجتمع الأردني في الأيام المقبلة. وبدا واضحاً للعيان أن البنك الدولي في تقريره المثير لم يتقدم بأي بيانات أو شروحات.

لكن اللافت أكثر أن الطاقم الاقتصادي برئاسة الوزير ناصر الشريدة لم يصدر عنه أي تقدير موقف لهذه البيانات والتوقعات الخاصة بالبنك الدولي، في الوقت الذي يرتفع فيه مستوى التضخم الاقتصادي في البلاد وترتفع أسعار الخدمات والسلع بطريقة غير مسبوقة. ويخشى الأردنيون من تقلبات في الظروف الاقتصادية وتآكل المعيشة وتراجع في القيمة الشرائية للدينار. ويبدو أن الأزمة الاقتصادية يمكن القول إنها لم تصل للذروة التي يقصدها البنك الدولي حتى الآن.

ولم يعرف بعد ما هو قصد البنك الدولي من تخويف الرأي العام الأردني أو على الأقل تجهيزه لمرحلة صعبة قادمة، حيث لا تعليق ولا توضيح ولا بيان من الحكومة ولا طمأنة في هذا السياق بطريقة ملحوظة، علماً بأن البنك الدولي كان قد أعلن واعتبر ذلك على المستوى الوزاري إنجازاً للحكومة الحالية عن استعداده لجولة المفاوضات السادسة.

وصدرت تحذيرات البنك الدولي في الوقت الذي أعلنت فيه دائرة الإحصاءات العامة في أن عدد سكان الأردن بدأ يزيد عن 11 مليون إنسان ما بين مواطنين ومقيمين، الأمر الذي يشكل ضغطاً عنيفاً على البنية التحتية وتزايداً في احتمالات ارتفاع أسعار الخدمات والسلع.

وكان أبرز المعلقين على حيثيات تقرير البنك الدولي وزير اسبق، الذي اعتبر أن ورود اسم الأردن سلبياً في تقرير تقيمي حول زيادة رقعة عدد الفقراء في العالم عموماً هو محطة سلبية جداً تؤشر على السياسات غير الحكيمة التي تتخذها الحكومة، وعلى قصور الإجراءات. وكان سياسيون بالجملة أو اقتصاديون وخبراء قد انتقدوا غياب رؤية تكاملية ناضجة عند الطاقم الوزاري في الحكومة الحالية في الملف الاقتصادي تحديداً.

وتعتبر الأوساط السياسية والإعلامية أن الطاقم الاقتصادي الحالي يتلقى انتقادات حتى من داخل أروقة الدولة والحكومة ومؤسسات القرار، بسبب قصور الخطط التنفيذية والإجرائية التي تم تحضيرها ضمن مسار وثيقة التمكين الاقتصادي في البلاد. ولم تعرف بعد طبيعة المقاربة الاقتصادية السياسية الإقليمية المطلوبة من الأردن حتى ينفذ من عنق الزجاجة، على حد تعبير رئيس الوزراء الأسبق الدكتور هاني الملقي.

ومن غير المعروف أيضاً ما إذا كان الضغط الاقتصادي على الأردن وتركه دون معونات ومساعدات حقيقية تحدث أثراً فاعلاً في الدورة الاقتصادية وتنشيطها، هدفاً تجمع عليه بعض الأطراف الدولية والإقليمية المهمة، وخصوصاً العربية أم أنه مجرد صدفة ناتجة عن تحولات درامية في الموضوع الاقتصادي والنقدي والاستثماري على المستوى الإقليمي والعالمي.

لكن في كل الأحوال، الصعوبات التي يواجهها المواطن الأردني وفقاً لتقدير البنك الدولي قد تصبح أقسى لاحقاً، لكن تلك القسوة يفترض أن تبددها مسارات التمكين الاقتصادي التي وعدت بقدر من الاسترخاء وبتحصيل مليون فرصة عمل خلال عشر سنوات، وبجذب استثمارات تزيد على 10 مليارات دولار خلال السنوات العشر المقبلة، وهو هدف وصف مبكراً بأنه طموح للغاية وغير واقعي، لا بل رومانسي في كل الأحوال.

وتلك الرومانسية، في رأي الوزير السابق والخبير الاقتصادي البارز الدكتور محمد الحلايقة، ليست هي المقاربة الأمثل للتعامل مع الحقائق والوقائع على مستوى دور ونشاط البيئة الاقتصادية الأردنية في ظل التقلبات الإقليمية.

واعتبر في وقت مبكر أن الطموحات المبالغ فيها بعيداً عن الواقعية في القراءة والتشخيص قد تصبح جزءاً من المشكلة لاحقاً، معتبراً أن السياسات الحكومية تحاول وتناضل لتأسيس المقاربات، لكنها قد لا تكون في مستوى الإنتاجية المطلوبة.

ويعتبر تنشيط الوضع الاقتصادي من المسائل المختلف عليها والمثيرة للتجاذب بين النخب الأردنية بصيغة غير مسبوقة، في الوقت الذي لم يعرف فيه سبب من أي صنف يفسر بقاء طاقم اقتصادي تقريباً لا يتحرك ضمن أي خطة واضحة من أي نوع في الاتجاهات المرتبطة بجذب الاستثمارات أو بتأسيس شراكة حقيقية ومنتجة مع القطاع الخاص.

ويبقى وجود الطاقم الاقتصادي وعدم المبادرة إلى تغيير المقاربة والأدوات في المشهد الاقتصادي من الألغاز العصية على الفهم على الأقل لأوساط النخب والصالونات السياسية.

القدس العربي

قد يعجبك ايضا